مر الإعلان عن القائمة الطويلة لجائزة البوكر العربية، منذ أيام في هدوء شديد، بعكس ما حدث العام الماضي، حينما دارت معارك وثار جدل كبير، وتباينت ردود الفعل عقب الإعلان عن القائمة الطويلة، فهناك كتاب مصريون هاجموا الجائزة بسبب استبعادها لهم، بعدما قيل من وجود صفقة أتمها أحد أعضاء لجنة تحكيمها لضمان فوز كاتبة لبنانية، وهناك من قدم استقالته من لجنة التحكيم بعد التشكيك في معايير اختيار الأعمال الفائزة. وكانت هذه الأجواء التي تصيب الجائزة في مصداقيتها، هي السبب الرئيسي الذي دفع عددا من الكتاب المصريين لإعلان رفضهم الترشح للجائزة، ومنهم الروائي جمال الغيطاني الذي علّق في تصريحه لإحدي الصحف الخاصة قائلا "ميصحش الكتاب يعرضوا نفسهم بالشكل غير اللائق ده، وفي الآخر يلاقوا نفسهم بيتهزأوا، وأنا شخصياً مش عاوز أتهزأ، والآن يسود الهدوء والصمت علي الساحة الأدبية عقب إعلان القائمة التي ضمت ثلاثة من الكتاب المصريين وهم ميرال الطحاوي وخالد البري وخيري شلبي، ما دفعنا للتساؤل هل هو هدوء مؤقت يسبق عاصفة انتقادات قادمة؟ أم أن الجائزة فقدت بشكل نهائي مكانتها وتأثيرها في الوسط الأدبي المصري. الروائي إبراهيم عبد المجيد، الذي كتب العديد من المقالات العام الماضي ليشكك في مصداقية الجائزة بعدما استبعد من قائمتها الطويلة، قال: نحن بحاجة إلي وقت كي ننسي ما حدث العام الماضي، ولا أدري أسباب الهدوء السائد الآن عقب إعلان القائمة الطويلة، وإن كانت الأسماء والأعمال المختارة جيدة، كما أن القائمة هذا العام "مش بطالة"، علي الرغم من أنني لا أعرف من قدم فيها من الأساس. أما الروائي أحمد صبري أبو الفتوح الذي استبعد هو الآخر العام الماضي فقال: باستثناء أن القائمين علي الجائزة اختاروا رواية عمنا خيري شلبي، فهي جائزة فاشلة، سقطت في اختبار الجدية والنزاهة والشفافية عند المبدعين الذين يكتبون أدبا حقيقيا، أعتقد أنها جائزة جردت فظهر أنها فاسدة، و أنا موافق علي كلام جمال الغيطاني حولها، فهي جائزة فاشلة ومغرضة، يقدمها مجموعة من الممولين الذين يهدفون إلي وأد الأدب العربي الحقيقي، والمطلوب من كل شخص أن يكتب رواية عن الشذوذ والسحاق، والعلاقات الشاذة، واللاوطنية، وعن أي شيء يهدم كيان المجتمع العربي كي تلفت روايته الأنظار، إنما الرواية التي تقدم أدبا حقيقيا لا يأبهون لها أو يكترثون. وأكمل: أي مبدع لا يشرفه التقدم لهذه الجائزة، وليس سارا أنه قد تم الإعلان قبل ثلاثة أشهر أن المغرب سوف تأخذها هذا العام، وهذا شيء منحط، ما حدث العام الماضي، ينبئ أن هؤلاء قوم فاشلون وأن المسألة مقيتة، ومن الأفضل للمبدعين أن يبتعدوا عنها، كما أن كل الروايات التي فازت عدا عزازيل لم تكن تستحق. وأضاف: كنت أعتقد أنها يمكن أن تتعافي، و لكن ثبت لي بالدليل إنها لا يمكن أن تتعافي، وأي رواية تكتب وتتجرأ علي التابو والمحرمات تصبح هي الكتابة المطلوبة، وهذا شيء خطير، ليس من الناحية الأخلاقية، وإنما من نواحي أخري تتوافق مع أهواء من يريحهم أن يكسر الأدب العربي التابوهات. من جانبه علّق الناقد الدكتور محمد بدوي، قائلا: لازلنا في البداية بعد، فهذه هي القائمة الطويلة، كلما تقلصت القائمة، كلما زاد التوتر، ومن الممكن أن تحدث مشاكل، ولعل أحد أسباب الهدوء أن الروايات المرشحة قد صدرت لتوها، فلم يقرأها معظم الناس بعد، وحتي من قرأوا لا يستطيعون أن يدلوا برأي، فأنا مثلا لم أقرأ من الروايات المصرية الثلاث المرشحة علي القائمة الطويلة سوي رقصة شرقية لخالد بري، وحتي لو سألتيني عن رأيي فيها، لا أستطيع أن أقول.. وأكمل: البوكر جائزة مهمة، ولكن مشكلتها أنه لم يصبح لها تقاليد بعد، ولم تستقر، و في رأيي من المفترض أن نحرص علي أن تظل موجودة، ونطور من أدائها لا أن نهدمها فعمرها لم يتجاوز الثلاث سنوات، ومن حصلوا عليها حتي الآن ثلاثة كتاب معقولين هم بهاء طاهر، ويوسف زيدان، و عبده خالد، والأخير لم أقرأ روايته، ولكني أعرف أنه يكتب جيدا، إذا هي جائزة مفيدة.