حمل المرجع الإسلامي الإمام حسين المؤيد، رئيس التيار الوطني العراقي، الولاياتالمتحدةالأمريكية المسئولية الكاملة من كل ما نجم من كوارث حلت بالعراق وشعبه، مؤكدًا في حوار خاص ل«روزاليوسف»، عبر الهاتف من عمان، أنها تعارض أي تسوية لإنقاذ الشعب العراقي من أحداث العنف. وأشار الشيخ المؤيد إلي دور جامعة الدول العربية موضحا أنه يتأثر بمدي إيمان الدول العربية بهذا الدور، وأكد نموذج التعايش الإيجابي في مصر بين المسلمين والمسيحيين، لافتا إلي عدم إمكانية وجود فتنة نتيجة لهذا التعايش. مع استمرار أزمة تشكيل الحكومة العراقية، وفي ظل تصاعد أعمال العنف، ما هو الحل للخروج من الوضع الراهن؟ - بعد احتلال العراق، وعقب إطلاق العملية السياسية، التي كانت في حقيقتها إفرازًا للاحتلال، كانت لي رؤية حول الأزمة الكارثية في العراق، وكان لي تشخيص لأسباب الأزمة. وحين كتبت مشروع الميثاق، الوطني العراقي ، الذي أعلنته في القاهرة منذ سنوات، ذكرت أسباب الأزمة وعلي رأسها الاحتلال، وما أوجده من تداعيات خطيرة، أهمها سلب السيادة العراقية وتفكيك الدولة، وهندسة وبناء وضع سياسي جديد له مفاعيله المجتمعية بعيدًا عن إرادة الشعب. وكان مشروع «الميثاق الوطني» ورقة عمل لمعالجة هذه الأزمة الكارثية في العراق، وقد لاقي حينها تأييدًا من قوي وشرائح سياسية ودينية واجتماعية كثيرة.. إلا أن الإدارة الأمريكية كانت، وماتزال، مصرة علي تحريك العملية السياسية بما يتوافق مع مصالحها هي، وليست مصلحة الشعب العراقي في الاستقرار والأمن. معني ذلك، أن الولاياتالمتحدةالأمريكية برأيكم هي المسئولة عن استمرار أزمة العراق بهذا الشكل الذي نراه الآن؟ - نحن نحمل الولاياتالمتحدة المسئولية الكاملة عن كل ما نجم من كوارث حلت بالعراق وشعبه.. فالاحتلال الأمريكي سعي من أجل جملة من الأهداف، فمن جهة حقق لإسرائيل ما كانت تصبو إليه من إخراج العراق من ساحة الصراع، بالقضاء علي مقومات القوة العراقية، ومن جهة أخري، قام بتفكيك بنية العراق، وتغيير المعادلة السياسية، وحول العراق إلي «دولة المكونات الطائفية». وأسس، هكذا، لنموذج يريد تسويقه إلي بلدان أخري في العالمين العربي والإسلامي، وإضافة إلي إرهاب كثير من دول العالم عبر التلويح بالقوة العسكرية والتهديد بشبح الاحتلال. كيف تفسر اتهامات «القاعدة» لأقباط مصر.. وهل تري أن هناك «فتنة» حقًا؟ - أولاً، اتهامات هذا التنظيم الإرهابي باطلة، وإذا أخذنا بعين الاعتبار نموذج التعايش في مصر، وهو نموذج إيجابي، وإذا أدركنا المخزون الوطني والعروبي للشعب المصري، فإننا لا نري إمكانية للفتنة في مصر، إنما القلق من المؤامرات الخارجية التي تسعي لخلق فتنة في مصر لتحقيق أهداف معينة. إذن.. ما هو تقييمك للفضائيات التي تسعي إلي تحريض الطرفين؟ - القنوات الإعلامية هي من الوسائل ذات التأثير المزدوج، والجهات التي تسعي إلي إحداث الفتنة تعمل علي توظيف هذه القنوات.. ومن هنا، فإنني أدعو إلي وضع حد لاستغلال القنوات بهذا الاتجاه، وتشجيع القنوات والبرامج التي تعمل علي تقوية التماسك الاجتماعي وتنمية الحس الوطني. إذا انتقلنا إلي الشأن العربي.. ما هو تقييمك لدور جامعة الدول العربية في المشكلات التي تعترض العالم العربي؟ - لا شك أن الجامعة العربية قامت بأدوار لا يستهان بها باتجاه حل هذه المشكلات، ولذلك، فإن تقييم «الجامعة» يجب أن يأخذ في الاعتبار نقطتين: الأولي، عدم قصر النظر عن التفاصيل والجزئيات، وإغفال الخط العام، مما يعني إدراك حجم الخسارة فيما لو لم تكن الجامعة العربية موجودة في هذه المشكلة أو تلك. - الثانية، إن جامعة الدول العربية هي، في المحصلة النهائية إطار جامع للدول العربية، وبطبيعة الحال، يتأثر دورها بمدي إدراك، الدول العربية بدورها. ودعني أقول إن التوحد العربي هو الآن «ضرورة» أشد مما مضي، لأن الأمة تواجه ضرب الهوية من جانب ورسم خريطة جديدة لها. وماذا، إذًا، عن طبيعة العلاقة الحالية بين مسلمي العالم العربي من سنة وشيعة؟ - منذ كان هناك سنة وشيعة بالمعني المدرسي، فإن العلاقة بينهما اتسمت بالجدلية، وقد كلفت جدلية العلاقة تلك، الأمة الكثير، وأرهقتها. وإذا لم توضع آليات لإدارة الاختلافات يلتزم بها الجميع، فإن «جدلية العلاقة» ستبقي مصدر قلق وربما خطر في جسد الأمة. وفي رأيي، لابد من تنظيم العلاقة «السنية - الشيعية» في إطار التوحد العربي والإسلامي، وفي ضوء مجموعة من الضوابط والقواعد، أهمها: أن كل مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، ويلتزم بالرسالة الإسلامية، فهو مسلم لا يجوز تكفيره. أيضا، إزالة الحواجز النفسية التي تقف عائقًا أمام انفتاح المسلمين علي بعضهم البعض علي قاعدة «إنما المؤمنون إخوة».