بقلم : امنية النقاش منذ بدايات عام 2002، والرئيس مبارك يعد بتعديل النظام الانتخابي القائم، إلي نظام انتخابي جديد، يستهدف توسيع مشاركة الأحزاب والقوي السياسية في المجالس التمثيلية، وقد جدد الرئيس هذا الوعد في برنامجه للانتخابات الرئاسية في عام 2005، وجاءت التعديلات الدستورية في عام 2007، لتحول هذا الوعد إلي حق دستوري بالتعديل الذي أدخل علي الفقرة الثانية من المادة 62 من الدستور، التي نصت علي أنه يجوز «أن يأخذ القانون بنظام يجمع بين النظام الفردي ونظام القوائم الحزبية بأية نسبة بينهما يحددها، كما يجوز أن يتضمن حدا أدني لمشاركة المرأة في المجلسين». والتفسير المنطقي لهذه المادة هو أن يتعدل نظام الانتخابات الفردي القائم، إلي نظام القائمة النسبية بما يكفل تمثيلاً معقولاً للأحزاب الصغيرة وللمرأة في المجالس النيابية، ويحصر التنافس في الانتخابات في البرامج السياسية لا الأشخاص وليس سرا أن نواب الحزب الوطني الحاكم، قد قاوموا بشدة اتجاها بداخله لإلغاء نظام الانتخابات الفردي، لإدراكهم أن العوامل التقليدية، الأسرية والقبلية والجهوية والمال السياسي، هي التي تتحكم في نتائجه، وربما جاءت المقايضة في شكل التغاضي عن الهدف الأصلي لهذا النص الدستور الذي يقضي بتعديل النظام الانتخابي، في مقابل موافقة النواب علي قانون الكوتة النسائية، الذي يحدد 64 مقعدًا للمرأة، لفصلين تشريعيين فقط ينتهيان في انتخابات 2020، مرر الحزب الوطني قانون الكوتة بأغلبيته الميكانيكية في البرلمان دون أن يعني، كما هي العادة، بطرحه للحوار المجتمعي، مكتفيًا بالمساندة المعنوية الهائلة من المجلس القومي للمرأة، وساق الذين دافعوا عن قانون الكوتة مبررات يسهل الرد عليها، بينها أن مصر تأخرت كثيرًا عن غيرها من الدول في إقرارها والأخذ بها، وأنها الوسيلة الوحيدة لتدريب النساء علي خوض المعارك الانتخابية، وأن المرأة هي الأكثر قدرة علي التعبير عن مشاكل النساء من غيرها. ومع أنني مع التمييز الإيجابي الذي يحفظ للمرأة وغيرها من الفئات الضعيفة في المجتمع الحق في تمثيل عادل في المجالس النيابية، إلا أنني لا أري أن الكوتة هي النموذج الأمثل لتحقيق ذلك، فهي أولاً ليست معيارًا للتقدم، فالدول الاسكندنافية أخذت بنظام الكوتة لتقر واقعًا سياسيًا، كانت المرأة تتفوق فيه في المنافسة في الانتخابات العامة، وموريتانيا تأخذ بنظام الكوتة بينما يجري تصنيفها في سياق الدول المتخلفة، والولايات المتحدةالأمريكية، لا تأخذ بنظام الكوتة فيما كانت امرأة تنافس علي خوض انتخابات الرئاسة الأمريكية، كما أنه ليس صحيحًا أن المرأة، أي امرأة، هي الأقدر علي الدفاع عن حقوقها، فالقضية ترتبط بالأساس بمسألة الوعي، وبمراجعة الأداء البرلماني للنساء في مجلس الشعب خلال العقود الثلاثة الأخيرة، سوف نكتشف معارضات نسائية لقوانين تنصف المرأة، فضلا عن اتصاف تلك الفكرة بعدم الانصاف، والتناقض مع حقائق تاريخية معروفة تبرز تصدر مفكرين رجال من بدايات القرن الماضي ومن قبلها للدفاع عن حقوق النساء في العمل والتعلم والسفور واختيار شريك الحياة. قانون الكوتة اجتزأ التعديل الدستوري للمادة 62، وتحايل علي وعد النظام بتعديل النظام الانتخابي الفردي الذي يكاد يختفي من معظم دول العالم نظام القائمة، ولدي مجلس الشعب منذ نحو عقدين مشروع قانون تقدم به باسم حزب التجمع خالد محيي الدين - امد الله في عمره - لتعديل قانون مباشرة الحقوق السياسية، يشمل تعديلا للنظام الانتخابي ليصبح بالقائمة النسبية المفتوحة وغير المشروطة، التي يمكن أن توضع فيها المرأة في موقع متقدم، ويواجه تعدد المطالبات بكوتة من غير النساء وقبل هذا وذاك يقوي الحياة الحزبية ويرسخ أسس الديمقراطية الحقيقية طبقا لمعاييرها الدولية، ويحدث النظام السياسي المصري، ويرفع من مستوي وعي الناخب الذي سيصبح عليه الاختيار آنئذ بين البرامج السياسية لا بين الأشخاص، ويخرج الحياة السياسية من ركودها، ويمنع العمل خارج اطرها، ولم نكن صدفة أن انتخابات عام 1984 التي تمت بالقائمة المطلقة، وانتخابات 1987 التي تمت بالجمع بين النظامين النسبي والفردي، قد شهدت اكبر تمثيل للمعارضة في البرلمان. اصبحت الكوتة قانونا، ولم تستجب الحكومة لكل مطالبنا لتوفير الضمانات الكاملة لنزاهة الانتخابات ومع ذلك يواصل التجمع المعركة من أجل تعديل قانوني مجلس الشعب ومباشرة الحقوق السياسية، لتعديل النظام الانتخابي إلي القائمة النسبية غير المشروطة، ومن أجل توفير جميع الشروط لنزاهة العملية الانتخابية، وفي نفس الوقت يخوض الانتخابات بنحو 80 مرشحا في 22 محافظة، بينهم عشر مرشحات 9 منهن ينافسن علي مقاعد الكوتة النسائية، في مراهنة علي حفز جماهير الناخبين علي المشاركة في التصويت، وعلي أشواقهم العارمة نحو التغيير، حتي يتسني للتجمع بمشاركة كل القوي الداعية للاصلاح في مصر، أن تنهي احتكار الحزب الوطني للحياة السياسية، ليصبح طرفا بين أطراف أخري وليس الطرف الوحيد، لتكسب بذلك الحياة السياسية، ويكسب النظام السياسي المصري معركة تحديثه. نائب رئيس حزب التجمع