أدانت الكاتبة سلوي بكر أن الخطابات الرسمية والشفاهية الشعبية الموجهة للمرأة مشيرة إلي أنها تعمل ضدها، بل تجعل هذه المجتمعات متعسرة علي مستوي النقد، لأنها مجتمعات عرجاء تسير بقدم واحدة، تهمش جماعة ضخمة جدا من أبنائها لأسباب نوعية بيولوجية. جاء ذلك خلال الندوة التي عقدتها ورشة "الزيتون" لمناقشة كتاب "المرأة في المخيال الجمعي" لأحمد عبد الحميد النجار، وأضافت بكر: "لابد أن نناقش ما تقدمه مشروعات الحداثة المتعلقة بالمرأة الآن، إن وجدت، وأن نتأملها في سياقها، وسنكتشف أن خطاباتها لا تبعد كثيرا عن خطابات الدولة، والخطابات التي تبدو راديكالية في بعض جوانبها السياسية والاجتماعية عموما. وأشارت بكر إلي أن الجزء الأول من الكتاب جذبها إلي منطقة لم تهتم بها شخصيا وهي فكرة "المخيال"، وإن رأت أن هذا المصطلح، أكثر دقة وتعبيرا من مصطلحات أخري، وقالت: حاول الكاتب أن يثبت وجود مسافة بين الخطاب الشفاهي الشعبي وبين الخطاب الديني المنتشر عبر حلقات الوعظ والخطب وتسجيلات وشرائط الدعاة الجدد وقنواتهم التليفزيونية والفضائيات، وهو الخطاب الديني الذي يتوجه لناس معظمهم من الطبقات الدنيا ومحدودي الثقافة والتعليم، كما يميز الكاتب بين هذا الخطاب والخطاب الرسمي المتداول من خلال السلطة الثقافية وأجهزتها ومؤسساتها. وأكملت: انتقل المؤلف إلي تحليل هذه الخطابات مستندا إلي ما هو حداثي وما بعد حداثي، ولكن هناك سؤالاً بالغ الأهمية وهو ما الهدف من نقد هذه الخطابات؟، ولهذا فإن جهد المؤلف في الكتاب لم يوضع في سياق اجتماعي سياسي، وكأن هذه الخطابات هبطت علينا من السماء، وليس نتاج ماهو سياسي واجتماعي واقتصادي ليس في مصر فقط وإنما في المنطقة كلها. وقالت بكر: أتمني أن يقوم الباحث في تجربته بنقد خطابات الحداثة المتعلقة بالمرأة؛ فالأبحاث الجادة في مسائل المرأة مستبعدة، وما يجب أن ننشغل به الآن هو سؤال النهضة؟. وقال الباحث حسن سرور، مدير تحرير مجلة "الفنون الشعبية": الكتاب أراد أن يؤكد أن البناء الاجتماعي المصري ثابت ومستمر ولم يتغير، فنفس المفاهيم التي قدمت في القرون الوسطي الإسلامية هي مازالت فاعلة الآن عبر خطاب التيار السلفي، متمثلا في مطبوعاته، كتيباته، شرائطه، وكتبه، وتساءل سرور أين الجزء الميداني الموجود في الكتاب والذي يتحدث عن وضع المرأة ؟ وقال: هذا يجعل البحث نخبويا علي الرغم من أنه ضمنيا يهاجم النخبة التي لم تحقق مشروع الحداثة. وأكد الناقد سيد الوكيل أن النجار كان واعيا بالفرق ما بين الأدب الشفاهي، والأدب الهامشي الذي يعد نمطا من الكتابة الأدبية الخارجة عن التصنيف الرسمي، وتناول منطقة المخيال التي تقع بين الأدب الشفاهي، وبين الأدب المدون والمكتوب. ورغم إشارته إلي وجود مشكلة في البنية الثقافية، أشاد الدكتور حمدي سليمان بجرأة المؤلف في تقديم كتاب يعتبر جديدا في مجال الدراسة الأكاديمية، كما أكد الناقد مدحت صفوت أن مهمة الكتاب هي "الفضح"، لما يقوم به من تحليل الخطاب الموجه للمرأة وضدها، وقال: الثنائيات التي ارتكز عليها الباحث والتي تدعي إصلاح المجتمع في حقيقتها تنظر للمرأة علي أنها عورة لابد من سترها.