جولة الرئيس أوباما خارج الولاياتالمتحدة، التي يزور فيها كلا من: الهند وإندونيسيا وكوريا الجنوبية واليابان، هي الأطول منذ انتخابه رئيسا حيث تستمر ثمانية أيام من 6 - 14 نوفمبر الجاري. توقف الرئيس أوباما في الهند كأول محطة في جولته الآسيوية " تبرز أهمية العلاقة الهندية الأمريكية والتوقعات المحتملة منها."، ناهيك عن أن نصيب الهند وحدها من هذه الزيارة ثلاثة أيام بين 6 و9 نوفمبر. الولاياتالمتحدة، كما يقول «مايك فرومان» نائب مستشار الأمن القومي للشئون الاقتصادية الدولية، تري في الهند " سوقا كبيرا"، 1.2 بليون نسمة من السكان، واقتصادا يتوقع له أن يحقق نموا سريعا بنسبة 8 بالمئة خلال السنوات القليلة المقبلة. صادرات الولاياتالمتحدة (من البضائع) إلي الهند، زادت بمقدار أربعة أضعاف إلي ما قيمته 17 بليون دولار خلال السنوات السبع الماضية، كما ضاعفت صادرات خدماتها بمقدار ثلاثة أضعاف إلي نحو 10 بلايين دولار سنويا، في المقابل أصبحت الشركات الهندية هي ثاني أسرع مجموعات الاستثمار نموا في الولاياتالمتحدة، إذ تدعم 57 ألف فرصة عمل أمريكية. لكن.. هل هذه هي مقاصد الهند أيضا من هذه الزيارة؟ «جاسوانت سينغ » وزير العمل السابق، الذي شغل مناصب وزارية عديدة منها: الخارجية والمالية والدفاع، وهو الآن عضو معارض في البرلمان الهندي، كتب مقالا بعنوان «أوباما في الهند»، في موقع «سيندكت بروجكت» تساءل فيه بذكاء شديد: «لماذا نحدد للزيارة مقاصد محددة ؟ يكفينا التوجهات»... ففي ظل التوجهات الجديدة في العلاقات بين الهند والولاياتالمتحدة، لابد أن يتبع ذلك السعي إلي مقاصد جديدة. «سينغ» قلل من الأهمية الاقتصادية لهذه الزيارة، أو قل (تظاهر بذلك)، ورأي أن "الحليفين الطبيعيين" يجب أن يركزا علي كل ما تمكنا من إنجازه معاً منذ عام 1998، من أجل رسم خريطة للمستقبل، فاليوم تقوم العلاقة بين الطرفين علي (التكافؤ)، وبالتالي فإن مصالح البلدين الوطنية لابد أن تكون متوافقة فيما يتصل بكل شيء بداية من باكستان إلي تغير المناخ، مرورا بتوقيع الهند في 27 أكتوبر الماضي، علي اتفاقية التعويض عن الأضرار النووية التي تحكم المسئولية القانونية الدولية. «إن الجوار المحيط بالهند يتسم بعدم الاستقرار، ولقد دخلت أمريكا هذا الجوار دون أن تستوعب العواقب الكاملة لدخولها، سواء بالنسبة للهند أو البلدان المجاورة لها. ويتعين علي الولاياتالمتحدة أن تدرك، كما يقول سينغ، أن البلد شبه القاري الذي يأوي أكثر من مليار نسمة لا يمكن أن يظل محصوراً ضمن حدود "جنوب آسيا". ويتعين علي الولاياتالمتحدة أن تتقبل وأن تناقش بصراحة العواقب الضارة المترتبة علي التوسع المفرط لقوتها العسكرية والدبلوماسية والسياسية، في إطار هذه الحرب البعيدة التي دفعت المنطقة إلي مأزقها الحالي البغيض». ناهيك عن أنه من غير الحكمة - حسب تعبير سينغ - أن تعرض الولاياتالمتحدة طواعية علي الصين الاضطلاع بدور في إدارة شئون المنطقة التي تضم الهند ذاته. والواقع أن تصريحات الرئيس أوباما خلال زيارته العام الماضي للصين أغضبت الهند بشدة، إذ قال: «ان الصين ستلعب دورا استراتيجيا في آسيا والعالم»، وهو ما اعتبرته الهند وقتئذ تهديدا مباشرا لها، خاصة أن هذا الدور في (آسيا) يعود إليها وحدها، كما كان من غير اللائق أن يتحدث الرئيس أوباما عن الصين (وهي الخصم والحكم في نفس الوقت) بوصفها قادرة علي الاضطلاع بدور في ( كشمير ) محل الصراع بين الهند وباكستان. لكن إذا كان في السابق يمكن الحديث عن تحالف أمريكي هندي ضد الصين، أو تحالف أمريكي صيني ضد الهند، فإن الأوراق السياسية قد اختلطت في العام 2010 ، ولم يعد واضحا من سيتحالف مع من؟ طبعا من الممكن أن يتوحد الجميع للقضاء علي الإرهاب الدولي المتمركز في باكستان وأفغانستان، والجميع في هذه الحالة : أمريكا والهند والصين وكل العالم سيقف في خندق واحد.. وبالطبع ستكون هذه حادثة تاريخية مثالية لأنه من الناحية الواقعية: الصراعات تنخر في الجميع. المخاوف المشتركة بين «الحليفين الطبيعيين» فيما يتصل بباكستان وأفغانستان، ليست وحدها هي مربط الفرس، فهناك (إيران) الدولة المجاورة التي تربطها بالهند علاقات تاريخية (سلسة)، من الناحية الاقتصادية والثقافية، إذ سيحرص أوباما علي التعرف علي نوع المساعدة التي يمكن أن تقدمها الهند للولايات المتحدة، خاصة فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني.. وأشياء أخري.