ما زالت ردود الفعل المتباينة حول قرار إغلاق بعض القنوات الفضائية التي كانت تبث برامجها من خلال القمر الصناعي المصري «نايل سات»، والذي تعرضنا للحديث عنه في المقال السابق. ومن خلال متابعتي لبعض ما نشر حول هذا القرار تسأل الكاتب الصحفي سلامة أحمد سلامة عن سبب تأخر شركة الأقمار الصناعية في اتخاذ مثل هذا القرار؟، علي الرغم من الشكوي المتعددة من هذه القنوات وحالة التسيب فيما تقدمه من تهديد للعقائد، وترويج للخرافات أو الدعوة للإباحية وهدم قيم المجتمع.. مؤكدا بأن الشكوي من هذه القنوات قديمة، ولم تتوقف منذ وقت طويل.. ليس نتيجة لما تثيره من فتن طائفية وتطاول علي المعتقدات وترويج للبدع وادعاء كاذب بعلوم الدين.. ولكن أيضا لما تروجه من الشعوذة والسحر. وقد باتت نقطة جذب للأدعياء والمتاجرين بالدين.. واستطرد: يكفي أن يطلق الواحد منهم لحيته ويسبل عينيه ويرتدي جلبابا وعمامة، لتكتمل مؤهلاته ويتقمص الدور الذي يستلب به عقول العامة والدهماء. وأضاف: لقد كان السؤال وما زال هو: لماذا أطلق العنان لهذه القنوات منذ سنوات دون إنذارات أو طلب الالتزام بنصوص التعاقد؟ ولماذا وضعت في سلة واحدة مع قنوات أخري إخبارية. واقترن ذلك بقرارات صارمة لوقف حرية حركة وحدات البث المباشرة، وإخضاعها لتنظيمات تستهدف التحكم في دخولها وخروجها لتغطية الأحداث. وبعبارة أخري لتغطية الانتخابات المقبلة بوجه خاص! من ناحية أخري تسأل البعض حول تزامن قرار الإغلاق، مع قرار فرض قواعد صارمة للبث المباشر وكذلك فرض قيود جديدة علي خدمة وسائل المحمول الإخبارية. وتزامنت كل هذه الخطوات مع الجدل المتفجر في الساحة الإعلامية في مصر حول إقالة رئيس تحرير جريدة «الدستور» الخاصة عقب استقالته من تقديم برنامج حواري علي قناة إخبارية خاصة، ما أوحي بحملة للتضييق علي الإعلام الخاص قبل الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في 28 نوفمبر المقبل وكذلك الانتخابات الرئاسية التي تجري العام المقبل، ووسط حالة من الحراك السياسي، هدأت فجأة، للمطالبة بتعديل الدستور لتخفيف شروط ترشيح المستقلين. في نفس الوقت أعلن إسلاميون أصوليون مصريون مبادرة لإطلاق «قمر صناعي إسلامي»، في معرض احتجاجهم علي الإجراءات التي اتخذتها السلطات الإعلامية المصرية في مواجهة بعض القنوات الدينية مؤخرًا، في الوقت ذاته الذي أعلن فيه مسئول قناة «الناس» الفضائية، التي أغلقت مؤخرًا، تخلي القناة عن ثوبها الديني وتبنيها خريطة برامج جديدة متنوعة.. كما أعلنت بعض القنوات الأخري التي تم إغلاقها عن إعادة البث من خلال أحد الأقمار الاصطناعية الأخري التي تقع في نفس المدار الذي يقع فيه القمر المصري «نايل سات». دعونا نتحدث بلغة العقل أولا وأكرر ما سبق وتحدثت عنه في مرات سابقة، وهو ما يتعلق بصفة خاصة بالإعلام الديني المقروء والمسموع والمرئي، والذي يمثل الغالبية العظمي من القنوات التي تم إغلاقها «بصفة مؤقتة» بحسب ما نشر في وسائل الإعلام. فهناك العديد منها يعتمد علي تقديم الفتاوي من خلال أشخاص بعينهم لا يمتون للمؤسسة الدينية بأي صلة، ويعتمدون فقط علي الزي الذي يرتدونه والحركات التمثيلية التي يقومون بها، في مقابل الآلاف من الدولارات أو الدنانير التي يحصلون عليها نتيجة لهث قطاع عريض من الشعب في مختلف بلدان العالم العربي أو من المقيمين خارجه، الذين يجرون اتصالات هاتفية مدفوعة الأجر للسؤال حول كل كبيرة وصغيرة تتعلق بحياتهم وآخراتهم، دون أن يحكموا هم عقولهم التي وهبهم إياها الله سبحانه وتعالي. وهكذا فإن إغلاق مثل هذه الفضائيات يعني إغلاق حنفية الدولارات لهؤلاء، وبالتالي نستمع إلي صيحاتهم هنا وهناك. وحسنا فعلت كل من المسؤسستين الدينيتين الإسلامية والمسيحية في مصر بالتأكيد علي أهمية أن تتناول الفضائيات الدينية بأي حال من الأحوال العقائد الدينية الأخري، وأن يقتصر دورها فقط علي تقديم كل ما يفيد الإنسان بغض النظر عن دينه أو عقيدته أو جنسه. أما من ناحية القنوات الإخبارية التي أرجع البعض قرار إغلاقها إلي قرب الانتخابات البرلمانية، ومن بعدها الرئاسية فقط اختلف مع هؤلاء لسبب بسيط ألا وهو عدد القنوات التي تم إغلاقها في مقابل القنوات التي ما زالت تعمل بكل حرية، وتبث برامجها ليس فقط علي القمر المصري، بل علي المئات من القنوات التي تبث علي الأقمار الأخري، وكلنا يعلم التقدم المذهل في وسائل التكنولوجيا الحديثة والتي تتمكن من تغطية الأحداث بصور مختلفة، وتبثها في ثوان معدودة إلي كل أنحاء العالم. أعتقد أن الموضوع أخطر من كونه إغلاق بعض القنوات هنا أو هناك. الموضوع يتعلق أساسا بأمن وسلامة وطن يضم بين جناحيه الملايين من البشر، تسيطر علي الأغلبية منهم الأمية الدينية أكثر من الأمية التعليمية، أما موضوع الانتخابات والتكهن بحدوث تزوير.. إلخ، فأقول: ماذا فعلت أحزاب المعارضة ومن يطلقون علي أنفسهم «إخوان» من مكاسب للوطن والمواطن سواء داخل المجالس النيابية.. الشعب والشوري، أو من خارجها علي الساحة العامة؟