استوقفتني منذ أيام تصريحات اعتبرتها غاية في الأهمية أطلقها وزير الأوقاف الدكتور محمود حمدي زقزوق حينما طالب الدعاة بعدم التشنج والصراخ فوق المنابر، وهو الأمر الذي نراه كثيراً بسبب ضعف بعض الدعاة الذين يعتبرون في تشنجهم إقناعاً للناس بما يقولونه ، اعتمادًا منهم علي قلة الثقافة وعدم الوعي الديني لدي المستمعين. وهذه لم تكن هي أولي الدعوات التي يطلقها وزير الأوقاف من أجل احترام الدعوة والخطاب الديني ، بل سبقها الكثير من التنبيهات والمحاضرات التي يلتقي فيها الدكتور زقزوق مع الأئمة ، ولكن للأسف ما زالت الأخطاء تتكرر لا سيما في الإدارات التي تقع في مناطق شعبية حيث يعتقد الناس أن الجهر بالصلاة عبر الميكرفون، وإسماع الداني والقاصي صلاة الجماعة هو أمر يدل علي الإيمان، وتحل بسببه البركة في المكان . وعلي الرغم من أن وزارة الأوقاف أصدرت تنبيهات رسمية لإداراتها المختلفة في جميع أنحاء الجمهورية تتعلق بعدم استخدام الميكرفونات إلا في الأذان والإقامة ، والمتابعة المستمرة للمساجد والزوايا لمنع المخالفات في بيوت الله .. إلا ان أغلب تلك الإدارات تتحرك فقط لمرة واحدة ثم تصمت. والغريب أن بعض هذه الإدارات تري أمامها السلبيات المتكررة في استخدام الميكرفونات ولا تتحرك حتي تأتي شكوي للوزارة أو تكتب وسيلة إعلامية عنها فتتحرك ليس لمنع الأمر وإنما لرفع تقرير للوزارة يقول إن ما ورد غير صحيح.. أو إن الشكوي إذا كانت من مجموعة تم التحقق منها واتخذ اللازم حيال الأخطاء الواردة، والأطرف أن بعض الإدارات في المناطق الشعبية تحاول تعريف الناس بمن شكاهم تعمدًا منها لإحراج صاحب الشكوي لاسيما إذا كان يقيم قريباً من المسجد الذي لاحظ فيه أخطاء. إن الناس بحاجة إلي دعاة مخلصين ينصحونهم بكيفية التعامل مع بيوت الله ، وألا ينساقوا وراء معلوماتهم الدينية البسيطة، والتي قد يشوبها أخطاء، ويجعلون بيوت الله عرضة لأهوائهم فيستعملون الميكروفونات في الجهر بالصلاة دون أن يعوا ان ذلك نهي عنه القرآن الكريم في قوله تعالي :" ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها" . كما أننا بحاجة إلي إدارات أوقاف لا سيما في المناطق الشعبية المنتشرة بالقاهرة لا يتعامل من فيها علي أنهم موظفون فحسب.. بل علي أنهم اصحاب رسالة ، ومسئولون عن حماية بيوت الله والدعوة بين الناس وإفهامهم صحيح الدين، يجوبون المساجد بشكل مفاجئ أثناء الصلوات خاصة الجهرية، وفي خطب الجمعة دون التعريف بانفسهم حتي يقفوا علي التجاوزات التي تحدث، وهو امر إن لم تقم به الإدارات من تلقاء نفسها فعلي وزارة الأوقاف أن تصدر قراراً به صيانة للدعوة، وارتقاء بدور المساجد. وكلمة حق .. إن وزير الأوقاف يتحرك بكل اخلاص لحماية بيوت الله من تجاوزات الكثيرين عامة وبعض الدعاة خاصة، لكن ما زال هناك دور مفقود يمكن أن تحققه ادارات الأوقاف إن عملت باخلاص وقامت بدورها الحقيقي تجاه بيوت الله.. واقترح ان يتم تدوير المواقع بين الإدارات المختلفة حتي نقف علي افضل العناصر التي يمكنها العمل بجد نحو حماية بيوت الله من التجاوزات، وتستطيع تنفيذ التعليمات التي لا تعبأ بها ادارات الأوقاف الفرعية لعلمها بأنه يكتفي بتقاريرها للوزارة .