بالرغم من طول مسيرته العملية والفنية، لم يحظ المصور المجري الأصل أندريه كيرتيز بما يستحقه ويتناسب مع فنه من شعبية وشهرة. فطوال حياته التي تميزت بالتنقلات العديدة بين المجر وفرنسا والولايات المتحدة ، كان كيرتيز هو أحد أهم من شكلوا فن التصوير الحديث في منتصف القرن العشرين ، وأحد رواد التصوير الصحفي ، وكان له تأثير كبير علي تطوير التصوير الفوتوغرافي محافظا برغم كل شيء علي استقلاله وتفرده في صنع ما سماه النقاد ب"التصوير الشعري"، فلم تكن صور كيرتز مجرد رصد للأحداث وإنما رؤيته الشخصية للأشياء والأشخاص وأحيانا الأرواح والحالة العاطفية للإنسان. وفي الذكري الخامسة والعشرين علي رحيل كيرتيز (1894 1985) يقام معرض "لعبة الكف" في عدة متاحف فنية أوروبية وهو معرض "استعادي" ضخم لمجمل أعماله تقريبا حيث تحتشد الصور الموزعة حسب المواضيع التي عالجها (المباني النيويوركية الضخمة، المواقد، الوحدة والإنسان في وحدته..). وللمرة الأولي يأخذ المصور كيرتيز حقه في إبراز موهبته الفذة عبر عرض لأكثر من 300 صورة تم الحصول عليها بالتنسيق ما بين "مؤسسة اندريه واليزابيت كيرتيز" (نيويورك) والميدياتيك للهندسة والتراث (باريس) التي تمتلك كل المجموعة التي وهبها كيرتيز بنفسه إلي وزارة الثقافة الفرنسية قبل رحيله ، وهي مجموعة الصور نفسها التي ضمها كتاب بعنوان "كيرتيز" وأصدرته دار هازان للنشر بنفس المناسبة وبتعلق من اثنين من الفنانين المتخصصين في التصوير الفوتوغرافي وتاريخه في مدرسة اللوفر الفنية وهما ميشال فريزو وأني - لور وانفربيك. ويعرض الكتاب أيضا الي مراحل حياة كيرتيز واضعا أمام أعين القارئ كافة التفاصيل التي أثرت في مساره الفني عبر مراحل: الأولي تتعلق بمساره الشخصي، ِثم طباعته لكتابه "باريس بعدسة كيرتيز" الصادر عام 1934 وفيه مجموعة رائعة للعاصمة الفرنسية في الثلاثينيات من القرن الماضي، أما المرحلة الثالثة من حياته فهي حين ركز في تصويره علي الإنسان والمشاعر الإنسانية وبشكل خاص موضوع الوحدة. أما المرحلة الأخيرة فهي الممتدة إلي تاريخ رحيله وهو المعروف بأنه عمّر كثيراً تحدث مراراً عن الموضوع ذاكراً بأن حياة الإنسان حين تتخطي التسعين عاماً (وهو تخطي التسعين بعام واحد) تكون علي مقدار من الخصوبة. وأعطي في تلك المرحلة صوراً في موضوعات غنية ومتنوعة نشرتها صحف ومجلات فنية عديدة آنذاك.