ما طبيعة الحياة بعد كرة القدم؟ كثيرون من اللاعبين غير قادرين علي الاجابة عن هذا السؤال. مع ذلك، من الممكن دوماً اتقان مهنة ما بعد الاعتزال أو حتي خلال مسيرة اللاعب الكروية، ولكن من الصعب الدخول في مجال الأدب والكتابة بعد الاعتزال نظرا لأن معظم لاعبي كرة القدم لم يكملوا مسيرتهم التعليمية.. ولكن الساحرة المستديرة عودتنا دائما أنه لا يوجد مستحيل.. ومن هذا المنطلق قام موقع الاتحاد الدولي لكرة القدم بالقيام بجولة أدبية في عالم الساحرة المستديرة نستعرضها معا في روزاستاد. الضعف أمام القلم في ألمانيا يبدو أن الدوليين القدامي يضعفون أمام القلم، حتي لو أنهم لايملكون موهبة الكتابة وهذا ما ينطبق علي حارس المرمي العملاق «أوليفر كانّ» فبعد كتاب «الرقم واحد»، و«النجاح يأتي من الداخل»، أصدر الحارس الدولي السابق كتابه الثالث في الأسواق تحت عنوان «ستصل» يوضح فيه كيفية الحصول علي ما تريد خلال معترك الحياة ويوفّر نصائح لعدم فقدان الثقة في النفس ولتحقيق الأهداف. ومن أفضل من أوليفر كان الحارس القديم الذي اختير أفضل حارس في العالم (في 1999 و2001 و2002) للحديث عن ذلك؟ وينبغي أن نقول إن لذة الكتابة مطبوعة في جينات حراس المرمي الألمان.. بعدما أصدر ينز ليمان مؤخرا كتاب «الجنون يسيطر علي الملعب»، وأبرز أولي شتاين موهبته في كتاب «استراحة الشوطين».. و«النتيجة بدون تنازل». العالم القاتل لكرة القدم شهدت الدولة الأم لكرة القدم «إنجلترا» بعض النجوم القدامي يستهلون مسيرة جديدة من خلال التفرغ للكتابة.. حيث كتب ستيف بروس، القائد السابق لمانشستر يونايتد ومدرب سندرلاند الحالي، ثلاث روايات بعناوين تتحدث عن نفسها: «مهاجم» و«قائد» و«مدافع». ويروي كتاب «مهاجم» قصة ستيف بارنز، وهو لاعب قديم ارتبط اسمه بقضية قتل حيث كان المشتبه الأول.. وهو شخص آخر يؤكد أن كرة القدم يمكن أن تكون عالماً قاتلاً. السيرة الذاتية قام نجم ليفربول الأوّل ستيفن جيرارد بمحاولة أدبية بدوره حيث يبرز كتابا «سيرتي الذاتية» و«أسرار دليل القائد ما وراء الشارة» في سجّله ضمن قائمة منشوراته. وهدفت سيرة ديفيد بيكهام الذاتية «حياتي»، إلي تعريف حقيقة الرجل «الرمز» بينما اقترح السير بوبي تشارلتون من خلال «سنواتي في مانشستر يونايتد»: السيرة الذاتية و«حياتي في كرة القدم»: اكتشاف عالم كرة القدم من الداخل. محاربة العنصرية وبينما يتقن الفرنسيون فنّ الطبخ، فإن الأقل توقعاً، أن يكون في صفوف لاعبي الكرة الفرنسيين من يتقن الفنون الأدبية. فخلال مسيرته كلاعب، شنّ ليليان تورام حرباً قاسية ضدّ العنصرية حيث أنشأ أفضل لاعب فرنسي لعام 1997 «مؤسسة ليليان تورام التربية لمكافحة العنصرية» عام 2008 . وليس مستغرباً أن يكون كتابه «نجومي السوداء» مخصصاً لشخصيات سوداء اللون، وتحديداً لنحو 40 شخصية عامة سوداء البشرة كان لها تأثير كبير علي تقدّم المجتمع، من لوسي الهيكل العظمي وصولاً إلي الرئيس الأمريكي باراك أوباما. صغيرٌ لكن قوي يُعتبر لودوفيك جيولي من أقصر لاعبي كرة القدم الفرنسيين، لكنه يملك مسيرة ناجحة وراءه. فخلال سنة واحدة، أحرز «الصغير القوي» مع برشلونة لقب الدوري الإسباني ودوري أبطال أوروبا وقدّم اللاعب في كتابه «جيولي بلسان جيولي» شهادته حول مهنة كرة القدم وعن الصراع المستمر الذي اضطر للدخول فيه لتحقيق حلمه رغم عقبة صغر حجمه. ولا يقتصر موهوبو الكرة المعبّرين عن ابداعهم خارج الملاعب، فقط علي القارة الأوروبية، فمتعة القراءة والكتابة لها أتباع في مكان آخر، والأرجنتيني خوان بابلو سورين خير دليل علي ذلك.. فعندما استُدعي إلي المنتخب الوطني للمرة الأولي، قرّر اللاعب القدوم بالحافلة إلي صفوف التانجو كي يحصل علي فرصة الانتهاء من قراءة كتابه بهدوء. الكتابة لقضية محقة عام 2005 أصدر سورين كتاباً بعنوان «الشبان الكبار». وكتب هذا العمل للمساعدة في تمويل مدرسة ومستشفي في بامبا دي لوس جواناكوس، وهي بلدة صغيرة يقطنها 4500 نسمة وتقع في مقاطعة سانتياجو دل ايستيرو. ونجح من خلال هذا المشروع في لفت انتباه أحد أكثر المؤلفين شهرة من أصول إسبانية. وخارج كرة القدم، فإن فرحة الكتابة ليست الشغف الوحيد لسورين حيث أدار الدولي السابق البالغ حالياً 34 سنة، حلقة مسائية في الإذاعة كان يتكلّم خلالها عن الأدب والموسيقي. وعندما نتحدّث عن الأرجنتينيين، لا يُمكن اغفال الحديث عن دييجو مارادونا حيث عرفت سيرته الذاتية «أنا إل دييجو» الصادرة عام 2000 نجاحاً باهراً. وفي الصين، يعتبر كتاب سون ون، التي اختارتها الفيفا لاعبة القرن، من بين الأعمال الأكثر قراءة لأحد مشاهير عالم كرة القدم. وفي الواقع، عندما اعتزلت اللعبة في المرة الأولي عام 2003، عملت كمندوبة لصحيفة محلية في شانجهاي مدينتها الأصلية، قبل أن تعود إلي الملاعب بعد سنوات قليلة. موهوبون.. ولكن موهوبون مع الكرة، لكن رءوسهم فارغة؟ هذا ما يعتقده البعض عن لاعبي كرة القدم، لكن كلّ هذه الأمثلة تثبت عكس ذلك. ليست هذه سوي مجموعة صغيرة من الأعمال التي كتبها لاعبون حاليون أو اعتزلوا اللعبة. لكن هذه التشكيلة تستحق تسليط الضوء علي تعدّد مواهب بعض اللاعبين وبشكل خاص إثبات وجهة النظر القائلة أن هناك حياة بعد كرة القدم.