"علو صوتك دليل علي ضعف موقفك".. هكذا تقول الحكمة التي تنطبق تماما علي الحالة التي تمر بها جماعة الإخوان "المحظورة" قانونا قبل أيام من اختبار انتخابات مجلس الشعب العصيب، وهي الحالة التي دفعت قيادات الجماعة للتنافس علي الصراخ بدعوي اعتزام الدولة تزوير الانتخابات المقبلة، واستخدام الأحزاب في صفقة تحصل بمقتضاها علي المقاعد التي حصلت عليها الجماعة في انتخابات 2005. قيادات الجماعة اقدمت علي هذا الصراخ اعترافا منها بضعف فرصها في الانتخابات المقبلة، ورغبة في لفت انتباه الرأي العام العالمي، رغم ايمان هذه القيادات بضعف شديد ألم بالجماعة ليس بسبب مسلسل الجماعة الذي أذاعه التليفزيون خلال رمضان الماضي وحسب وانما يرجع لاسباب عديدة تكشفها الورقة البحثية التي اعدها قيادات قسم نشر الدعوة بالجماعة الذي يشرف عليه عبد الرحمن البر الاستاذ بجامعة الازهر ووزعها علي قيادات مكتب الإرشاد وأعضاء القسم، ويدور حول أسباب ضعف استيعاب الشباب المقبل علي التدين من الطبقات الاجتماعية الوسطي والأقل منها. تتضمن الورقة التي اطلعت روزاليوسف علي نسخة منها سؤالا حول تفوق التيارات الدينية الأخري علي اختلاف تنوعاتها في جذب الشباب إلي فكرها وتراجع قدرة الجماعة علي استقطاب عناصر جديدة تميل لفكرتها، وهل يرجع ذلك إلي جد هذه التيارات الدينية في العمل من خلال المساجد وتقاعس الجماعة عن القيام بنفس الدور وتقوقع كوادرها وانكماشهم، مع الإشارة إلي ان عدد الجماعة كان قليلا خلال فترة السبعينيات والثمانينيات ومع ذلك كانت الجماعة أكثر قدرة من باقي الجماعات علي استقطاب العناصر حتي من المنتمين إلي التنظيمات الأخري كالجماعة الإسلامية والجهاد. كما تتضمن الورقة الإخوانية سؤالا حول اهم الأسباب التي تخص الجماعة وآليات علاجها، وتشير القيادة الإخوانية في هذا الصدد إلي ان الجماعة لا تهدف للقضاء علي الجماعات الأخري، وإنما استخدامها كرافد لها. ومن أبرز الأسباب المحتملة لذلك وتستعرضها الورقة، افتقاد الجماعة للافراد أصحاب الرسالة، مع الإشارة مرة اخري إلي قدرات افراد فترة الثمانينيات علي العمل المتواصل من اجل الجماعة وهو ما يعني اعترافا بأن غالبية أعضاء الجماعة يميلون إلي العمل الوظيفي. وتضيف الورقة : نحتاج إلي الفرد الاخواني الذي يؤمن بأن دعوته علي حق ويعمل من اجلها، كما نحتاج لبذل الجهد مع الاخوة في قسم نشر الدعوة للاجابة عن الاسئلة الرئيسية وهي لماذا نعمل، وكذلك السماع منهم حول أسباب ضعف العمل عبر لقاءات المتابعة والتقييم. وتقول الورقة الإخوانية ان الجماعة إذا كانت خسرت المسجد فان "الله فتح عليها النقابات" هكذا يرد النص في الورقة وكذلك البرلمان والمحليات، وتؤكد علي ضرورة عودة الدور المنوط بالمسجد من خلال السيطرة علي مسجد علي الاقل في كل شعبة إخوانية، مع العمل قدر الامكان من خلال المنافذ الاخري كالنقابة والنادي والجامعة. من بين العوامل التي يضعها قسم نشر الدعوة كأحد معوقات العمل عدم فهم الناس لفكرة الإخوان في شمولية الاسلام ( الخلط بين الدين والسياسة) ورؤيتهم لكوادر الجماعة وهي تتحرك فقط من خلال الوقفات والمظاهرات والفعاليات السياسية، ويوصي في هذا الصدد بتعدد اوجه النشاط من اجل اقناع الناس بعدم غلبة النشاط السياسي علي الجماعة. من ضمن التوصيات التي يقترحها القسم لعلاج الظاهرة ابتكار وسائل جديدة للحركة والتخفيف من الأعباء التنظيمية عن نقباء الأسر (مسئولي اصغر وحدة تنظيمية في الجماعة) حتي يستطيعوا معايشة أفراد الصف وفهم مشكلاتهم واستيعاب أفكارهم، خاصة ان وسائل الجماعة تعتمد علي الانتقاء من بين افراد المجتمع وليس العضوية المفتوحة امام الجماهير.