بطريقة لا تختلف عن اكثر التنظيمات السياسية براجماتية، ولا تتماشي مع ما تدعيه من كونها جماعة دينية تسعي لنشر الدعوة والفضيلة بين الناس، اخذت قيادات جماعة الإخوان المحظورة قانونا في وضع خطة تحركاتها استعدادا لخوض انتخابات مجلس الشعب المقبلة، حيث رفضت إعلان قوائم مرشحيها وتوزيعهم في الدوائر ترقبا لاعلان نتائج مجمعات الحزب الوطني، ومعرفة خريطة مرشحي الأحزاب الاخري، فيما راحت قيادات كل محافظة تخوض مناورات مع كافة التيارات السياسية قبل إعلان اسماء المرشحين ودوائرهم. اعتراف بالضعف وصف القيادي السكندري خالد داود تحركات الجماعة بالتكتيكية اكثر من كونها تربيطًا مع المنافسين، معترفا: الإخوان اقل الناس مهارة في ادارة هذه التحركات التكتيكية، مشيرا إلي ان الجماعة تركز باستمرار علي صندوق الانتخابات وتسعي إلي حشد اكبر عدد من الناخبين من الطبقات الاجتماعية الفقيرة، واكد ان جميع الظروف الحالية تؤكد ان الجماعة لن تكرر ما جري في الانتخابات الماضية، ما لم تحدث طفرة في سير الاحداث، في ضوء ذلك يفهم التضارب في تصريحات قيادات الجماعة والذي ظهر من تكذيب محمد مرسي احد المتحدثين الاعلاميين باسم الجماعة ما ذكره عصام العريان احد المتحدثين الإعلاميين أيضا بخصوص المشاركة في الانتخابات والذي يدل علي عدم وضوح الرؤية لدي أصحاب المستوي التنظيمي الواحد. مناورات بالمحافظات في محافظة المنيا كشف محمد طوسون مسئول ملف الإخوان في نقابة المحامين واحد مرشحي الجماعة المحتملين في دائرة "مغاغة" ان المكتب الاداري للجماعة طلب منه خوض الانتخابات لكنه اقترح عليهم الانتظار لحين معرفة خريطة المرشحين في الدائرة، مشيرا إلي انه قائمة اسماء المرشحين النهائية ستعلن في اخر وقت ممكن، حتي تتضح نتائج مجمعات الحزب الوطني وباقي مرشحي الأحزاب. واعترف طوسون بصعوبة المنافسة علي الجماعة في محافظات "وجه قبلي"، مضيفا : قد يكون هناك شخصيات تستحق الدعم والمساندة ونترك لها الدائرة، مشيرا إلي انه تلقي اتصالات من قيادات بحزب الوفد بهدف التنسيق وان الأمر لا يزال قيد الدراسة حتي اللحظات الاخيرة. زاد من ضعف موقف الجماعة المحظورة الصدمات التي تعرضت لها بعد تورط النائب الحالي بالدائرة ابراهيم زنوني في قضية العلاج علي نفقة الدولة إضافة إلي تورط شقيقه عبد الرءوف في واقعة نصب علي عدد كبير من أهالي الدائرة بدعوي توظيف الاموال في تجارة عسل النحل التي لا تزال تداعياتها مستمرة وتتسبب في حالة غضب عارمة ضد عائلة الزنوني، كما انها ما تزال قيد النزاع القضائي والبحث من قبل مباحث الاموال العامة حتي الآن. صدمة بالثلاثة في الاسكندرية جاء ترشيح الحزب الوطني لاثنين من الوزراء بمثابة الصفعة القوية لقيادات "المحظورة"، حيث تعتبر المحافظة من مناطق النفوذ الاخواني وسبق ان حصلت فيها الجماعة علي 8 مقاعد في الانتخابات السابقة، فيما يمتلك الوزيران رصيدا يجعل المنافسة في غاية الصعوبة امام النواب الذين لم يقدموا للدوائر علي مدار خمس سنوات ما يقنع الناخبين باحقيتهم في المقاعد لدورة تالية. اعترف خالد داود بصعوبة المعركة الانتخابية في ظل ترشيح د. مفيد شهاب وزير الشئون القانونية والمجالس النيابية واللواء عبد السلام المحجوب وزير التنمية المحلية قائلا ان الأمر استوجب من الجماعة اعادة ترتيب اوراقها لما للوزيرين من شعبية جماهيرية، وبحسب ما كشفه احد القريبين من الجماعة في الاسكندرية فانها سوف تخوض المنافسة علي جميع مقاعد المحافظة غير انها ستناور بشخصيات غير ذات ثقل وتستغل قوة بعض المرشحين في دوائر اخري بعيدا عن دوائر الوزراء، مشيرا إلي ان الجماعة تسعي إلي ضمان مقعدين في المحافظة علي الاقل. المناورات الإخوانية متواصلة في باقي المحافظات حيث كشف سعد عمارة عضو المكتب الاداري للجماعة بدمياط عن استعداد الجماعة بمرشحين «صف ثاني» لخوض الانتخابات حال عدم الاتفاق مع الوفد والتجمع علي اخلاء الدوائر امام مرشحيهم كسامي بلح وعمران مجاهد، وفي الفيوم ابقت الجماعة اسماء مرشحيها في الدائرة السابعة قيد الكتمان تحسبا لاخلائها امام مرشح للوفد. برجماتية سياسية "السياسة هي فن الممكن، ونحن نسعي لتحقيق أقصي قدر من المكاسب".. هكذا وصف د.حلمي الجزار مسئول المكتب الإداري للإخوان في محافظة 6 أكتوبر ادارة الإخوان للعملية الانتخابية، مشيرا إلي ان المقاعد الاضافية المخصصة للمرأة وضعت الجماعة في مأزق حيث اجبرتها علي خوض الانتخابات في جميع الدوائر التي تنافس فيها علي مقاعد الكوتة من منطلق ان دوائر السيدات ستكون علي مستوي المحافظة ككل وبالتالي فمن الطبيعي استغلال الدعاية لصالح مرشحين حتي وان لم تكن فرصهم في الفوز كبيرة. بهذا المنطق تنافس الجماعة علي جميع مقاعد بعض المحافظات منها القاهرة والجيزة والاسكندرية واكتوبر ودمياط والدقهلية والبحيرة والشرقية، ولكن تواجه الجماعة عقبة اخري تتمثل في اختيار المرشحات حيث اشار الجزار إلي ان الأمر فرض علي الجماعة ترتيبات اجتماعية تتمثل اشتراط ان يكون ابناء المرشحة تجاوزوا مرحلة الطفولة إضافة إلي موافقة زوجها علاوة علي كونها من عائلة تستند اليها في الدائرة وفي مواجهة التحديات الأمنية المتوقعة. تخاريف انتخابية وضعت مجريات الأحداث وظروف الانتخابات البرلمانية المقبلة قيادات "المحظورة" في ورطة، فلم تجد الجماعة في ظل قناعة عناصرها باستحالة تكرار ما جري في الانتخابات الماضية، الا ان تعول علي وقوع حدث فارق في الحياة السياسية المصرية خلال الايام القليلة المقبلة، وهو ما لمسناه بدرجة لافتة من خلال الحديث مع اكثر من قيادة إخوانية علي مختلف المستويات التنظيمية وكان محمود عزت نائب المرشد قد نوه اليها علي هامش حفل الافطار الذي نظمته الجماعة خلال رمضان الماضي.