في مداخلته أمام الجلسة المغلقة للقمة العربية الاستثنائية في مدينة سرت الليبية امس دعا الرئيس حسني مبارك القادة العرب الي المزيد من التكاتف وتوحيد الصف العربي في مواجهات التحديات المتشابكة علي الأصعدة المختلفة. مشددا علي أن التطورات علي المستويين الإقليمي والدولي تضاعف من ضرورة تطوير منظومة العمل العربي المشترك. وطرح الرئيس خلال مداخلته رؤية مصر للموضوعين الرئيسين علي القمة وهما تطوير العمل العربي المشترك، ورابطة دول الجوار العربي، حيث اكد ضرورة الابقاء علي ما سمي جامعة الدول العربية باعتباره ارثا تاريخياً يعلي تجربة غنية متراكمة استمرت اكثر من ستين عاما، مشيرا الي إيمان مصر بالتطوير المتدرج القائم علي الواقعية والطموح. وشدد مبارك علي الحاجة لرؤية موحدة تجاه دول الجوار تقوم علي آليات عملية في اطار توافق يحقق المصلحة العربية، ويراعي العلاقات بين الدول العربية وكل دولة من دول الجوار. وفيما يلي نص مداخلة الرئيس مبارك: الأخ العقيد معمر القذافي.. قائد الثورة الليبية.. ورئيس القمة.. الإخوة الزعماء العرب.. أصحاب الجلالة والفخامة والسمو.. السيد الأمين العام لجامعة الدول العربية.. يسعدني أن أعبر عن مشاعر صادقة بالتحية والتقدير.. لأخي العقيد معمر القذافي قائد الثورة الليبية.. ورئيس الدورة الحالية للقمة العربية.. فلقد بذل - ولا يزال - جهوداً مخلصة في تطوير آليات العمل العربي المشترك.. وفي الاعداد لهذه القمة الاستثنائية المهمة.. لنبحث معا توصيات قمة اللجنة العربية الخماسية.. حول هذا الشأن المهم. الإخوة القادة والزعماء العرب.. تنعقد هذه القمة.. والأمة العربية تمر بظروف اقليمية ودولية.. تحتم علينا جميعا المزيد من التكاتف وتوحيد الصف العربي.. في مواجهة العديد من التحديات المتشابكة.. علي الأصعدة السياسية والامنية والاقتصادية والثقافية.. وانني علي ثقة.. في أنكم جميعا تشاركونني الاقتناع.. بأن ما نشهده من التطورات علي المستويين الإقليمي والدولي.. يضاعف من ضرورة تطوير المنظومة التي أدرنا من خلالها عملنا العربي المشترك.. خلال العقود الستة الماضية. إن لدينا إرثا مهمًا وتجربة غنية من العمل العربي المشترك.. يستحقان أن نعتز بهما.. وأن نتمعن فيما يطرحانه من دروس النجاح والإخفاق.. كي نبني علي هذا الإرث وتلك التجربة.. ولكي نتجاوزهما لمستويات اعمق واشمل واكثر رسوخا وتأثيرا. هذا هو ما اتفقنا عليه في قمة سرت العادية شهر مارس الماضي.. وفي قمة طرابلس الخماسية شهر يونيو اللاحق.. وهذا هو ما نجتمع من أجله اليوم. إن رؤية مصر لدفع وتطوير العمل العربي المشترك.. وما يرتبط بذلك من أطروحات تتعلق بسياسة الجوار العربي.. ترتكز علي ثلاث دعائم أساسية: أولاً: ضرورة ألا يمثل تطوير عملنا المشترك.. قطيعة مع هذا الإرث المهم.. وهذه التجربة الغنية المتراكمة عبر أكثر من ستة عقود. ولذلك.. فإن مصر تؤكد ضرورة الابقاء علي مسمي «جامعة الدول العربية».. عنوان هذا الإرث التاريخي وهذه التجربة.. مع إيلاء الاهتمام الأكبر لاعتماد رؤية جديدة.. تنفذ لجوهر ما نستهدفه لتطوير أداء الجامعة.. سواء من حيث المضمون أو الاختصاصات أو آليات العمل. ثانياً: التأكيد علي مبدأ التطوير المتدرج.. وفق ما اتفقنا عليه منذ قمة تونس عام 2004 والقمم العربية اللاحقة.. وصولا الي مقررات وتوصيات قمة سرت شهر مارس الماضي.. وقمة اللجنة الخماسية اللاحقة في طرابلس. إننا في مصر علي اقتناع بأن التطوير المتدرج.. الذي يجمع بين الواقعية والطموح.. ويراعي معطيات واقعنا العربي الراهن وظروفه وإمكاناته.. هو السبيل الحقيقي لأن يتجاوز إصلاح منظومة العمل العربي المشترك.. مجرد كونه هدفا ساميا ننشده.. وغاية نبيلة نسعي إليها.. ليصبح خطوات عملية قابلة للتطبيق.. تلمسها الشعوب العربية.. وتنعكس علي حاضرها ومستقبلها. ثالثاً: فيما يتصل بسياسة الجوار العربي.. فإننا علي اقتناع بأن تطوير منظومة عملنا المشترك.. يجب أن تنطلق من تعزيز التعاون العربي مع المجتمع الدولي.. بجميع منظوماته وتجمعاته ودوائره الاقليمية والخطوة الاولي علي هذا الطريق.. هي بلورة رؤية موحدة تجاه دول الجوار العربي.. وتطور لآليات عملية وواقعية للتعامل معها.. في إطار توافق عربي.. وبما يحقق المصلحة العربية.. وبطبيعة الحال.. فإن علي هذه الرؤية أن تجمع بين اعتماد معايير واضحة ومحددة ومتفق عليها.. للتعامل مع دول الجوار وتحديد أولويات تحركنا تجاهها.. وبين ضرورة مراعاة أوضاع العلاقات بين دول العالم العربي.. وكل دولة من دول الجوار. الإخوة القادة والزعماء العرب.. إن المرحلة الراهنة تقتضي منا جميعا.. دعم التضامن العربي وتوحيد الصف والمواقف، كي نتحدث بصوت واحد.. دفاعا عن قضايانا ومصالحنا وهويتنا العربية.. ولنحقق معا ما تتطلع إليه شعوبنا من سلام وأمن واستقرار وتنمية وتقدم. إننا في مواجهة تحديات عديدة.. وتطورات متلاحقة يشهدها محيطنا الإقليمي والدولي. لكن ثقتي دون حدود.. في قدرتنا علي مواجهة هذه التحديات والتطورات.. وإنني آمل أن تخرج قمتنا اليوم.. بإطار واضح لتطوير منظومة عملنا العربي المشترك.. لنفتح أمام أمتنا العربية آفاقاً جديدة أكثر عمقاً ورسوخاً وتأثيراً.. تدفع بدولنا وشعوبنا الي الأمام.. تضع عالمنا العربي علي مسار جديد.. وتصل به لما يستحقه من مكان ومكانة في منطقته.. والعالم من حوله. وفقنا الله جميعاً إلي ما فيه خير أمتنا العربية وشعوبها.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.