أوضح الرئيس حسني مبارك معالم رؤية مصر لدفع وتطوير العمل.. العربي المشترك وما يرتبط بذلك من أطروحات تتعلق بسياسة الجوار العربي، وقال إنها ترتكز علي ثلاثة دعائم أساسية، علي رأسها ضرورة ألا يمثل تطوير العمل العربي المشترك قطيعة مع هذا الإرث المهم وهذه التجربة الغنية المتراكمة عبر أكثر من ستة عقود. وقال الرئيس مبارك في مداخلته أمام القمة العربية الاستثنائية التي عقدت في مدينة سرت الليبية أمس: "ولذلك فإن مصر تؤكد علي ضرورة الإبقاء علي مسمي جامعة الدول العربية عنوان لهذا الإرث التاريخي وهذه التجربة، مع إيلاء الاهتمام الأكبر لاعتماد رؤية جديدة تنفذ بجوهر ما نستهدفه لتطوير أداء الجامعة سواء من حيث المضمون أو الاختصاصات أو آليات العمل. وأشار الرئيس مبارك إلي أن الدعامة الثانية التي ترتكز عليها الرؤية المصرية هي "التأكيد علي مبدأ التطوير المتدرج وفق ما اتفقنا عليه منذ قمة تونس عام 2004، والقمم العربية اللاحقة، وصولا إلي مقررات وتوصيات قمة سرت شهر مارس الماضي، وقمة اللجنة الخماسية اللاحقة في طرابلس"، مضيفاً "أننا في مصر علي اقتناع بأن التطوير المتدرج الذي يجمع بين الواقعية والطموح ويراعي معطيات واقعنا العربي الراهن وظروفه وإمكانياته هو السبيل الحقيقي لأن يتجاوز إصلاح منظومة العمل العربي المشترك مجرد كونه هدفا ساميا ننشده، وغاية نبيلة نسعي إليها ليصبح خطوات عملية قابلة للتطبيق تلمسها الشعوب العربية وتنعكس علي حاضرها ومستقبلها". وأضاف الرئيس مبارك "أنه فيما يتصل بسياسة الجوار العربي فإننا علي اقتناع بأن تطوير منظومة عملنا المشترك يجب أن تنطلق من تعزيز التعاون العربي مع المجتمع الدولي بكافة منظوماته وتجمعاته ودوائره الإقليمية"، موضحا أن" الخطوة الأولي علي هذا الطريق هي بلورة رؤية موحدة تجاه دول الجوار العربي وتصور لآليات عملية وواقعية للتعامل معها، في إطار توافق عربي وبما يحقق المصلحة العربية". وأضاف الرئيس مبارك "وبطبيعة الحال فإن علي هذه الرؤية أن تجمع بين اعتماد معايير واضحة ومحددة ومتفق عليها للتعامل مع دول الجوار وتحديد أولويات تحركنا تجاهها، وبين ضرورة مراعاة أوضاع العلاقات بين دول العالم العربي وكل دولة من دول هذا الجوار "وعبر الرئيس مبارك في مداخلته عن مشاعر صادقة للتحية والتقدير للعقيد معمر القذافي قائد الثورة الليبية ورئيس الدورة الحالية للقمة العربية، موضحا أن القذافي بذل ولا يزال جهودا مخلصة في تطوير آليات العمل العربي المشترك، وفي الإعداد لهذه القمة الاستثنائية الهامة لنبحث معا توصيات قمة اللجنة العربية الخماسية حول هذا الشأن الهام. وأكد الرئيس مبارك أن "القمة العربية الاستثنائية تنعقد والأمة العربية تمر بظروف إقليمية ودولية تحتم علينا جميعا المزيد من التكاتف وتوحيد الصف العربي في مواجهة العديد من التحديات المتشابكة علي الأصعدة السياسية والأمنية والاقتصادية والثقافية". وقال الرئيس مبارك "إنني علي ثقة في أنكم جميعا تشاركونني الاقتناع بأن ما نشهده من التطورات علي المستويين الإقليمي والدولي يضاعف من ضرورة تطوير المنظومة التي أدرنا من خلالها عملنا العربي المشترك خلال العقود الستة الماضية"، مضيفا "أن لدينا إرثا هاما وتجربة غنية من العمل العربي المشترك يستحقان أن نعتز بهما، وأن نتمعن فيما يطرحانه من دروس الإنجاح والإخفاق كي نبني علي هذا الإرث وتلك التجربة، ولكي نتجاوزهما لمستويات أعمق وأشمل وأكثر رسوخا وتأثيرا.. وهذا هو ما اتفقنا عليه في قمة سرت العادية في مارس الماضي، وفي قمة طرابلس الخماسية في شهر يونيو اللاحق وهو ما نجتمع من أجله اليوم". وأكد الرئيس مبارك أن "المرحلة الراهنة تقتضي منا جميعا دعم التضامن العربي وتوحيد الصف والمواقف كي نتحدث بصوت واحد دفاعا عن قضايانا ومصالحنا وهويتنا العربية، ولنحقق معا ما تتطلع إليه شعوبنا من سلام وأمن واستقرار وتنمية وتقدم، وقال: "إننا في مواجهة تحديات عديدة، وتطورات متلاحقة يشهدها محيطنا الإقليمي والدولي، لكن ثقتي بلا حدود في قدرتنا علي مواجهة هذه التحديات والتطورات". وأعرب الرئيس مبارك عن أمله في أن تخرج القمة العربية الاستثنائية بإطار واضح لتطوير منظومة العمل العربي المشترك، لتفتح أمام الأمة العربية أفاقا جديدة أكثر عمقا ورسوخا وتأثيرا وتدفع دولنا وشعوبنا إلي الأمام وتضع عالمنا العربي علي مسار جديد وتصل به لما يستحقه من مكان ومكانة في منطقته والعالم من حوله.