مع كل ذكري لنصرنا العظيم، يوم العبور يوم الكرامة، يوم الثأر، يوم أعلنا للعالم أننا أحياء ولم نمت في السادس من أكتوبر عام 1973 الذي ننتشي اليوم بذكراه السابعة والثلاثين، يسيطر علي الذهن دائما الإسقاط علي الوضع العربي والسؤال الذي يتخفي الأخوة العرب من الإجابة عليه ومن قبلهم الأشقاء الفلسطينيون.. وهو ماذا كان حالكم لو كنتم طاوعتم مصر ومشيتوا في ركاب السلام الذي فرضته القوة المسلحة؟ المؤكد أن الوضع كان سيختلف كثيرا عما هو عليه الحال الآن، فالسلام الذي نطالب به الآن وتجتمع لجنة متابعة المبادرة العربية لبحث موقفها بشأنه بعد غد كان متاحا علي طبق من فضة بل من ذهب.. لكن سيطرت علي الأشقاء شعارات زائفة وفارغة لم تحرر شبرا من الجولان ولم تبن حجرا في الدولة الفلسطينية المنشودة وحتي الحكم الذاتي الفلسطيني انتزعته مصر للفلسطينيين من براثن إسرائيل في اتفاقية كامب ديفيد التي شوهوها وافتروا عليها وعلينا كما حاولوا أن يشوهوا نصرنا بأنه كان مسرحية معدة سلفا وأنه سيناريو أمريكي وكلام فارغ من هذا القبيل. ولعل ما كشفه وزير الخارجية أحمد أبوالغيط مطلع الأسبوع الجاري في شهادته التاريخية علي الحرب ضمن سلسلة شاهد علي الحرب والسلام التي نشرتها «روزاليوسف» وجريدة الأهرام، خاصة ما دار في اجتماع مجلس الحرب الذي أداره الرئيس الراحل محمد أنور السادات مع رجال الدولة المصرية قبل أيام من المعركة لهو درس للجميع في تعلم كيف يصون الرجال أوطانهم ويتفانون في خدمته ويضعون رءوسهم علي أيديهم من أجل أن يرفع الوطن رأسه، أثبت هذا الاجتماع بعد نظر مصري عميق مستندا للإمكانيات الموجودة علي أرض الواقع وأن استعادة ما يتبقي من الأرض سيكون عن طريق سلام الأقوياء واقتبس هنا ما ذكره محمد حافظ إسماعيل مستشار الأمن القومي آنذاك خلال الاجتماع وهو أن من المهم أن نحدد رؤيتنا لمعني السلام وكذلك الموقف من القضية الفلسطينية وكيفية تسويتها ويجب أن نحدد الهدف السياسي للعملية العسكرية الكبيرة.. إذن هكذا كان يفكر رجال مصر ببعد نظر وتشعر وأنت تطالع ما كتبه أبوالغيط بأنهم كانوا يشاهدون ما يحدث اليوم وحققوا جميع أهدافهم وتركوا الدرس للتاريخ.. لعل الآخرين يستوعبونه يوما.