أسعدني الخبر الذي كتبه زميلي الأستاذ «حمادة الكحلي» علي صفحات روزاليوسف اليومية منذ أيام ومؤداه أن طبيب عبدالناصر د.الصاوي حبيب بصدد تأليف كتاب سيصدر خلال ستة أشهر للرد علي الاتهامات المثارة الآن وأن الكتاب الجديد سيختلف عن كتاب «مذكرات طبيب عبدالناصر» الهيئة العامة للكتاب وسيركز علي أن الجينات الوراثية كان لها الأثر الأكبر في وفاة عبدالناصر وسيتناول بالتحليل طريقة وفاة أقارب عبدالناصر. والمؤكد أن طبيب عبدالناصر لديه حكايات وقصص ومشاهد لم تتح لغيره أن يراها بحكم مكانته ومسئوليته وربما لم يكن مناسباً نشرها في الكتاب الذي صدر عام 2007 . يقول الصاوي حبيب كنت ميالا لتجاهل ما يقال ويكتب وأن أبتعد عن وسائل الإعلام فهذا أقرب إلي طبيعتي ولكنني وجدت أن الإنسان قد يعتزل الناس تجنباً للمشاكل ولكنه يجد المشاكل تقتحم عليه عزلته قال جمال عبدالناصر إذا فرض علينا القتال سنقاتل وهاأنذا أقاتل فالكتابة قد تكون أحياناً نوعاً من القتال لست معتاداً عليه ولكنني مضطر إليه. ويبقي أن أضيف شيئاً عن الفكر التآمري الذي يقول أصحابه إنه تناول في المطار أثناء توديع أمير الكويت كوب عصير مسمما كان سبب الوفاة وفي الحقيقة لقد كان هناك نظام لحماية الرئيس من دس السموم في الدواء والغذاء والشراب. بالنسبة للدواء كنا نحصل عليه من أية صيدلية أو مخزن أدوية وليس من مكان معين وكان دواء الرئيس يأتي مع دواء موظفي الرئاسة ويوزع علي الجميع وكنت أقدم دواء الإفطار يداً بيد أما دواء الغذاء والعشاء فكنت أضعه بنفسي في علبة خاصة وبالنسبة للكشف فقد كنت أدخل عليه خالي الوفاض وأغادره كذلك فجهاز الضغط والسماعة والترمومتر وخافض اللسان وجهاز رسم القلب وأسطوانة الأكسجين وغيرها كانت موجودة بصفة دائمة في حجرة المكتب الملحقة بغرفة النوم. وبالنسبة لطعام عبدالناصر فقد كان يتم شراؤه يومياً بواسطة أحد الموظفين من أي من الأسواق وكان يفضل الطعام الذي تقوم السيدة حرمه بإعداده بمساعدة الطباخ وأما العصائر فقد كانت تعد داخل المنزل طازجة وبالنسبة للمآدب الرسمية والحفلات كان السفرجي الخاص به يرافقه في كل مكان ويقدم إليه غذاءه الخاص أو مشروبه الذي يتم إعداده خصيصاً له دون أن يلاحظ أحد أي اختلاف بين ما يقدم له وما يقدم لغيره. ويكمل د.الصاوي كلامه قائلاً: وبناء علي ذلك لم يكن الأمر متروكاً للصدفة ولذلك فإن نظرية استبدال كوب العصير في المطار لا يمكن حدوثها وأنا لا أعرف هل شرب أي شيء في المطار أم لا ثم أن الكوب يقدم له مباشرة بواسطة السفرجي الخاص من الترموس إلي الكوب إلي الرئيس مباشرة وليس من السهل استبداله ثم ما المادة السامة التي تحدث نفس الأعراض التي حدثت للرئيس دون أن يصاحب ذلك قئ أو اسهال وهو ما لم يحدث!! كانت البساطة هي السمة المميزة لطعامه وشرابه فبعد إعداد كتيب خاص للنظام الغذائي الواجب اتباعه بالنسبة له كمريض سكر أتضح أن أكله أبسط وأقل مما أعددناه وكان يفضل الجبنة البيضاء وعموماً فقد كان يأكل ما هو ضروري ليعيش وكان يفضل عصير الليمون وعصير البرتقال كشراب كما كان يحتفظ بترموس ماء علي الكومودينو في حجرة النوم وفي حجرة المكتب كانت توجد شنطة دواء تحتوي علي الأدوية التي يحتاجها مرتبة بصورة مستديمة تسمح بأن يعرف مكان أي دواء حتي في الظلام وأخبرني بذلك عندما وجدني قد وضعت بعض الأدوية في غير موضعها السابق. ومن دلائل النظام في حياة عبدالناصر إنه كان عندما يستيقظ في الصباح ويريد الشاي يدق الجرس يدخل عليه السفرجي دون أن يسأله بصينية عليها الشاي والعسل وعندما يدق الجرس ثانية فمعني هذا إنه يطلب طبيبه للدخول وما أن يدق الجرس في المرة الثالثة حتي يدخل الحمام ويدخل السفرجي ومعه آخر ويقومان بتنظيف الحجرة و ترك غيار لملابسه الداخلية علي السرير وكان يترك الحمام بعد ثلث ساعة تقريباً فيجدهما قد غادرا الحجرة ويقوم بارتداء ملابسه والاستعداد للنزول إلي حجرة المكتب أو بدء مقابلاته وعندما كان يدق الجرس للمرة الرابعة كان معني ذلك إنه يطلب الإفطار وكان يتكون من الجبنة البيضاء وبعض الفول والزبادي ونبات الأفوكادو أحياناً وكذلك كان يطلب السيدة قرينته للإفطار معه كان هذا يحدث يومياً بصورة متكررة أثناء تواجده في القاهرة. ولم يكن يميل إلي تغيير نوعية أو موضة ما يلبسه وفي محاولة لتخفيف آلام القدمين التي كان يشكو منها تم عمل حذاء خصيصاً له في أحد مصانع الأحذية المصرية حسب مواصفات أطباء العظام إلا أنه لم يرتده أكثر من مرة أو مرتين ثم عاد إلي حذائه القديم المريح. ولا تنتهي القصص والحكايات والأسرار عن الزعيم الراحل جمال عبدالناصر.