دائما ما كانت الدراما ملهمة للمتلقي، وفي بعض الأحيان مثيرة للجدل، وهو ماحدث مع مسلسل «زهرة وأزواجها الخمسة» الذي عرض في رمضان الماضي، فقد صدر داخل العمل حكم قضائي بصحة عودة زهرة لزوجها الأول، وهو ما دفع الشيخ محمد عبد العزيز رئيس لجنة الفتوي بالجيزة لأن يصدر فتوي تعقيبا علي هذا الحكم، إيمانا منه بتوعية الناس بالرأي الشرعي الصحيح خاصة أن الدراما تشكل جزءًا من تكوين الجمهور المتلقي لها. وقد جاءت الفتوي رداً علي سؤال ورد له يقول: شاهدنا مسلسل زهرة وأزواجها الخمسة.. وشاهدنا زوجها الأول يطلقها بقسيمة رسمية ويعلنها بها ثم يغيب عنها سنوات فتتزوج بعد انتهاء عدتها من طلاق الأول عدة أزواج ثم يحضر الزوج الأول ويخبرها بأنها زوجته الشرعية وأنه راجعها بقسيمة مراجعة وأعلنها بها وأن زيجاتها كلها باطلة. وتخبره بأنها لا تعلم شيئا عن المراجعة المزعومة بعد الطلاق ثم يحكم القاضي «في المسلسل» بصحة المراجعة من زوجها الأول وبطلان باقي الزيجات التالية. فهل هذا يصح من الناحية الشرعية؟ وهل للمراجعة أحكام وشروط مثل أحكام الطلاق؟ ومتي تصح ومتي لا تصح المراجعة؟ وأجاب رئيس لجنة الفتوي بالجيزة قائلاً: يقول الله تعالي «والمطلقات يتربصن بأنفسهم ثلاثة قرون ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحاً» البقرة آية 228 والمعني: أن الزوج الذي طلق طلاقاً رجعياً هو أحق بمراجعة زوجته في مدة العدة من غيره. وروي الإمام أبوداود عن عبدالله بن عمر بن الخطاب قال: طلقت امرأتي وهي حائض فسأل عمر النبي صلي الله عليه وسلم فقال مره فليراجعها حتي تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء أمسك وإن شاء طلق قبل أن يمس «أي يجامع» فتلك هي العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء ومن هذه الأدلة يتبين الآتي: 1- العدد للنساء بعد الطلاق أو الوفاة مختلفة ومذكورة في القرآن والسنة. 2- في الطلاق الرجعي الزوج أحق بالمراجعة لزوجته بشروط معينة. 3- بعض النساء إذا طلقت ليس لها عدة «وهي غير المدخول بها». 4- القروء في الآية السابقة مختلف فيها بين العلماء. فهل القرء هو الحيض؟ أم الطهر؟ أم كلاهما؟ 5- هناك حد أدني وحد أعلي في زمن العدة. 6- هناك شروط لمراجعة المطلقة طلاق رجعي أما شروط مراجعة المطلقة. 1- أن يكون الطلاق رجعياً. 2- أن تكون هناك بينة - قسيمة مراجعة أو اثنان من الشهود العدول. 3- أن يعلم الزوج زوجته بالمراجعة. وتصح المراجعة الفعلية أي الجماع ومقدماته كما تصح المراجعة القولية واشترط الشافعية وجماعة الإشهاد علي المراجعة وجعلوه واجبا وجعله أبوحنيفة مندوبا والصحيح أن الإشهار واجب والبينة واجبة للآتي.. 1- ألا يقع بينهما تجاحد «أي إنكار للمراجعة». 2- ألا يتهم في إمساكها بعد طلاقها. 3- لئلايموت أحدهما فيدعي الطرف الثاني الزوجية ليرث. وهناك عدة حالات للمراجعة الحالة الأولي.. أن يراجعها الزوج في مدة العدة بالقول كقوله راجعتك أو رددتك أو أمسكتك لقوله صلي الله عليه وسلم «مره فليراجعها» ولقوله تعالي «وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحاً» البقرة آية 228 أو يراجعها بالفعل كالجماع ومقدماته والمراجعة بالقول والإشهار عليها أولي وأصح. فإذا راجعها بالقول وأشهد أو معه البينة «قسيمة المراجع» ثم ذهب وأخبرها في مدة العدة فهو مصدق في قوله والمراجعة صحيحة سواء رضيت بذلك أم لا ووافقت أم لا رضي أهلها أم لا لأنه يملك المراجعة والزمن والزوجة فلا يعتبر رضاها أو عدم رضاها مهماً. الحالة الثانية: أن يراجع الزوج زوجته في مدة العدة من الطلاق إذا كانت تعتد بالقروء «الحيض والطهر» ظنا أن العدة ثلاثة أشهر كما هو غالب النساء تحيض أسبوعاً وتطهر ثلاثة أسابيع كل شهر فأخبر الزوج زوجته بالمراجعة «مثلا بعد سبعين يوما» فأسرعت الزوجة وأخبرته بأن العدة انتهت فهي مصدقة والقول قولها إذا كان ذلك ممكنا للآتي:- 1- أقل مدة للعدة عند الشافعي اثنان وثلاثون يوماً ولحظتان علي أن أقل مدة للحيض يوم وليلة وأقل مدة للطهر خمسة عشر يوماً. 2-عند غير الشافعي: أقل مدة للعدة ثمانية وعشرون يوماً ولحظتان. 3- وعند بعض العلماء: أقل مدة للعدة 29 يوماً ولحظة علي أن أقل مدة للطهر ثلاثة عشر يوما وأقل مدة للحيض يوم وليلة. 4- وعند أبي حنيفة: أقل مدة للعدة ستون يوماً وعند أبي يوسف ومحمد صاحبي أبي حنفية أقل مدة للعدة 39 يوماً والخلاصة:- إذا جاء الزوج وراجع زوجته في العدة ثم أخبرها بالمراجعة فادعت انقضاء العدة فهي مصدقة إذا كانت المدة تطابق أقل مدة للعدة كما هو مبين عند الفقهاء ولا سبيل لمراجعة الزوجة في هذه الحالة. 5- وإذا ادعت المرأة انقضاء عدتها بوضع الحمل فلا تصدق إلا إذا كان وضع الحمل التام ستة أشهر فأكثر ولو كان أقل من ذلك فلا تصدق وإذا ادعت أنها اسقطته فلا يقبل قولها في أقل من ثمانين يوماً. الحالة الثالثة: أن يدعي الزوج مراجعة الزوجة بعد انتهاء العدة وليس معه بينة أو شهود فأنكرت الزوجة المراجعة فالقول قولها وتصدق ولا سبيل لهذه المراجعة لأن الزوج لا يملك المراجعة بعد انتهاء العدة ولا يملك الزمان ولا يملك الزوجة وهي مصدقة والقول قولها والمراجعة باطلة. الحالة الرابعة: إن طلقها الزوج وراجعها ومعه البينة علي المراجعة «قسيمة مراجعة أو شهادة الشهود العدول» ولا تعلم الزوجة بهذه المراجعة ثم نكحت زوجاً آخر ثم أعلمها الزوج بعد المراجعة وبعد زواجها «ما ينطبق علي حالة زهرة» ففيه رأيان الرأي الأول يقول يفسخ عقد الزواج الثاني وتعتد من زواجها من الثاني وترجع إلي زوجها الأول لأن زوج الرجعية إذا راجعها وهي لا تعلم صحت المراجعة لأنها لا تفتقر إلي رضاها فلم تفتقر إلي علمها وعلي هذا الرأي أصحاب الشافعي وأصحاب أبي حنيفة هذا إذا كانت البينة علي المراجعة صحيحة ولا تقبل الشك. أما الرأي الثاني يقول: إن طلقها الزوج الأول ثم راجعها في مدة العدة بالبينة والشهود ولم تعلم هي بذلك فتزوجت زوجاً آخر فهي زوجته ويبطل نكاحها من الأول لأن كلاً منهما عقد عليها عقدا صحيحا وهي ممن يجوز لها العقد الصحيح لعدم علمها بالمراجعة الأولي في الظاهر فهي زوجة الثاني ويبطل زواج الأول لأن للثاني ميزة الدخول فقدم بها.. وحالة زهرة أن زوجها الأول راجعها ببينة ليست صحيحة ولم تتسلم ولم تعلم بهذه البينة ثم تزوجت الزوج الثاني والثالث وغيره. 1- فإذا نظرنا إلي الخلاف بين الفقهاء في الحالة الرابعة. فأصحاب الرأي الثاني يرون (مع صحة البينة علي المراجعة) أن الزواج الثاني صحيح وأن المراجع باطلة لأن الزوجة حين زواجها من الثاني كانت محلا صحيحا للعقد وللزوج الثاني ميزة الدخول بها. 2- وإذا كانت البلينة غير صحيحة، كما هو الحال في السؤال فإن الزواج الثاني هو الصحيح والمراجعة باطلة.