تشهد دراما رمضان هذا العام العديد من المسلسلات المثيرة للجدل منها الجماعة للكاتب وحيد حامد والمخرج محمد ياسين وزهرة وأزواجها الخمسة للمؤلف مصطفي محرم والمخرج محمد النقلي. والحسن والحسين تأليف محمد اليساري, وإخراج عبد الباري أبو الخير, ومسلسل وماملكت ايمانكم للكاتبة هالة دياب والمخرج نجدت أنزور والذي اعتاد منذ عدة أعوام علي تقديم أعمال درامية تثير الكثير من الجدل والنقاشات, إضافة إلي مسلسلات أخري شديدة الجرأة أحداثها مبنية علي كسر الكثير من التابوهات. وتوضح المؤشرات أن شهر رمضان هذا العام لن يمر هكذا ببساطة في ظل وجود العديد من الأعمال التي أصبح الكثير من أصحابها مهددين ومطاردين من جهات معارضة كثيرة, ويتم اتهامهم إما بالاساءة إلي الإسلام والشريعة الاسلامية, أوالاساءة الي جماعة الاخوان وشخص حسن البنا. والمفارقة أن صناع هذه الأعمال يتم الهجوم عليهم ومصادرة ابداعهم قبل أن يعرض علي الشاشات, وأمتد الأمر لدرجة أن موقع الفيس بوك يشهد حاليا جدلا واسعا حول مسلسل الجماعة, وتطلق العديد من الجروبات ضد المسلسل وصناعه, كما أن أغلب صور الكاتب وحيد حامد الموجودة علي هذه المواقع تم وضع علامة اكس فوقها, في حين أن مسلسل زهرة وأزواجها الخمسة تعرض لهجوم كثير لأنه يتناول ظاهرة تعدد الأزواج, كما سارع أحد المحامين برفع دعوي قضائية ضد المسلسل قبل عرضه يطالب فيها بإيقاف تصوير وعرض العمل, أما مسلسل ماملكت ايمانكم فيتعرض صناعه أيضا لحملة شرسة في الصحافة العربية, لأنه يتناول نظرة المجتمع للمرأة العربية وما تعانيه من قهر ويرصد علاقة المرأة بجسدها. حالة التحفز التي تسود المجتمع والإرهاب الذي يتعرض له المبدعين باتت تسيطر علي المشهد الدرامي العربي والتي لا يستطيع أحد تفسيرها سوي بأننا صرنا أكثر تطرفا ورفضا لما يطرحه الآخر دون أن نبذل علي الأقل مجهودا لنعرف أو نري ما الذي يطرحه؟ أو ما الذي تحمله هذه الأعمال من أفكار؟ وهل هي أفكار جديرة بالمناقشة واثارة أسئلة في ذهن المتلقي أم لا؟ واذا كانت الكاتبة السورية هالة دياب مؤلفة ماملكت ايمانكم تؤكد علي أن الله خلق الناس أحرارا وتتساءل لماذا يرغب الآخرون في مصادرة تلك الحرية واستعبادنا؟ يؤكد الكاتب وحيد حامد أن مايحدث إرهاب فكري يأخذنا الي الوراء لعصور بعيدة في حين يري المؤلف مصطفي محرم أن ما يحدث يؤكد علي تحفز المجتمعات العربية وأن هناك حالة من الحراك. فنون الاهرام يفتح ملف تلك الأعمال الشائكة في رمضان, وردود أفعال صناعها حول الهجمات الشرسة التي يتعرضون لها, حيث قال محرم في تصريحات خاصة إن الأزهر أبدي اندهاشه من عرض هذا العمل عليهم بسبب عدم وجود مشاهد مثيرة للجدل علي الاطلاق. مصطفي محرم قال إن الأزهر وافق بالفعل علي المسلسل, وتلك الموافقة من أكبر مؤسسة دينية في مصر تعد ردا واضحا علي كل من هاجم العمل دون أن يراه بل وتوقف كل الألسنة التي تتربص للمسلسل قائلا: أن المسلسل معني بشكل أساسي برصد التضارب الذي يحدث أحيانا ما بين قانون الأحوال الشخصية والشريعة الإسلامية نتيجة لبعض الثغرات التي يستغلها البعض في القانون, وبطلة المسلسل زهرة تجسد دورها غادة عبدالرازق- يتعقد موقفها من تلك الثغرات حيث تكتشف فجأة أنها علي ذمة أربعة رجال في وقت واحد, رغم أنها لم تتعمد ذلك. ويفسر مصطفي محرم حالة الهجوم علي العمل منذ بدء تصويره وقبل عرضه أنه يعد مؤشرا علي أن المجتمع بات متحفزا ويرغب في صنع جدل علي أي موضوع دون أن يكون هناك جدوي سوي لفت الأنظار أوعمل فرقعة, ويؤكد محرم أن حالة الغليان والحراك التي تحدث هي في صالح المجتمع بالنهاية لأنها تحدث نوعا من الحراك الفكري, في حين يري وحيد حامد مؤلف الجماعة أن ذلك يعد نوعا من الغليان المكتوم الذي سيؤدي إلي الإنفجار, والمجتمع بات أكثر تطرفا ويصادق علي حرية الإبداع والمبدعين, ويتعجب من حالة الهجوم المسبق علي مسلسله, رغم أننا في مجتمع ديمقراطي يؤمن بحرية الرأي والرأي الأخر, وإن الإخوان بهذا الهجوم الذي يشنونه علي المسلسل يثبتون أنهم لا يعرفون أي شئ عن الديمقراطية. معاوية والحسن والحسين من المسلسلات التي ستثير ضجة أيضا عند عرضها في شهر رمضان مسلسل معاوية والحسن والحسينالذي أثار جدلا في الأوساط الدينية نظرا لأنه يتناول حياة حفيدي النبي محمد صلي الله عليه وسلم, ويجسد شخصيتهما, كما أثار بعض مراجع الدين السنة مخاوف من أن المسلسل سيعمل علي نشر التشيع; إلا أن القائمين علي العمل حصلوا علي فتاوي تسمح بتجسيد الشخصيتين من قبل العديد من المراجع الدينية. كما تعرض المسلسل لهجوم كبير وفتاوي تحريم وعراقيل في تصويره من عدة دول عربية, بسبب تجسيده شخصيات الصحابة, كما واجه كاتب السيناريو انتقادات لتحميله اليهود مسؤولية أحداث الفتنة في أثناء المرحلة التاريخية التي تتناولها أحداث المسلسل. وقال نقيب الفنانين حسين الخطيب في بيان صحفي: إن منتج العمل الكويتي محمد العنزي طلب إذنا من نقابة الفنانين لتصوير مشاهد من المسلسل في الأردن بعد أن توقف تصويره في المغرب لأسباب مالية. وأشار إلي أن النقابة طلبت حصول المنتج علي فتوي دينية من قاضي القضاة; نظرا لأن العمل يتعلق بحفيدي النبي محمد; الحسن والحسين. وقال الخطيب: موافقة النقابة صدرت بعد أن قدم منتج العمل محمد العنزي كتابا من قاضي القضاة سماحة د. أحمد هليل- إمام الحضرة الهاشمية- يشيد فيه بالعمل, وبأن المسلسل يدعو إلي وحدة المسلمين وجمع كلمتهم, ونبذ التعصب والطائفية, وبحسب الكتاب, فإن د.هليل طالب بتسهيل مهمة طاقم العمل, وهذه هي المرة الأولي التي تتدخل فيها السلطات الدينية في الأردن للسماح بتصوير أعمال فنية; حيث لم يسبق لها ذلك رغم أن العديد من الأعمال الفنية العالمية تم تصويرها في الأردن, وأبرزها فيلم خزانة الألم الحائز جائزة الأوسكار لأفضل فيلم, منتج المسلسل محمد العنزي أكد لنا أنه يثبت في هذا العمل أن الحسن بن علي- رضي الله عنه- كان الخليفة الراشدي الخامس مصداقا لحديث رسول الله صلي الله عليه وسلم و أنه- أي الحسن- قد قام بحفظ دماء المسلمين بصلحه مع معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه, وتنازله له طواعية عن الخلافة; مصداقا لقول رسول الله صلي الله عليه وسلم الحسن رضي الله عنه( إن ابني هذا لسيد, ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين), كما أننا حاولنا تبرئة الصحابيين الجليلين: معاوية بن أبي سفيان, وعمرو بن العاص رضي الله عنهما, من كثير من الأكاذيب التي نسبت إليهم, ورسمت لهم صورة مشوهة في كتب التاريخ, وفي أذهان الناس, وهما بريئان منها براءة الذئب من دم يوسف. رشيد عساف بطل المسلسل أكد: أنهم أخذوا ما لا يقل عن21 موافقة شرعية كي يتمكنوا من إنجازمسلسل معاوية والحسن, لأن موضوع المسلسل مهم جدا,ويسعي للحد من الفتنة ويرأب الصدع ويجمع الناس علي كلمة واحدة,وقال: إن تجسيده شخصية الصحابي معاوية بن أبي سفيان في المسلسل يهدف إلي طي صفحة قاسية من التاريخ الإسلامي, خاصة وأن العمل يحمل دعوة واضحة لنبذ مثيري الفتنة. وقال: إن من الخطأ اتخاذ مواقف هجومية مسبقة علي فكرة المسلسل, لافتا في الوقت نفسه إلي ضرورة مشاهدة المسلسل من قبل كل من ينتقده, كما نصح بمشاهدته أيضا من قبل الأطفال لأنه درس في معرفة الحقائق التاريخية.