قبل خمس سنوات أطلق الرئيس حسني مبارك ضمن برنامجه الانتخابي أكبر مشروع قومي للاسكان في تاريخ مصر يتضمن سبعة محاور متعددة من أبرزها «ابني بيتك» الذي يعتبر أول مشروع من نوعه، يتيح للشباب امتلاك أرض وبناء بيت عليها. وشمل المشروع 92 ألف قطعة أرض في 13 مدينة، تكفلت الدولة ب 15 ألف جنيه دعما لكل حاجز، وقدمت شركة حديد عز طن حديد مجانيا لكل بيت، واتفقت الاسكان مع شركات الأسمنت علي أسعار مخفضة. ورغم كل هذه التسهيلات.. والاحلام الكبيرة لحاجزي الأرض إلا ان كثيرا منهم سقطوا في براثن مقاولي البناء الذين حولوا المشروع إلي سبوبة، للاستفادة منه قدر الامكان، حتي ولو أدي ذلك إلي عيوب في البناء، وتشققات في الجدران. «روز اليوسف» ترصد بالكلمة والصورة ماذا فعل مقاولو البناء في وحدات ابني بيتك في مدينة بدر. من خلال جولة في مراحل المشروع الثلاث رصدنا بعض المخالفات والانتهاكات التي تواجه المشروع الذي لم يؤت ثماره بعد.. حيث اعتبره بعض مقاولي البناء بمثابة السبوبة التي تحتم عليهم حيازة أكبر قدر منها واكتناز الأموال علي حساب جودة وسلامة المنشآت والعقارات وحياة المواطنين الذين سيعيشون فيها فيما بعد، حتي عمل في البناء وقتها من له علاقة بهذا المجال ومن ليست له علاقة به. يفسر ذلك وجود تشققات وتصدعات في الكثير من الأبنية رغم حداثتها وعدم شغلها بالسكان بعد. روايات الأهالي حول سلبيات المشروع تنوعت حسب مراحله، ففي القطاع الذي انتهت أعماله وإنشاءاته ومرافقه منذ فترة وأصبحت بعض بيوته مأهولة بالسكان قام أحد المستفيدين بإزالة سقف بيته المكون من طابق واحد بعد بنائه بفترة بسيطة لا تتعدي بضعة أشهر فقط وذلك بسبب حدوث هبوط في السقف وتهديده لحياة من سيقيم فيه بالموت. العيوب الهندسية وفي نفس القطاع قام أحد المستفيدين أمام مواطني ابني بيتك ومسئولي جهاز مدينة بدر بهدم عقاره المكون من 3 طوابق مرة واحدة بسبب العيوب الهندسية والإنشائية الجسيمة التي شابت عملية البناء من الأساس بسبب استغلال مقاولي البناء لسلامة نوايا العاديين من المستفيدين من المشروع وتقاعس مسئولي جهاز مدينة بدر عن الرقابة علي أعمال الإنشاءات العامة والخاصة في المشروع، والاكتفاء بطلب إحضار شهادة إشراف هندسي من المستفيدين علي أعمال الإنشاءات كشرط أساسي لاستخراج تراخيص البناء لهم، بغض النظر عن كون تلك الشهادات سليمة وسيتم الإشراف بموجبها فعلا أم أنها صورية فقط من أجل إتمام الإجراءات. وبشأن المرافق لا يوجد تنسيق بين الشركات المنفذة للمشروع وجهاز مدينة بدر وهو ما تسبب في تكسير أعمال الرصف للطرق بعد إتمامها لاستكمال إدخال بعض المرافق كالتليفونات والغاز الطبيعي وغيرها -حسب كلام حماد سالم المستفيد بالقطعة رقم 358 بقطاع بمشروع «ابني بيتك مدينة بدر»- إضافة إلي تلف وتهالك 90% من شبكات المياه وانفجار مستمر في مواسيرها وإغراق للشوارع كما حدث منذ أيام في خط المياه العمومي بين قطعي أ وب وتم إصلاحه بعدها، هذا بخلاف أغطية بالوعات الصرف الخرسانية التي كسرت عدة مرات، وغير ذلك من التجاوزات. في القطاع «أ» وبالتحديد أمام القطعة رقم 366 تبدأ مشكلة أخري يواجهها المستفيدون من ابني بيتك ممتدة حتي القطعة 345، فبخلاف العيوب الإنشائية التي تواجهها غالبية العقارات توجد بعض المشكلات في المرافق العامة، وكان «صابر أحمد» أحد المستفيدين بابني بيتك في القطعة رقم 366 «أ» واقفا أمام عقاره المكون من 3 طوابق، وحكي لنا معاناته في المشروع منذ تسلمه الأرض، حيث قام ببناء الطوابق الثلاث في فترة وجيزة بتكلفة 190 ألف جنيه وبموجب ذلك تسلم شهادة مخالصة من بنك الإسكان بالأقساط التي كانت مستحقة عليه، خاصة أنه لا توجد أية مخالفات في البناء، وكان مسئول مشروع ابني بيتك ونائب رئيس جهاز مدينة بدر قد حددا له المنسوب الصفري علي المطبق »غرفة التفتيش« الموجودة أمام قطعته، وتحمل مشقة ومعاناة وزيادة تكلفة البناء في ظل ظروف وصفها بالصعبة، حيث لا ماء ولا كهرباء ولا شوارع ولا رصف في المنطقة التي كانت صحراء جرداء. المرافق ويستطرد بعد عام ونصف العام فوجئنا بالشركة المنفذة لمرافق المشروع وخاصة الصرف الصحي تغير المنسوب الصفري للمطابق رغم استكمال جميع الأعمال الإنشائية لعقاره والعقارات المجاورة علي أساس المنسوب القديم الذي حدده له مسئولو جهاز مدينة بدر، وعلي ذلك في المسافة الواقعة بين القطعتين 345 و366 «أ» بوجود تبة صخرية مرتفعة عن الأرض، وبدلا من تكسيرها واستكمال الأعمال علي أساس المنسوب المتفق عليه ثم إنشاء المرافق هكذا متجهة من الأسفل إلي الأعلي مخالفة النظريات الهندسية المعروفة، إضافة إلي وجود البيوت في وضع منخفض عن الشوارع بنسب متفاوتة مما يصور مداخلها كأنها مدفونة تحت الأرض. قابلنا محمد عبدرب الرسول -أحد المستفيدين في مشروع ابني بيتك- ويؤكد هو الآخر علي تلك المخالفات والتجاوزات في إتمام المشروع ومرافقه من صرف ومياه، واتهم مسئولي شركة المقاولون العرب عن المشروع باسناد الأعمال إلي مقاولي الباطن الذين يعملون في توفير النفقات بشراء خامات رديئة للمواسير والشبكات إضافة إلي تجاوزهم في الإنشاءات. ويتساءل كيف يتم توصيل الصرف الصحي إلي 3 و4 منازل معا علي ماسورة واحدة وبالوعة صغيرة واحدة؟ مشيرا إلي ضرورة توصيل ماسورة واحدة لكل بيت خاصة مع صغر حجمها الذي لا يتناسب مع ضغط التشغيل مع هذه الأعداد. فاتن أحمد -إحدي المستفيدات- تنتقد إنشاء غرف التفتيش والبالوعات التي من المفترض أن تقام تحت سطح الأرض لكي لا تمثل عائقا للمرور، حيث تم إنشاؤها مرتفعة عن سطح الأرض بمسافات ترتفع عن المتر بجوار حوائط العقارات أو في مداخلها. وفي القطاع «أ» حيث بيت فاتن تم الاخلال بمناسيب الشوارع وشبكات المياه والصرف الصحي، حيث انهيت الأعمال بمناسيب أعلي من البيوت رغم ثبات المنسوب لمسافة تزيد علي 2 كيلو متر بطول الطريق المؤدي إلي هذا القطاع، حيث لم تمهد الشركة المنفذة للأعمال ولم تزل الصخور التي واجهتها أثناء التنفيذ موجودة الأمر الذي يتضرر منه أصحاب العقارات لأسباب منها غرق بيوتهم خاصة مع تكرار انفجارات شبكات المياه والصرف غير المطابقة للمواصفات الفنية والهندسية -حسب قول فاتن أحمدوتساءلت فاتن: ماذا سيكون الحال عند شغل البيوت بالسكان؟ معقبة بالطبع سوف تصل المشكلة ذروتها. مشكلات ابني بيتك لم تنته بعد بسبب إهمال بعض الجهات المسئولة منذ البداية وهو الأمر الذي يؤكده علاء السعيد المستفيد بالقطعة 727 «أ» والذي يحمل مسئولي جهاز مدينة بدر مسئولية وجود تشققات وتصدعات في بعض العقارات التي لم يسكنها أصحابها بعد بسبب اكتفائهم بإحضار المستفيد شهادة إشراف هندسي روتينية وإسناد أعمال الإنشاء لصغار مقاولي البناء دون وجود أدني رقابة فعلية من قبل الجهاز للتأكد من سلامة الإنشاءات أو وجود المهندسين بشكل فعلي من عدمه للإشراف علي عملية البناء. مياه الشرب والصرف نقلنا كل ذلك إلي مسئولي المشروع من جهاز مياه الشرب والصرف الصحي وشركة المقاولون العرب وجهاز مدينة بدر فكانت ردود كل منهم تتبرأ من المسئولية. فالمهندس حسين خالد -رئيس الجهاز التنفيذي لمياه الشرب والصرف الصحي- يحصر مهمة الجهاز في إنشاء شبكات صرف صحي وتغذية بمياه الشرب والحريق وشبكة الطرق لمشروع ابني بيتك بمدينة بدر لعدد 3912 قطعة أرض، وبلغت إجمالي أطوال مواسير شبكة الصرف الصحي 48 ألف متر بأقطار مختلفة تتراوح بين 200 و800 مللي إضافة إلي المطابق وغرف التفتيش ووصلات الصرف وبالوعات المطر بوصلاتها ومحطة للصرف الصحي وغيرها. إضافة إلي شبكة التغذية بالمياه والحريق بطول 52 ألف متر بأقطار مختلفة من 100 إلي 500 مللي والمحابس وغرفها وتوصيلات ل1800 منزل و305 حنفيات حريق و15 حنفية لهيئة الدفاع المدني. ليست مسئوليتنا المهندس محمد الدمرداش - مدير مشروع مرافق ابني بيتك بالجهاز التنفيذي لمياه الشرب والصرف الصحي بمدينة بدر ينفي توصيل صرف عدد من المنازل علي وصلة واحدة، مفسرا ذلك بأن المطبق الرئيسي تخرج منه ماسورة تدخل علي غرفة التفتيش التي يصب فيها 3 بيوت وهو أمر موجود في مصر كلها -حسب قوله-. ويعتبر أن انفجار مواسير المياه وإغراق الشوارع في بعض المناطق هو عيب في الصناعة في بعض المواسير والتي تأتي من خلال شركة المقاولين العرب المنفذة للمشروع. استطلعنا رأي المهندس محمد بهجت عبدالعزيز -نائب مدير فرع القناة بشركة المقاولون العرب- والمسئول عن تنفيذ مرافق مشروع ابني بيتك بمدينة بدر ويشير إلي أن الجهاز التنفيذي لمياه الشرب والصرف الصحي أسند إلي الشركة أعمال المرافق من شبكات المياه والصرف الصحي وحزمة الطرق، وذلك بحجم أعمال بلغت قيمتها 60 مليون جنيه طبقًا للتعاقد وتم زيادتها إلي 72 مليون جنيه هي حجم الأعمال المنفذة لأطوال شبكات مياه بواقع 51251 مترًا طوليا وصرف صحي بواقع 58764 مترًا طوليا. ويؤكد أن جميع المواسير والقطع الخاصة بالمشروع واردة من موردين معتمدين من قبل الجهاز التنفيذي لمياه الشرب والصرف الصحي. ويلفت إلي أنه في أثناء تنفيذ أعمال المرافق قام جهاز مدينة بدر بتسليم قطع الأراضي للمواطنين الذين بدأوا علي الفور في أعمال الحفر والإنشاءات وإتلاف شبكات تغذية قطع الأراضي والمواسير وغرف التفتيش وتشوين ناتج الحفر علي مسارات الطرق وردم بعض المطابق التي أنشأتها الشركة بالمشروع.. وتكسير بعضها نتيجة تجريف بعض المستفيدين للرمال من الشوارع للاستفادة بالردم بها الأمر الذي استدعي عمل محاضر معاينة وحصر التلفيات وإدراج قيمة إصلاحها. وبخصوص انفجار بعض خطوط المياه علي الطرق ومنها ما رصدته روزاليوسف في الشارع المواجه للقطعة 345 «أ» يؤكد نائب مدير فرع القناة بالمقاولين العرب أنه تم إصلاحه وفتح المياه بخط المياه للمواطنين. تراخيص البناء واجهنا المهندس عبدالمطلب عمارة -رئيس جهاز مدينة بدر- بكل تلك المشاكل إلا أنه ينفي وجود أية شكاوي أو مشكلات بمشروع ابني بيتك بالمدينة وأنه يتم دراسة وبحث وحل أية شكاوي ترد إلي الجهاز فور ورودها.. نافيا تحديد الجهاز المناسيب الصفرية للمستفيدين وقت طلب استخراج تراخيص البناء من الجهاز خاصة أن الطرق كانت موجودة وقتها.. معتبرًا أن المهندس الاستشاري الذي يطلب الجهاز ضرورة وجود شهادة إشراف هندسية باسمه من طالبي تراخيص البناء هو المسئول المباشر عن المنشأة، وفي حالة وجود شهادة صورية فإن المستفيد والمهندس الموجود اسمه بالشهادة يكونان المسئولين عن أي عيوب إنشائية موجودة بالأبنية، وليست للجهاز أي علاقة بذلك ودوره ينحصر في رصد المخالفة وإبلاغ صاحبها لإزالتها فور العلم بها. مؤكدًا قيام الجهاز بمعاينة العقارات ومدي تحقيق الاشتراطات البنائية والإنشائية المطلوبة فور الانتهاء منها. «ابني بيتك» مدينة بدر في سطور بدأ مشروع ابني بيتك اعتبارا من أكتوبر عام 2009 وتخصيص 2291 قطعة أرض للمستفيدين علي ثلاث مراحل كالآتي: الأولي بواقع 2200 قطعة جار إلغاء تخصيص 71 قطعة لم تبدأ في البناء حتي الآن والسادسة 81 قطعة والسابعة 10 قطع من المراحل المحددة لدي الجهاز القومي للإسكان وتم تسليم 2248 قطعة والموافقة علي صرف دعم المرحلة الأولي ل2067 قطعة والمرحلة الثانية لعدد 1976 قطعة والثالثة لعدد 1433 قطعة علي أساس وصول الدعم للقطعة الواحدة علي ثلاث مراحل وتسكين أول عميل بالمشروع في 2009/12/1 في القطعة رقم 642 قطاع «ب». وتم الانتهاء من أعمال المياه والصرف ومقرر الانتهاء من أعمال الطرق من الأسفلت وأعمال الكهرباء وتنسيق الموقع في نهاية العام الجاري. الجهات المسئولة عن المشروع هي جهاز مدينة بدر كإشراف عام واستخراج تراخيص ومتابعة وخلافه.. والجهاز التنفيذي لمياه الشرب والصرف الصحي المسئول عن استراتيجية ومتابعة إدخال المرافق من مياه وصرف وحزمة طرق وشركة المقاولون العرب المسئولة عن تنفيذ أعمال الحفر وتركيب الشبكات حسب التصميمات المحددة لها بالمنطقة.