متحدث «الري»: أديس أبابا خزّنت كميات مياه ضخمة بالسد الإثيوبي قبل الموعد لأسباب إعلامية    إعلان الطوارئ القصوى في محافظة الغربية للتعامل مع فيضان النيل.. وخطابات عاجلة ل المسؤولين    قبل الشتاء.. حماية الأراضي بالمنيا تختتم حملة مكافحة القوارض    حماس تعلن تفاصيل ردها على خطة ترامب بشأن غزة    قيادي بحماس ل الشروق: رد الحركة على خطة ترامب لم يمس الثوابت المتمثلة في الدولة والسلاح وحق المقاومة    اليونيفيل: الجيش الإسرائيلي ألقى قنابل قرب عناصرنا في جنوب لبنان    «لا مجال لليأس».. حساب الدوري الإنجليزي يدعم محمد صلاح قبل مواجهة ليفربول وتشيلسي    أمطار وسحب منخفضة.. بيان مهم من الأرصاد يكشف حالة الطقس خلال الساعات المقبلة    المنيا: سقوط توك توك في حفرة صرف صحي أمام وحدة صحية بأبو قرقاص دون إصابات    مصرع شاب وإصابة آخر في حادث تصادم بقنا    رياض الخولي في ندوة تكريمه بمهرجان الإسكندرية: «طيور الظلام» قفزة مهمة في حياتي الفنية    رياض الخولي: جيلنا في السبعينات كان 3 فئات.. أبرزهم من أصابهم اليأس    أوبرا دمنهور تحتفل بذكرى انتصارات أكتوبر (صور وتفاصيل)    المنيا.. النيابة تنتدب الطب الشرعي لكشف ملابسات العثور على جثة شاب داخل مزرعة بسمالوط    وكيل جهاز المخابرات السابق: المصالحة الفلسطينية لم تعد أولوية في ظل الوضع الحالي    العقيد محمد عبدالقادر: إنجاز أكتوبر كان نصرًا عربيًا بامتياز    إرث أكتوبر العظيم    المحاسب الضريبى أشرف عبد الغنى: الإرادة السياسية للرئيس السيسى سر نجاح التيسيرات الضريبية    الاتحاد الأوروبي يطلق قواعد موحدة للشركات الناشئة في 2026 لتعزيز النمو    قوات جيش الاحتلال تقتحم بلدات في نابلس وتعتقل شابين فلسطينيين    محمد كامل يُعلن أول قراراته: الحشد والتثقيف استعدادًا للإنتخابات    الزمالك يدرس رحيل ثلاثة لاعبين في الشتاء.. عواد والجزيري على قائمة المغادرين    وزير الخارجية يثمن مساندة هايتي للدكتور خالد العناني في انتخابات منصب مدير عام اليونسكو    إيقاف عرض عدد من المسلسلات التركية.. والعبقري" من بينها    داء كرون واضطرابات النوم، كيفية التغلب على الأرق المصاحب للمرض    «السكان» تشارك فى الاحتفال بيوم «عيش الكشافة» بمدينة العريش    غلق وتشميع 20 مقهى ومحل ورفع 650 حالة إشغال في الإسكندرية    تعرف علي موعد إضافة المواليد علي بطاقة التموين في المنيا    «حاجة تليق بالطموحات».. الأهلي يكشف آخر مستجدات المدرب الجديد    وزير الرياضة يحضر تتويج مونديال اليد.. ويهنئ اللاعبين المصريين على أدائهم المميز    افتتاح مسجد فانا في مطاي وإقامة 97 مقرأة للجمهور بالمنيا    البلشي وعبدالرحيم يدعوان لعقد اجتماع مجلس نقابة الصحفيين داخل مقر جريدة الوفد    ابراج موعودة بالثراء وفقا لتوقعات ليلي عبد اللطيف    حكم قراءة سورة الكهف يوم الجمعة... تعرف عليها    هل يجب الترتيب بين الصلوات الفائتة؟.. أمين الفتوى يجيب    «لرفع العقوبات».. حاخام يهودي يعلن رغبته في الترشح ل مجلس الشعب السوري    القهوة بالحليب.. هل هي خيار صحي لروتينك الصباحي؟ (دراسة توضح)    استشاري مناعة: أجهزة الجيم ملوثة أكثر من الحمامات ب74 مرة (فيديو)    محافظ أسوان يتابع تطوير طريق كيما - السماد بتكلفة 155 مليون جنيه ونسبة إنجاز 93%    جامعة قناة السويس تنظم مهرجان الكليات لسباق الطريق احتفالًا بانتصارات أكتوبر    نتائج الجولة الخامسة من الدوري الممتاز لكرة القدم النسائية    الإسماعيلي يواصل التعثر بهزيمة جديدة أمام سموحة    مواقيت الصلاه في المنيا اليوم الجمعه 3 أكتوبر 2025 اعرفها بدقه    سبب غياب منة شلبي عن مؤتمر فيلم «هيبتا: المناظرة الأخيرة»    تعرف على أنشطة رئيس مجلس الوزراء فى أسبوع    مهرجان شرم الشيخ للمسرح يعلن لجنة تحكيم مسابقة "عصام السيد"    الزهايمر.. 5 عادات يومية بسيطة تحمي الدماغ من المرض الخطير    تعرف على آداب وسنن يوم الجمعة    عاجل- سكك حديد مصر تُسيّر الرحلة ال22 لقطارات العودة الطوعية لنقل الأشقاء السودانيين إلى وطنهم    رسميًا| الكشف عن كرة كأس العالم 2026.. صور    اسعار الحديد فى أسيوط اليوم الجمعة 3102025    باراجواي تعلن دعمها الرسمي للدكتور خالد العناني في انتخابات اليونسكو 2025    "يونيسف": الحديث عن منطقة آمنة فى جنوب غزة "مهزلة"    ضبط متهمين بالتعدي على طلاب أمام مدرسة بالمطرية    المصري يواجه البنك الأهلي اليوم في الجولة العاشرة من دوري نايل    تكريم 700 حافظ لكتاب الله من بينهم 24 خاتم قاموا بتسميعه فى 12 ساعة بقرية شطورة    استشاري تغذية علاجية: الأضرار المحتملة من اللبن تنحصر في حالتين فقط    بالصور.. مصرع طفلة وإصابة سيدتين في انهيار سقف منزل بالإسكندرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصالح البشر من العلوم

يسأل المؤلف يورجان هابرماس في بداية كتابه "المعرفة والمصلحة" سؤالا يبدو بسيطا هو: كيف يمكن أن نحصل علي معرفة موثوقة؟ ويبدأ الفيلسوف الألماني طوال فصول الكتاب الصادر عن سلسلة الفكر التابعة للهيئة العامة للكتاب في تحليل مفهوم نقد المعرفة - باعتبارها أداة ووسيلة في ذات الوقت - عند هيجل وكانت ونيتشه، ويري أن النقد عموما يتطلب بطبيعة الأمر قدرات معينة يندمج فيها العقل العملي الجدلي مع ملكة التأمل.
لقد طالب هيجل بالتأكد من شروط "المعرفة الممكنة"، وذلك عبر الشك الذي لا يعترف ب"المعرفة المطلقة" ولا حتي "المنجزة"، لكن هذا المسار الذي سلكه هيجل في نظر مؤلف الكتاب لم يبرهن علي صحته، وظلت المعرفة المطلقة معقولة إذا ما تعلق الأمر بتطور النوع البشري والطبيعة. ولهذا يعود هابرماس لسؤاله الأول بسؤال آخر ينقضه: كيف يتسني لنا الوثوق من المعارف وهناك حقائق لا تظهر في تفسيراتنا، كما أن النقد ذاته يتطلب معرفة؟
يعرف المؤلف عملية الشك بأنها "لحظة للعقل"، وهو هنا يتحدث عن "الشك المنهجي" أو "الجذري" لأنه "الوسيلة التي يتأسس فيها الوعي اليقيني"، ويفرقه بذلك عن "الشك الراديكالي" الذي يتحول إلي "موقف نقدي" مجرد، لا يحتاج إلي تقديم تعليل ولا التدريب عليه، وهذا في رأي المؤلف "بداية اللامشروطية في نقد المعرفة". وهذه هي "الحلقة المفرغة" للمعرفة أو "الإشكالية" أو "التناقض" الكامن في المعرفة كما يحللها الكتاب، وجزء من تجليات ذلك التناقض أن نقد المعرفة يعتمد بطبيعة الحال علي اليقين الحسي والوعي الطبيعي ثم تأتي الخبرة، من منطلق أنه يجب علي الإنسان أن يعرف لكي يستطيع أن يتعرف، وهذا هو مكمن حركة التأمل في الفلسفة النقدية، يقول المؤلف: "تجربة التأمل ترسخ تلك اللحظات المتميزة التي تري وتدرك فيها الأنا نفسها من فوق كتفها".
عندما يتحدث المؤلف عن المعرفة، يقصد المعرفة التي تتجلي كعلم، فيتحدث عن العلوم الطبيعية وعلوم الروح والعلوم الخاضعة إلي نواميس وقوانين والعلوم التجريبية التحليلية، ويأتي من ضمنها علي ذكر علوم الرياضيات والفيزياء بوصفها "الصيغة النمطية لمسار أكيد للعلم". ولهذا تصلح مضامين الرياضيات والفيزياء في نظره كمعرفة موثوقة ولها مصداقيتها. بينما الميتافيزيقيا فتزعم لنفسها اسم وصفة العلم، بينما هي تطرح مفاهيم بلا معني. وهنا يبدأ دور "كانت" الذي طالب ب"أن نحقق ثورة كاملة في مجال الميتافيزيقيا بواسطة عالم الهندسة والباحث الطبيعي".
من شروط المعرفة الممكنة التي يفندها الكتاب، التمييز بين العقل النظري والعقل العملي، فالتجارب التي تصادف الإنسان إنما هي سلبية ما لم يستتبعها تحطيم للثوابت وتدمير للإسقاطات، ثم ينتقل المؤلف إلي مفهوم "مصلحة المعرفة"، يقول إن هناك مصالح توجه العلم والمعرفة سيكولوجيا، وهذه المصالح مكشوفة في الأغلب، ويبرع علم التحليل النفسي لدي فرويد في كشفها، والمصلحة هنا تعني إنتاج معرفة "فاعلة عمليا ونافعا تقنيا، ولها وظيفة في علاقات الحياة والوجود والحفاظ علي النوع البشري"، معرفة تقود إلي خلود النفس والإيمان بوجود الله كمسلمة.
عملية تأمل المعرفة يعرفها المؤلف ب"حركة تحرر" يقف فيها العقل في وقت واحد مع المصلحة، أي يتحد العقل النظري مع العملي، أما المصلحة فهي "الرضا العملي" الذي تحققه معرفة ما، وهي مقدرتنا علي التمني، لأن المصلحة إما تشترط مسبقا احتياجا ما أو أنها تنتج احتياجا ما، وأبسط المصالح التي نبتغيها من أي معرفة هي "مصلحتنا باتباع القانون الأخلاقي". لكن في النهاية لا ينسي المؤلف التأكيد علي أن علاقات الحياة هي علاقات مصالح، فهناك مصلحة حفظ الذات ومصلحة إشباع الحاجات، لهذا تظهر المصلحة في بعض أجزاء الكتاب بمصطلح آخر هو "الدافع".
بخصوص نيتشه فهو لم يعترف بوظيفة تأمل المعرفة، كتب ذات مرة: "نحن علماء النفس لدينا القليل من الإرادة لمراقبة الذات، هذه علامة انحطاط بالنسبة لنا، لأننا نحن أدوات المعرفة ونريد أن نمتلك من السذاجة التي تملكها الأداة بحيث لا يحق لنا أن نحلل أنفسنا ولا أن نعرف". وعليه يعرف نيتشه المعرفة بأنها جهاز تجريد وتبسيط الأهداف والوسائل بعيدا عن المفاهيم، لأن الوحيد المختص بهذه الأخيرة هو العلم الذي يهدف إلي تحويل الطبيعة إلي مفاهيم بغرض السيطرة عليها، كذلك من وظيفة العلم أن يهيء لنا عالما يصبح فيه وجودنا ممكنا، عالما قابلا للتبسيط والفهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.