وزير الإسكان يتابع مشروعات المرحلة الثانية من مدينة المنصورة الجديدة    مصر واليابان تبحثان التعاون بمجال الذكاء الاصطناعي والصناعات التكنولوجية المتقدمة    البرغوثي: استمرار تقاعس المجتمع الدولي سيجعل مجاعة غزة علامة عار على التاريخ    المستشار التجاري للبيت الأبيض ينتقد الهند بسبب استمرار شراء النفط الروسي    وكيل مديرية الصحة فى زيارة تفقدية مفاجئة لوحدة طب الأسرة بمنشأة عبدالله بالفيوم    المستشار محمود فوزي: البكالوريا مجانية.. وستكون الخيار المفضل لمعظم الأسر المصرية    هل يستحق المستأجر تعويض حال انتهاء المدة الانتقالية بقانون الإيجار القديم؟    زيادة طفيفة لمؤشر البورصة هذا الأسبوع    رابطة الصحفيين أبناء الدقهلية تؤكد انحيازها التام لحرية الإعلام    دعمًا للأجيال الواعدة.. حماة الوطن يكرم أبطال «UC Math» في دمياط    *لليوم الثاني.. خدمة Premium الجديدة بقطارات السكة الحديد "كاملة العدد"    الخارجية الأمريكية تعلن بدأ إدارة ترامب مراجعة 55 مليون تأشيرة    روسيا تعتقل عميلين للاستخبارات العسكرية الأوكرانية    عائلات المحتجزين: ندعو لوقفة احتجاجية قبالة مقر نتنياهو    زيلينسكي: صمدنا 1276 يوما من الحرب أمام روسيا للحصول على استقلالنا    تحليل: إيران وقوى أوروبية تناقش المحادثات النووية والعقوبات    3 ملامح فنية.. كيف ضرب الزمالك خصمه ب 7 تمريرات فقط؟ (تحليل)    تشكيل تشيلسي المتوقع أمام وست هام يونايتد.. بيدرو يقود الهجوم    ناشئو وناشئات الطائرة يتوجهون إلى تونس بحثًا عن التتويج الإفريقي    محمود ناجي يدير مباراة السنغال وأوغندا في ربع نهائي أمم افريقيا للمحليين    نجم الزمالك السابق: ألفينا يذكرني ب دوجلاس كوستا    ناقد رياضي: بن رمضان اللاعب الأكثر ثباتًا في الأهلي.. ومواجهة المحلة صعبة    وزير الطيران المدنى يشارك باجتماعات اللجنة التنفيذية لمفوضية دول أمريكا اللاتينية    تحرير 128 محضرًا للمحال المخالفة لمواعيد الغلق الرسمية    اغتصب سيدة أمام زوجها بالمقابر.. تفاصيل إعدام "إسلام"بعد 5 سنوات من التقاضى    رئيس مدينة طهطا يتفقد مصابي حادث انهيار منزل بقرية الشيخ مسعود بسوهاج    «الأرصاد» تكشف حالة طقس غدًا السبت |إنفوجراف    الداخلية تكشف تفاصيل اقتحام منزل والتعدي على أسرة بالغربية    محمد رمضان يساند أنغام ويهديها أغنية على مسرح بيروت    مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي يعلن لجنة تحكيم الدورة ال32    ثائرٌ يكتُب    مصر تكتشف مدينة أثرية كاملة تحت الماء    وزير الثقافة يستقبل وفد الموهوبين ببرنامج «اكتشاف الأبطال» من قرى «حياة كريمة»    الحبس عامين ل تارك صلاة الجمعة بماليزيا.. أحمد كريمة يوضح الرأي الشرعي    مصلحة الضرائب تنفي وجود خلاف بين الحكومة وشركات البترول حول ضريبة القيمة المضافة    للقضاء على قوائم الانتظار.. الانتهاء من 225 عملية متنوعة بمستشفى العريش    تهيئة نفسية وروتين منظم.. نصائح هامة للأطفال قبل العودة إلى المدارس    ما الواجب على من فاته أداء الصلاة مدة طويلة؟.. الإفتاء توضح    للرزق وتيسير الأمور.. دعاء يوم الجمعة مستجاب (ردده الآن)    الإسكندرية السينمائي يحتفل بمئوية سعد الدين وهبة ويكرم نخبة من أدباء وشعراء مدينة الثغر    جامعة الملك سلمان تعلن مواعيد الكشف الطبي والمقابلات للطلاب الجدد    أستاذ بالأزهر: مبدأ "ضل رجل ولا ضل حيطة" ضيّع حياة كثير من البنات    محافظ أسيوط يسلم جهاز عروسة لابنة إحدى المستفيدات من مشروعات تمكين المرأة    نيوكاسل يطارد المهاجم النرويجي ستراند لارسن.. وولفرهامبتون في معركة للحفاظ على نجم الهجوم    غدًا.. إعلان نتيجة التقديم لرياض أطفال والصف الأول الابتدائي بالأزهر| الرابط هنا    «زي النهارده«في 22 أغسطس 1945.. وفاة الشيخ مصطفى المراغي    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الجمعة 22 أغسطس 2025    «زي النهارده» في 22 أغسطس 1948.. استشهاد البطل أحمد عبدالعزيز    كيف يتصدى مركز الطوارئ بالوكالة الذرية لأخطر التهديدات النووية والإشعاعية؟    النصر يستعيد نجمه قبل نهائي السوبر    «خير يوم طلعت عليه الشمس».. تعرف على فضل يوم الجمعة والأعمال المستحبة فيه    صفات برج الأسد الخفية .. يجمع بين القوه والدراما    إحالة أوراق المتهم بقتل أطفاله الأربعة في القنطرة غرب إلى مفتي الجمهورية    سعر طن الحديد الاستثماري وعز والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الجمعة 22 أغسطس 2025    فطور خفيف ومغذ لصغارك، طريقة عمل البان كيك    «هتسد شهيتك وتحرق دهونك».. 4 مشروبات طبيعية تساعد على التخسيس    ضبط المتهمين بالتسول واستغلال الأطفال أسفل كوبري بالجيزة    أزمة وتعدى.. صابر الرباعى يوجه رسالة لأنغام عبر تليفزيون اليوم السابع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



« الأصل » .. بين الفلسفة والبيولوجيا


في الفقرة الأولي من كتابه (فجر)، كتب الفيلسوف الألماني " نيتشه " (1844 - 1900) : "كل الأشياء المعمرة، كل الأشياء التي تعيش زمنًا طويلاً، يغطيها العقل شيئًا فشيئًا إلي درجة أنها تنغمس فيه كليا فتبدو كأنها عقلانية خالصة. ويصبح أصلها أو منشؤها اللاعقلاني شيئًا لا يمكن تصوره. ألا يبدو الكشف عن التاريخ الدقيق لأصل ما، وبشكل شبه دائم تقريبًا، إما أنه غير قابل للتصديق، وإما أنه تدنيس للمقدسات؟" تعني كلمة - Généa في اللغة اليونانية "الأصل" بينما تعني كلمة - Logos "العلم"، أما الفعل - Genealogein فيدل علي ذكر الأصول وتعدادها. وقد أصبحت الكلمة المركبة - Genealogie تدل بصفة عامة، وفي معظم اللغات الأوروبية علي سلسلة من الأسلاف تربطهم قرابة ونسب، يفترض أنها تنحدر من أصل مشترك واحد. وتشكل تلك السلسلة شجرة النسب لأسرة أو لشخص ما، كما تدل في الوقت ذاته علي العلم المتخصص في البحث عن أصول ونسب العائلات.(1) وهو ما يشير منذ البداية إلي أن هناك اختلافا فلسفيا بين مفهومي "البدء" و "الأصل" كما يقول عبدالسلام بنعبد العالي: فالبدء - وهو القائم علي معني الحد والعتبة - يجيز التأريخ والترقيم والتقويم، ويجيز تحديد الزمان والفعل وحركته في المكان، كما يجيز أيضًا التحقق المنطقي من صدق فكرة ما، كمبدأ "الكوجيتو الديكارتي" مثلاً. أما مفهوم "الأصل" فمن المحال معه التحقق من أية بداية ومن أي حد، إنه مجرد نموذج احتمالي يمكن الارتداد به في الزمان إلي ما لا نهاية، أي يمكن أن نمثله في "نقطة لا سمك لها" نرسمها علي منحني الزمان، وننتقل بها إلي أي "مكان" من الخط لتفصل بين ما يعتبر تاريخًا مكتوبًا ومعلومًا وبين ما هو أصل غابر، الأصل في النهاية ليست له بداية قارة، وحركة الاستدلال فيه وعليه تأليفية، فهي تضيف إليه موجودات لم تكن في "حدّ" هويته الأول. مفهوم الأصل يكون في الفلسفة من أجل الاستدلال علي النشأة والتكوين، أي علي التفرع والتمايز والاختلاف.(2) وأغني القرن التاسع عشر دلالات مفهوم "الأصل"، فقد اكتسب مضمونًا جديدًا في مؤلفات عالم البيولوجيا الإنجليزي "تشارلز داروين" (1809 - 1882) خاصة كتابه "أصل الأنواع" - The Origin of Species عام 1859، الذي أكد فيه: "إننا لو تمكننا من معرفة شجرة أصول الجماعات البشرية، فسيكون في مقدورنا أن نستنبط الشجرة التي تربط اللغات" ولم يحاول أحد كما يقول سفورزا - أن يقوم بهذه المهمة حتي عام 1988. يقول داروين: "أن النظام الطبيعي (للتقسيم) نسبي في ترتيبه، يشبه شجرة النسب، وقد يكون من المفيد أن نوضح فكرة التقسيم هذه بأن ننظر في قضية اللغات. لو أننا تمكن من شجرة نسب مثالية، فإن ترتيب أنساب سلالات الإنسان سيوفر أفضل تقسيم للغات المختلفة التي يتحدث بها البشر اليوم في أنحاء العالم، ولو أننا أدرجنا كل اللغات المنقرضة، وكل اللهجات المحلية والوسيطة التي تتغير ببطء فسيكون مثل هذا الترتيب هو الوحيد الممكن"(3) وأثرت نظرية داروين في أصل الأنواع الحية وتطورها تأثيرًا واضحًا علي الفكر الفلسفي الغربي في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، حتي أن نيتشه نفسه قد جعل منها عنوانًا لأهم كتبه: "أصل الأخلاق" Zur Genealogie der Moral عام 1887. اللافت للنظر هنا ، سواء مع داروين في ميدان البيولوجيا، أو مع نيتشه في ميدان الأخلاق، هو أن دلالة مفهوم الأصل أصبحت لها وظيفة (نقدية) وكأنه يبدو أن الغاية الأعمق "للجنيالوجيا" - Genealogie ليس البحث عن "النشأة" أو "الأصل" فحسب ، وإنما تذكير الإنسان أساسا بأنه كائن متناهي، وبأن مقوماته الأخلاقية والثقافية لها تاريخ ، وبالتالي فهي ذات طابع "نسبي". الهوامش: 1 - ج. هيو سلفرمان: نصيات بين الهرمنيوطيقا والتفكيكية، ترجمة: حسن ناظم وعلي حاكم صالح، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء - المغرب، ط 1، 2002،: ص 317 و 318. وأيضًا: عبد الرازق الداوي: الجنيالوجيا وكتابة تاريخ الأفكار. في http://www.al-atheer.com 2 - عبد العزيز لبيب: آخر العصر الكلاسيكي، مجلة فضاءات، العدد الأول، المركز العالمي لدراسات وأبحاث الكتاب الأخضر، الجماهيرية الليبية، 1994. 3 - لويجي لوقا كافاللي - سفورزا: الجينات والشعوب واللغات، ترجمة: أحمد مستجير، المشروع القومي للترجمة (205)، المجلس الأعلي للثقافة، 2000، ص - 178 و 179 .

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.