يُعدُّ التطيب من السنن النبوية الكريمة التي تجمع بين جمال الظاهر ونقاء الباطن. فالروائح الطيبة ليست مجرد لمسة جمالية، بل هي عبادة وسلوك راقٍ يزكّي النفس ويُهذّب الروح، ويعكس صورة المسلم المهذّب في تعامله ومظهره وطباعه. أولًا: سنّة التطيب في الإسلام 1. التطيب من هدي النبي صلى الله عليه وسلم كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب الروائح الطيبة، وجاء عنه قوله: "حُبِّب إليّ من دنياكم: النساء والطيب..." مما يدل على مكانته العالية في السنن اليومية. 2. التطيب قبل الذهاب للمسجد من السنن المؤكدة يوم الجمعة وفي الصلوات عمومًا، أن يتزين المسلم ويضع طيبًا قبل الذهاب للمسجد ليجتمع المسلمون على الروائح الطيبة دون إيذاء أحد. 3. التطيب عند الاجتماع بالناس حثّ الإسلام على ألا يكون المسلم مصدر إزعاج لأحد، والرائحة الطيبة تزيد من الألفة والمحبة بين الناس. 4. التطيب بعد الطهارة كان السلف يحبون أن يقترن الطيب بالطهارة، ليكون الجسد نظيفًا والريحة طيبة. ثانيًا: أثر التطيب على تطهير النفس 1. الطيب يرفع المعنويات ويزيل الهم الروائح الطيبة تُدخل على النفس راحة غير محسوسة، وتساعد على تهدئة التوتر والقلق، مما ينعكس على صفاء الروح. 2. تعزيز الإيجابية عندما يتطيب الإنسان يشعر بالانتعاش، مما ينعكس على حالته النفسية وسلوكه مع الآخرين. 3. تهذيب الأخلاق والسلوك المتطيب يراعي الآخرين ولا يريد أن يؤذي أحدًا برائحة كريهة، وهذا يعكس رقيًّا في الأخلاق وحياءً إيمانيًا. 4. الطيب يقرّب القلب من العبادة حين يدخل المسلم المسجد برائحة طيبة، يشعر بالخشوع والنقاء والتهيؤ للعبادة، وكأن الجسد والروح يتطهران معًا. 5. تعزيز الثقة بالنفس الرائحة الجميلة تعطي الإنسان حضورًا لائقًا وتساعده على الشعور بالقبول والراحة في التعامل مع الناس. ثالثًا: كيف تطبق سنّة التطيب بطريقة صحيحة؟ استخدام عطور خفيفة غير مزعجة تجنب الطيب القوي في أماكن مغلقة أو مزدحمة التطيب قبل الخروج من المنزل وليس داخله عدم استعمال الطيب في وجود المحارم للنساء (لأنه منهي عنه في الطريق) اختيار روائح طيبة طبيعية كالمسك والعنبر والعود رابعًا: العلاقة بين الطيب ونقاء الروح أشار العلماء إلى أن الطيب يوافق روحانية الأعمال؛ لأنه شيء لطيف ينتشر دون جهد، كما تنتشر الأخلاق الحسنة. فالروائح الطيبة تطهر الجو، وكذلك الأخلاق الطيبة تطهر العلاقة بين الناس. ولهذا ارتبط الطيب في الإسلام بالطهارة، والنظافة، والسكينة، والصفاء. إن سنة التطيب ليست فقط جمالًا خارجيًا، بل هي عبادة تربّي الروح وتُطهّر النفس، وتخلق بيئة هادئة ومريحة للنفس ولمن حولنا. فحين يتطيب المسلم، فهو يجمع بين الامتثال لهدي النبي صلى الله عليه وسلم، وبين نشر الجمال والسلام في حياته اليومي