في تسابق «محموم» وقبل 72 ساعة فقط من الفصل في مصير التعديلات اللائحية المطروحة علي الجمعية العمومية لحزب الوفد في 17 الجاري، تعقد «الهيئة العليا» للحزب اجتماعًا استثنائيًا اليوم لبحث سبل الخروج من الأزمة الداخلية العاصفة التي سببها الصراع بين كل من رئيس الحزب السابق محمود أباظة، ورئيسه الحالي السيد البدوي شحاتة. إذ اشتعلت بين الطرفين حرب شرسة خلال الأيام القليلة الماضية، لم تشفع لاستعارها محاولات الوساطة التي قادها محمد كامل عضو الهيئة العليا بالحزب. وكان صدامًا قد حدث بين رئيس الحزب «الحالي» وأعضاء المكتب التنفيذي للوفد عقب طرحه تعديلات لائحية، من شأنها بحسب الفريق الأخير، تقويض تحركاتهم وإعادة اختيار عناصر موالية للبدوي بدلاً من الأعضاء الحاليين بالمكتب. ويستهدف اجتماع «رأب الصدع» اليوم، الوصول لحل توافقي بين فرقاء الحزب، إذ بات كل منهم يسير في طريق معاكس تمامًا للآخر.. والسعي نحو منع تجدد الصدام حال ظهور أغلبية «رافضة» للتعديلات داخل «الهيئة العليا». الصدام الجديد إذ إن هذا من شأنه أن يخلق صدامًا جديدًا مع رئيس الحزب، الذي سيعتبر ما حدث انتصارًا لخصومه يجب ألا تشهده أروقة الحزب أثناء أي تصادم ومحتمل في القريب خاصة أن أباظة لم يفقد كل أوراقه، ولا يزال يمتلك مناصرين أقوياء داخل الهيئة العليا مكنوه من الإطاحة بالنائب محمد عبدالعليم داوود، رغم خسارته الانتخابات علي رئاسة الحزب! وقبل انعقاد الاجتماع بأيام نشطت حرب استقطاب الأنصار بين الفريقين من خلال الاتصالات الهاتفية التي شهدتها الساعات السابقة علي الاجتماع.. إذ حرص عدد كبير من أعضاء الهيئة علي المشاركة خاصة أن تسجيل المواقف سيحدد مصير مؤسسات الحزب التنظيمية ونظامه الأساسي بشكل عام. وقبل تحديد موعد الهيئة العليا نشطت حرب نفسية بين أنصار الفريقين حيث هددت جبهة أباظة بجمع توقيعات لعقد اجتماع طارئ للهيئة العليا استنادًا للمادة 24 من اللائحة التي تسمح ل20 عضوًا بجمع التوقيعات لهذا الغرض، شريطة أن يتم تحديد موعد ومكان الانعقاد. الأمر الذي دفع البدوي إلي تحديد موعد اجتماع الهيئة العليا قبل الشروع في جمع التوقيعات، ليكون ذلك بمثابة مبادرة منه.. وبحسب مواد اللائحة فإن الهيئة العليا ليس منوطًا بها رفض جدول الأعمال، إلا أن بعضهم هدد بالطعن ببطلان العمومية حال فشل التوافق. وتركز حاليًا جبهة أباظة علي تمرير مجموعة من المطالب في اجتماع اليوم أبرزها تأجيل سحب الثقة من الهيئة العليا ورفض بند حق الهيئة العليا في سحب الثقة من أعضاء المكتب التنفيذي، إذا يعتبرونها محاولة للي ذراع أعضاء هيئة المكتب إذا ما رفضوا أي قرار لرئيس الحزب. بينما تركز جبهة البدوي علي تمرير التعديلات حتي لا يهتز موقفهم بشكل أكبر مما هو عليه الآن، أمام العمومية التي أعطتهم الثقة، إذ أن هناك بالفعل تخوفات داخل المعسكرين من الإخفاق أمام الطرف الآخر للصراع.. فسيتشعر المعسكر الأباظي خطرًا في تمرير التعديلات المقترحة من البدوي، معتبرًا أنها تمس تواجده بصورة رئيسية داخل الحزب، لأنها ستمثل انسحابه من المعركة للأبد.. فيما يتوجس معسكر البدوي من أن تخذله العمومية وترفض التعديلات، الأمر الذي يمثل «كارت» سياسة في يد أباظة وفريقه، سوف تكون له تداعيات صعبة خلال المرحلة المقبلة. ويركز أنصار أباظة في سعيهم نحو استقطاب العمومية علي كون موافقتهم علي التعديلات سوف تهز مراكزهم، لأنهم وافقوا علي اقتراح الرئيس السابق بنسبة 55% مقابل 45% رفضوا تجديد الثقة في الهيئة العليا رافعين شعار «لا لتركيز السلطات جميعها في يد رئيس الوفد». بينما تتحرك جبهة البدوي نحو استقطاب تأييد من يرغبون في الترشح للهيئة العليا فضلاً عن مغازلة الرافضين للتعديل، والأغلبية الصامتة التي لم تشارك في العمومية الأخيرة، التي وافقت علي التعديلات السابقة. الاتجاه الثالث وظهر كذلك اتجاه ثالث داخل الحزب يضم عناصر من الجبهتين بلجان المحافظات برفع شعار «لا لهزيمة الوفد بعد انتصاره».. معًا لنزع فتيل الأزمة الوهمية.. ويبدي هذا الفريق تخوفه من حدوث انشقاق داخلي جديد نظرًا لتصاعد حدة الانقسامات بين الفريقين. كما يدعو لتخفيض جدول الأعمال المعروض أو تأجيل التصويت عليه لعمومية أخري، واصفين ما يحدث بأنه «معارك وهمية» خاصة أن مدة الهيئة العليا ستنتهي بعد 4 أشهر تقريبًا. ودعت هذه المجموعة لحوار موسع حول تعديل اللائحة بعيدًا عن القرارات المفاجئة.. حتي لا تأتي بنتائج عكسية.. ورددت عناصر بجبهة أباظة بأن استدعاء الهيئة الوفدية 17 الجاري يعني التصويت علي تجديد أو سحب الثقة من رئيس الوفد، خاصة إذا تمت الموافقة علي التعديلات بنسبة لا تعني الاكتساح أو الرفض النهائي، متهمين رئيس الوفد بعدم الصبر علي وجود أغلبية لا تدعمه في الهيئة العليا نظرًا لتبعيتها لأباظة. ومن المتوقع أن يشارك محمود أباظة رئيس الوفد السابق في الاجتماع، خاصة بعد أن فشل اجتماعه الخاص مع البدوي للتوافق حول الأزمة والذي تم إجراؤه بوساطة من محمد كامل عضو الهيئة العليا إذ انتهي اللقاء بأن خرج الطرفان وكل منهما مصرًا علي موقفه! وبحسب رجال أباظة فإنه من المنتظر بعد فشل اللقاء الثنائي، أن يطرحوا خلال اجتماع الهيئة العليا اليوم مطالب بزيادة العضويات داخل الهيئة وإشراك رؤساء لجان المحافظات بها بواقع 100 عضو إلي جانب رفع عدد أعضاء المكتب التنفيذي إلي 25 عضوًا بدلاً من 15 هم قيادات المكتب التنفيذي ليتناسب ذلك مع حجم الدوائر والمقرات الجديدة للوفد. ومن جانبه قال المستشار مصطفي الطويل أن رئيس الحزب الحالي انتخب بشكل ديمقراطي وتعهد علي نفسه بإعادة الوفد إلي سابق عهده وبالتالي لابد أن يأخذ فرصته كاملة، مشيرًا إلي أن تغيير تركيبة الهيئة، أمر غير ممكن نظرًا، لأن هذا يتم بالانتخاب لا الاختيار. وأضاف الطويل إن موقف محمود أباظة حينما أراد إجراء تعديل علي اللائحة كان هو اللجوء للجمعية العمومية، مؤكدًا ضرورة انصياع جميع الأطراف لما ستسفر عنه الهيئة العليا وأن المهم علي حد تعبيره في مثل هذه المواقف هو مصلحة الحزب وليس الأشخاص. ولفت طارق سباق عضو الهيئة البرلمانية للحزب، إلي أن استطلاع رأي المحافظات علي التعديلات، أسفر عن موافقتهم بنسبة 80% علي حد قوله لأن التعديلات من شأنها أن تعمق الديمقراطية والمؤسسية داخل الحزب.. ويكفي القول إن العمومية انتخبت البدوي بناء علي برنامجه الذي أشار فيه لإجراء تعديلات لائحية جديدة.. والجمعية التي انتخبته لم يضف إليها فرد واحد.. وهي صاحبة القرار.. فيما قال حسين منصور السكرتير العام المساعد القرار النهائي للعمومية، لأنها هي التي ستقرر بناء علي المصلحة العامة وليس المصالح الشخصية.