كتبت وكتب الكثيرون عن المسلسل المتميز «شيخ العرب همام».. وأثار المسلسل بقصته وإخراجه وأداء أبطاله اعجاب الكثيرين من النقاد والمشاهدين حتي نال المراكز الأولي في معظم استطلاعات الرأي ونسبة المشاهدة.. ولن يقلل ما سأكتبه من اعجابي الشديد بالعمل بوجه عام، ولكن خطأ في شخصية همام أدي لارتباك في الحلقات الأخيرة مع تنامي الأحداث النهائية في القصة.. والخطأ في شخصية همام أنه شخصية بلا خطأ. في أصول البطل التراجيدي التي يعرفها المؤلفون جيدا يظهر البطل بصفات رائعة ومدهشة وكاريزمية ولكن ينبغي أن توجد لديه مشكلة شخصية تؤدي مع تنامي الأحداث إلي الأخطاء التي يقع فيها البطل ومن ثم تقود إلي نهايته المأساوية.. وقد التزم القدامي بهذه التقنية في مسرحياتهم وقصصهم.. فكان شكسبير حريصا علي تقديم خطأ البطل مع بداية المسرحية حتي يعرف الجمهور أن هذا سيكون السبب في نهاية البطل.. فكان ما كبث يعاني من الطموح الزائد، وهاملت من التردد، وعطيل من الغيرة الغاضبة. وربما رأي المحدثون أن يتخصلوا من نظرية البطل التراجيدي بشكلها القديم ووضع بعضهم المشكلة في المجتمع أو الظروف وأبعد عن بطله أية أخطاء أو خطايا.. ولكن الحال مع «همام» أقرب إلي الشكل التقليدي للبطل التراجيدي منه إلي الشكل الحديث.. ليس لأن قصة همام تدور في التاريخ كما كان البطل شكسبير.. بل لأن ظروف المجتمع المحيط بهمام تخدمه وتساعده علي النجاح لا الفشل.. وسبب المشكلة الأصلي يعود إلي خطأ مزدوج في شخصية شيخ العرب فات علي المؤلف أن يشير إليه في الأحداث الأولي للمسلسل فظهر فجأة وأدهش المشاهدين. هذا الخطأ المزدوج هو ثقة «همام» بعلي بك بالرغم من أنه ظهر لمدة أكثر من عشرين حلقة كمثال الحكمة والذكاء ولم يخدعه أحد لا من أقربائه الطامعين ولا من الغرباء الحاقدين.. والغريب أن رأيه السديد الذي غلب به الشيخ إسماعيل طوال الحلقات انقلب فجأة ليصبح إسماعيل أكثر حصافة وبصيرة منه ويسقط همام في الثقة في علي بك وهي ثقة لا محل لها من الأحداث، ولا من شخصية همام.. ثم يتبعه خطأ ثان وهو الانتقام للنفس.. وهو ما لم يقدم عليه همام طوال تاريخه.. وفجأة إذ يخدعه علي بك ويشعر بالمهانة لا لشعبه بل لنفسه، يرغب في الانتقام غير عابئ بمصلحة أهله بل معمياً بالرغبة في الانتقام لنفسه المخدوعة. همام إذا بطل تراجيدي فيه من صفات الأبطال من الشجاعة والاقدام والزعامة والحكمة والكاريزمية ولكن مشكلة شخصيته كان ينبغي أن ينتبه المؤلف لاظهارها حتي لا تفاجئ المشاهدين وتعكس صورة همام في نظرهم.. وكان يكفي أن يعطي المؤلف اشارات صغيرة لتعرض همام للخداع مرة أو مرتين، ولانتقامه لنفسه لا لشعبه حتي يكون رسم الشخصية متكاملاً. ربما انتهي صراع «همام مع المماليك ولكن التنويه عن مسلسل «محمد علي باشا» يعني أن «الفخراني» لم ينته ثأره من المماليك بعد.. ربما عندما يذبحهم في مذبحة القلعة تتم النقمة لهمام.. ونحن جميعا في انتظار محمد علي.