بمجرد الإعلان عن سرقة لوحة «زهرة الخشخاش» للفنان الهولندي فان جوخ من متحف محمد محمود خليل ، دارت التساؤلات حول مدي تأثير حادث السرقة علي تسعير اللوحة في حالة ظهورها بإحدي صالات المزادات، وقد بدأ خبراء المزادات العالمية مباراة حول تثمين اللوحة وأقاموا مزادًا افتراضيا ، رغم انها من مقتنيات متاحفنا المصرية، ولا يحق لأي شخص في العالم أن يعرضها للبيع في مزاد علني... وما يثير الدهشة أن مزاداً افتراضياً سرعان ما بدأ فور الإعلان عن سرقة اللوحة في مؤسسات" سوثبي" و" كريستي" فقد بدءوا في تقييمها بسعر مبدئي 50 مليون دولار، ثم ارتفع خلال يومين فقط الي 65 مليون دولار، ويتوقع خبراء الفن التشكيلي ان يتضاعف سعرها اكثر في الايام القادمة كلما استمر اختفاؤها. نقطة أخري، تؤثر سرقة اللوحة علي " بورصة" لوحات رواد الفن العالمي مثل بيكاسو وأوجست مونيه ورينوار ورواد فنون الشرق الأوسط، وأكد" كونور جوران" احد المسئولين عن قاعة "سوثبي" بنيويورك علي الموقع الخاص بهمانه اذا لم تعد اللوحة فسوف تتم إعادة" تثمين" اللوحات المعروضة وسوف يختلف التقييم أيضاً إذا عادت، خاصة مع اقتراب موسم المزادات القادم في اكتوبر. وأوضح "كونور" أن لوحة الخشخاش تعتبر نقطة تحول في حركة الفن التشكيلي العالمي وعلي ضوئها سوف تتأثر قاعات المزادات . كما حذر الخبراء من أنه اذا وصلت اللوحة ليد أحد هواة اقتناء اللوحات النادرة فلن تعرض للبيع في العلن، وانما سوف يعقد مزاد سري ومغلق يقتصر علي اشخاص محددين موثوق بهم ولن يعلنوا أبداً عن مالك اللوحة الجديد. وعلي جانب آخر فرائعة فان جوخ لها من الحكايات ما يضاعف من حزننا علي اختفائها، مثل سرقتها الأولي عام 1978 من متحف محمد محمود خليل وعودتها الغامضة، وكذلك تعرضت كل مقتنيات المتحف بما فيها لوحة زهور الخشخاش لمحاولة بيعها في مزاد علني عام 1990 . ويروي الناقد الفني عز الدين نجيب أحد المساهمين في انقاذ المتحف من البيع ل"روزاليوسف" القصة الحقيقية للمتحف وللمزاد الذي كان من المقرر انعقاده عام 1990 علي كل مقتنيات المتاحف المصرية، ومن ضمنها مقتنيات متحف محمود خليل، وطرح الفكرة مجموعة من المثقفين لتسديد ديون مصر . بداية، يؤكد عز الدين نجيب أن ثروة مصر من الأعمال الفنية ليست معروضة في المتاحف فقط فلدينا مايقارب 4000 قطعة فنية من عيون الفن العالمي مهملة في مخازن مظلمة وكئيبة بدون ترميم او اهتمام. وأكمل عز الدين :" توفي محمد محمود خليل قبل ان يوثق وصيته بتخصيص قصره الي متحف ويهدي القصر بكل مقتنياته إلي الدولة، ولكن زوجته " أملين هكتولر " قامت بذلك بعد وفاته تنفيذاً لوصيته علي ان يحمل اسم المتحف " متحف محمد محمود خليل وحرمه " وقد تدخل ثروت عكاشة وزير الثقافة حينذاك بعد وفاة جمال عبد الناصر عام 1970 لتنفيذها، ولكن عندما استلم الرئيس السادات الحكم اختار القصر مقراً له، وتم تخصيص مكان المتحف الحالي كسكن عسكري للحرس الجمهوري الخاص بالسادات" . واضاف الفنان : إن السادات أمر بإخلاء المتحف بالكامل وتخزين الاعمال في مركز الجزيرة بالزمالك، وبالفعل تم نقل الأعمال وتخزينها، واستمرت الأعمال في التخزين حتي اوائل الثمانينيات وبعد وفاة السادات، قامت نقابة التشكيليين بالمطالبة بتنفيذ الوصية القانونية وبالفعل استجاب الرئيس حسني مبارك باعادة الأعمال مكانها ولكن كان المتحف في حاله سيئة. وأكمل عز الدين: كما تعرض هذا المتحف للضياع بكامل لوحاته في عام 1990 بالإضافة لمتاحف أخري عندما انطلقت حملة صحفية من مجموعة من الصحفيين والمثقفين للمطالبة ببيع مقتنيات المتاحف المصرية من اعمال الفن التشكيلي وعرضها في مزاد علني عالمي لسداد ديون مصر، وقدرت الاعمال المتحفية في السوق العالمية عام 1990 بمبلغ 30 مليار دولار، وكانت حجة من أطلق الحملة انها اعمال لا فائدة منها وتنتمي الي الثقافة الاوروبية ولا تدخل ضمن الحضارات المصرية، بالإضافة الي انها مخزنة في ظروف سيئة في مركز الجزيرة ومعرضة للتلف والإهمال والسرقة من المخازن . وأضاف عز الدين إن الدكتور الفنان احمد نوار الذي كان وقتها مدير المركز القومي للفنون التشكيلية في ذلك العهد ومعه مجموعة من المخلصين قام بعقد مؤتمر عام بالمسرح الصغير بالأوبرا للمثقفين والفنانين للتصدي لهذه الدعوة وحضره 500 مثقف وفنان من الرموز المصرية من بينهم نجيب محفوظ، توفيق التحكيم، زكي نجيب محمود، ثروت عكاشة، لويس عوض، سعد الدين وهبة، الفنانة نادية لطفي إلي أن تم اجهاض الفكرة في مهدها.