يعد مفهوم «جودة واعتماد المؤسسات التعليمية» من المفاهيم المعمول بها في العديد من الدول المتقدمة، وتلك التي قطعت شوطا طويلا علي طريق النهضة والتقدم، والانتقال به من دائرة المحلية إلي آفاق أرحب اتساعا وشمولاً والقدرة علي الدخول وبخطوات واثقة في المنافسة العالمية. ومعروف لدي أهل الاختصاص أن عمليات ضمان الجودة والاعتماد تنصب علي كل مدخلات المؤسسة التعليمية: فلسفة وأهدافًا، رؤية ورسالة، بحثا وتدريسا، مناهج وطرائق، تعليما وتعلما، أساتذة وطلابا، معلمين وتلاميذ، إدارة وتنظيما، توجيها وإرشادا، إلي جانب المناخ المدرسي، المباني والتجهيزات، المكتبات ومصادر المعلومات. عشرات العناصر التي تخضع لعمليات القياس والتقويم، استهدافًا لضمان جودة المؤسسات التعليمية، واعتمادها، ابتداء من رياض الأطفال، ومرورا بالتعليم العام والفني، وانتهاء بمؤسسات التعليم العالي، بمختلف أنواعه ومستوياته، وسواء كانت حكومية أو خاصة، مدنية أو أزهرية. من هذا المنطلق تم إنشاء الهيئة القومية لضمان جودة التعليم واعتماده بموجب القانون رقم 92 لسنة 2006م، الذي ينص علي استقلالية الهيئة، وتستهدف الارتقاء بمستوي جودة التعليم، واستمرارية تطويره، واعتماد مؤسساته وفقا لمعايير قومية تتلاءم مع المعايير القياسية الدولية. ومن الجدير بالذكر أن إنشاء هذه الهيئة يعد أحد انجازات لجنة التعليم والبحث العلمي بأمانة السياسات بالحزب الوطني برئاسة الدكتور حسام بدراوي. وكان مأمولاً - حسب توصية اللجنة - بأن تكون تبعية هذه الهيئة لرئاسة الجمهورية تدعيما وتأكيدا لاستقلاليتها، ولكن فوجئ الجميع بتبعيتها لمجلس الوزراء. علي أي حال - وكما تفرض موضوعية الطرح - إن هناك جهودا تبذل في الهيئة من أجل تحقيق رسالتها، وتم وضع العديد من الوثائق التي تغطي عشرات المعايير ومؤشرات القياس مع الاستعانة بالعديد من الخبراء والمتخصصين، مع القيام بتدريب العشرات لإعدادهم من أجل القيام بعمليات التقويم والقياس، وتحديد مدي اعتماد المؤسسات التعليمية، وتمد الهيئة يدها للتعاون مع الهيئات والجمعيات والروابط المهنية والتربوية للإفادة من خبرات هذه الهيئات والجمعيات في مجال الجودة والاعتماد. ولكن تبقي المعضلة الكبري وهي أن ثقافة الجودة واعتماد المؤسسات التعليمية تواجه بعشرات المعوقات وفي القلب منها «ثقافة المؤسسات التعليمية» بكل موروثاتها وتقليدية مفاهيمها وأساليبها، وتشكل العائق أمام عمليات الجودة والاعتماد. أما عن واقع هذه المؤسسات فحدث ولا حرج، ولم لا؟ فكما هو معلن من قبل المعنيين بأمر الجودة لم يتم اعتماد إلا نسبة ضئيلة للغاية قد لا تزيد علي 30% في أحسن الأحوال، وهناك ما لا يقل عن 300 كلية جامعية لم تستطع حتي الآن، أن تصحح أوضاعها لاعتمادها، الأمر الذي يدفعنا إلي القول: إنه من الصعب علي هيئة ضمان جودة واعتماد المؤسسات التعليمية أن تحقق أهدافها المنشودة إلا بتوافر العديد من المتطلبات، وفي القلب منها: 1- وجود بنية أساسية في مؤسساتنا التعليمية، تكفل توافر الخبرات والآليات والضمانات القادرة علي تحمل مسئوليات التقويم والمراجعة. 2- تطوير هذه المؤسسات وتوفير الامكانيات اللازمة للقيام بمهامها ومن ثم ضمان جودتها واعتمادها. 3- التحليل الموضوعي لواقعنا التربوي وللثقافة المؤسسية والمجتمعية وإحداث التغيير اللازم في هذه الثقافة لتقبل مفاهيم ضمان الجودة والاعتماد. 4- نشر ثقافة الجودة داخل المؤسسات التعليمية، وقيام وسائل الإعلام بدورها في نشر هذه الثقافة لإثارة الرأي العام بأهميتها وضرورتها. عشرات المتطلبات الضرورية لتحقيق ضمان جودة واعتماد المؤسسات التعليمية ولابد من توافرها تحقيقا لتعليم قادر علي الدخول في المنافسة العالمية. والله من وراء القصد