العلم كالماء والهواء.. مقولة اطلقها الراحل طه حسين، ورسخها واكدها الرئيس محمد حسني مبارك.. فبالعلم وحده تنهض الامم وتتقدم.. ويتبدل الظلام بالنور.. حثتنا عليه جميع الاديان السماوية.. فالتعليم الصحيح القائم علي أسس علمية يبني شخصية الخريج ويجعله قادرا علي المنافسة في سوق العمل، المحلي والعالمي.. فليس غريبا علي الرئيس مبارك ان يولي اهتماما كبيرا بقضية يعتبرها المحور الاساسي لامن مصر القومي والعمود الفقري لكل متطلبات الحياة في الحاضر والمستقبل.. ففي خطوة مهمة علي طريق إصلاح التعليم ووفقا لعناصر برنامجه الانتخابي التنموي والطموح، بادر بإنشاء الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد، كهيئة مستقلة تابعة لمجلس الوزراء عام 6002.. إيمانا منه بضرورة الارتقاء بجودة التعليم وتطويره ولكسب ثقة المجتمع في مخرجاته، واعتماد المؤسسات التعليمية وفقا لرسالتها وأهدافها. اهتم الرئيس مبارك بالتعليم في مصر، والمسئول الذي يجب ان يكون عليه الخريج، سواء بالتعليم المتوسط أو الجامعي، الامر الذي جعله يولي كل الاهتمام والتفكير لوضع الاسس الصحية التي ستنهض بالتعليم لانه يعتبره هو اساس تقدم الشعوب والامم، فأطلق الرئيس دعوة بضرورة انشاء هيئة تقوم ببحث جودة التعليم وإرساء قواعد ومعايير هذه الجودة في جميع المؤسسات التعليمية، وقد صدر القانون رقم 28 لسنة 6002 بإنشاء الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد وتبع مجلس الوزراء وتتمتع بالاستقلالية الفنية لتكون احدي الركائز الرئيسية للخطة القومية لإصلاح التعليم في مصر، وقد تم اختيار الدكتور مجدي عبدالوهاب قاسم كأول رئيس لها. »الاخبار« التقت بالدكتور مجدي عبدالوهاب قاسم رئس الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد وحاورته وتطرقت معه إلي كل الجوانب المتعلقة بجودة وتطوير التعليم في مصر. في البدية سألناه: ما هو الهدف من انشاء هذه الهيئة؟ وهل دورها رقابي ام اعتماد فقط للمؤسسات التعليمية؟ أجاب: الهيئة مسئولة عن نشر ثقافة الجودة في المؤسسات التعليمية، ومسئولة عن تنمية المعايير القومية التي تتواكب مع المعايير القياسية الدولية وكذلك مسئولة عن إعادة هيكلة المؤسسات التعليمية، وتحسين جودة عملية التعليم والخريجين، علي النحو الذي يؤدي إلي كسب ثقة المجتمع واكساب المؤسسات التعليمية والخريجين القدرة علي التنافس سواء محليا أو عالميا، وتعتمد في عملها علي مجموعة من المباديء والقيم التي تؤكد الشفافية والموضوعية والعدالة والحرص علي الوصول بالمؤسسات التعليمية إلي التأهل والحصول علي »الاعتماد« للإرتقاء بجودة التعليم في مصر، واعتماد المؤسسات التعليمية يكون وفقا لرسالتها وأهدافها المعلنة. الدكتور مجدي عبدالوهاب قاسم أكد انها ليست هيئة رقابية بل جهة اعتماد للمؤسسات التعليمية التي تتمكن من تحقيق متطلبات المعايير القومية، وانها تحرص علي تقديم جميع اشكال التوجيه والارشاد والدعم للمؤسسات، بما يساعدها علي التحسين المستمر لجودة خريجيها، وان الهيئة تحرص علي توفير ونشر المعلومات الكافية والدقيقة التي تمكن المؤسسات التعليمية علي التقويم الذاتي، ومن ثم اتخاذ الخطوات اللازمة للتقدم والحصول علي »الاعتماد«. »الاخبار«: تكررت كلمة »الاعتماد« كثيرا فماذا تعني؟! معناها ببساطة إقرار الهيئة بأن المؤسسة التعليمية تقوم بتطبيق معايير الجودة، وكذلك البرنامج التعليمي المطبق يكون مستوفيا مستوي محددا من هذه المعايير، وهي اسس وضعتها اللجان المتخصصة استرشادا بالمعايير الدولية وتمثل الحد الادني لمستوي عناصر الجودة سواء بالنسبة للمؤسسة أو البرنامج التعليمي، ويجب ان تضع المؤسسة لنفسها معايير تقوم علي مراعاتها عمليا، وفي المقابل تعتمد الهيئة هذه المعايير بما يتماشي والمعايير القياسية التي وضعتها اللجان المشكلة من الخبراء. ضمان الجودة ويستطرد د. مجدي شارحا: أيضا هناك مصطلح »ضمان الجودة« وهو التأكد من جودة جميع عناصر العملية التعليمية سواء بالنسبة للمناهج أو المؤسسات أو المعلمين أو الطلاب أو أي نشاط يرتبط بالعملية التعليمية، ويتم ذلك عن طريق عملية »التقويم« وتعني تحليل أداء المؤسسات والبرامج التعليمية معا، وتحديد جوانب القصور، والإجراءات اللازمة لتلافيها تحقيقا لمستوي الجودة المطلوب. الكيفية! »الاخبار«: إذن المهمة ضمان جودة التعليم وتطويره المستمر »كيف يجري ذلك«؟ بالتنسيق مع المؤسسات التعليمية للوصول إلي منظومة متكاملة من المعايير وآليات قياس الاداء استرشادا بالمعايير الدولية مع مراعاة هوية الامة.. إلي جانب دعم القدرات الذاتية للمؤسسات التعليمية للقدرة علي التقويم الذاتي .. والعمل علي تأكيد الثقة في الخريجين المصريين علي المستوي العالمي، وكذلك استدامة التقويم الشامل للمؤسسات التعليمية وبرامجها،ونقوم بوضع آليات نشر الوعي بثقافة الجودة وللأسس الاسترشادية لقيام المؤسسات بالتقويم الذاتي، وتقديم المشورة من خلال تقارير مكتوبة، واقتراح التعديلات المتعلقة بأهداف عمل الهيئة في ضوء المستجدات، والحرص علي اقامة علاقة تبادلية مع هيئات ومنظمات ضمان الجودة علي المستوي الاقليمي والدولية، بهدف الاعتراف المتبادل. »الاخبار«: وماهي الخطة التي تتبعها الهيئة لتطوير المؤسسات التعليمية علي مستوي الجمهورية؟ الهيئة ملتزمة بتطوير منظومة التعليم في اكثر من 0005 مؤسسة تعليمية.. تضم 524 كلية في 71 جامعة حكومية، إلي جانب 001 كلية في 81 جامعة خاصة، و 001 معهد عال، لخدمة اكثر من 4 ملايين طالب علم،وتطوير 72063 مدرسة حكومية بداخلها حوالي 5.51 مليون طالب، إلي جانب 1484 مدرسة خاصة يدرس بها حوالي 52.1 مليون طالب،كما تؤكد التزامها بتطوير منظومة الجودة في جامعة الازهر التي تضم 46 كلية بداخلها 084 الف دارس، وتطوير، 778 معهدا ازهريا يدرس به حوالي 87.1 مليون طالب، وكذلك بالتعليم الفني الذي يشمل 1081 مدرسة ثانوية فنية، إلي جانب مشروع »مبارك كول« ويضم 001 مدرسة تعليم صناعي و 06 مدرسة تعليم زراعي و 201 مدرسة تعليم تجاري. وذلك حتي نهاية عام 2102. وقد تم اعتماد 072 مدرسة بمختلف محافظات الجمهورية، وحصلت علي شهادة الجودة والإعتماد. اهتمام مبارك الأخبار: من يراقب الهيئة؟! بداية نحن جهة مستقلة فنيا، لكن لانخفي ان ما تقوم به يحظي بإهتمام الجميع، ومن ثم نقوم بكتابة تقارير سنوية عن نتائج الاعمال متضمنة توصيات الخبراء، ونرفعها إلي السيد الرئيس مبارك ورئيس مجلس الشعب وايضا رئيس مجلس الوزراء، وعادة تحظي بإهتمام وتحليل القيادة السياسية، بإعتبار ان الارتقاء بالتعليم يعد احدي أولويات الرئيس،الامرالذي دفعه إلي جعله أحد المحاور الرئيسية في البرنامج الانتخابي عام 5002،وكان قبل ذلك اعلن عام 4002 امام مجلسي الشعب والشوري ضرورة انشاء الهيئة باعتبار انها ستكون ركيزة الخطة القومية لإصلاح التعليم في مصر. الأخبار : ببساطة كيف يجري العمل؟ أولا تتلقي الهيئة الطلبات من المؤسسات التعليمية التي ترغب في الحصول علي شهادة الاعتماد،ومنذ ذلك التاريخ يبدأ التعاون بين الهيئة والمؤسسة سواء كانت جامعة أو في مرحلة ما قبل الجامعة،فتقدم الهيئة المشورة والمعايير وتقوم المؤسسة بالتنفيذ، وفي هذا الاطار يتم الارتقاء بكل ما يحيط بالعملية التعليمية سواء المكان أوالمعلم أو الدارس، ثم يزور المؤسسة لجنة من خبراء الهيئة، وتضع تقريرها حول مدي تطبيق معايير الجودة، وفي حالة استيفاء شروط الجودة تمنح الهيئة للمؤسسة درجة الاعتماد. مزايا .. وعقوبات والأخبار: ما الفائدة التي تعود علي المؤسسة بعد اعتمادها؟! وماذا لوتقاعست؟ تحصل المؤسسة فورا علي 4 شهور مكافأة لجميع العاملين،ويجري حاليا دراسة وضع مبلغ مالي في حسابها ويمكن الإنفاق من ريعه علي حوافز التطوير، كما يجري حاليا بحث زيادة حوافز الاعتماد، وبالنسبة للخريجين فإنهم يتمتعون بمستوي ارقي، وذلك بسبب الارتقاء بالعملية التعليمية، كما يتمتع الخريج »بسمعة« مختلفة عن الخريج العادي، امااذا لم تتقدم المؤسسة خلال الأعوام الخمسة »8002- 2102« فسوف يطبق عليها أحد 3 عقوبات.. اما تنحيه مجلس الادارة وذلك بعد التشاور مع الوزير المختص أوشيخ الازهر اذا كانت المؤسسة التعليمية ازهرية، وإما المنع سنة من قبول طلاب جدد وهي عقوبة قد تضر مؤسسات التعليم الخاصة، وإما ان تقوم المؤسسة بمعالجة عيوبها علي نفقتها اذا كانت تقدمت لكن لم تلزم بالمعايير الموضوعية، ويجري حاليا دراسة مدة فترة الإعتماد إلي 7 سنوات. »الاخبار«: نحتاج إلي تبسيط أكبر لعملية التجويد التي تنتج عن عمل الهيئة؟! نحن نعمل مع ثلاث جهات.. مرحلة التعليم ما قبل الجامعي ومرحلة التعليم الجامعي وقطاع التعليم الازهري، وقد قدم التعليم الازهري خطة طموحة للإرتقاء بالعملية التعليمية الخاصة به، ويجري التعاون كاملا، اما بالنسبة للتعليم قبل الجامعي، فنحن معنيون بوضع منهج فكري من خلال وثيقة وضعها خبراء مصريون »دوليون«، وسوف ينتج عنها خريج يتمتع بمزايا التفكير الانتاجي، والقدرة علي التعلم اثناء العمل، والقدرة علي العمل في فريق،والقدرة علي تطبيق المعرفة والعلم بفاعلية، والمنافسة مع الغير في اطار من الجودة الشاملة، ويأتي هذا من خلال اكساب المتعلم مهارات تمكنه من تأدية دورة بنجاح في الحياة العلمية، إلي جانب تنمية القدرة علي استكمال تعليمه الجامعي اذا أراد، وإكسابه المواصفات العصرية وهي ميزة هامة تدعمه في سوق العمل الدولي. الجامعة الأمريكية ويستطرد د. قاسم قائلا: اما بالنسبة للتعليم الجامعي سواء في الازهر أوخارجه فقد وضعت الهيئة دليلا.. جاء بفكر خبراء مصريين دوليين وهو يضم معلومات متنوعة ومهمة، حول ما يتعلق بعملية التقويم والاعتماد، وهو يعتبر المرشد الرئيسي للتطوير والارتقاء بالتعليم الجامعي، ويهدف إلي معاونة المؤسسات الجامعية علي إجراء الدراسة الذاتية الخاصة بالبرنامج من خلال نموذج شامل مقدم من الهيئة، والهدف إيجاد خريج جامعي متواكب مع المستوي العالمي لخريجي الجامعات، وتخضع جميع الجامعات المصرية سواء الحكومية أو الخاصة لمتطلبات الاعتماد، وبإستثناء الجامعة الامريكية، لكن المفاجأة ان الجامعة الامريكية بادرت بطلب الاعتماد لدي هيئة ضبط الجودة، رغم انها تتبع السفارة الامريكية بما يعفيها من اللوائح والمباديء القانونية التي تنظم عمل الهيئة. علماء مصر »الاخبار«: تردد اكثر من مرة مقولة الخبراء المصريين الدوليين؟! نعم ..أود ان أؤكد علي مبدأ هام.. اننا حرصنا علي الاستعانة بالعلماء المصريين الذين لديهم خبرة في ذات المجال، وللعلم تملك مصر المئات من ابنائها المخلصين العلماء الذين شاركوا في وضع مباديء ومواثيق هيئات لضبط الجودة خارج مصر، بعدما استعانت بهم دول أخري، وكانوا سفراء شرفوا بلدهم في الخارج مما دفعنا إلي الاستعانة بهم لخدمة وطنهم، وتم استخدام 001 عالم مصري، في جو يشبه المعسكر لمدة 001 يوم، وبطاقة عمل فكري بلغت 0004 ساعة، وقاموا بوضع معايير الاعتماد. الأخبار: هل يشعر بكم العالم؟! نحن نتعاون ونتشاور مع معظم المؤسسات الدولية .. وقد عقدنا المؤتمر الاول بالتعاون مع المركز الثقافي البريطاني 8002، وعقدنا مجموعة ضخمة من الاجتماعات لتبادل المشورة مع الاتحاد الاوروبي للحصول علي المساعدات الأجنبية ومع ممثلي اليونيسيف واليونسكو، ومع الهيئة الالمانية »DAAD«، ومع هيئة التعاون الدولي الياباني، والمؤسسة الاوروبية للجودة، والهيئة الاوروبية للتعليم الفني والمهني والتدريب، والمؤسسة اليابانية لمنح الدرجات العلمية، ومجلس التعليم الهندسي باليابان،وهيئة المؤهلات الاسكتلندية، وجمعية كليات الطب الامريكية، إلي جانب العشرات من ورش العمل وجميعها مع مؤسسات ومنظمات عالمية، وعقد مؤتمر ضمان جودة التعليم والاعتماد مع المفوضية الاوروبية وايضا يجري التعاون المشترك مع العديد من المؤسسات الدولية المشابهة ونسعي حاليا بخطوات ثابتة وقوية إلي الدخول ضمن اتفاقية واشنطن ويستطرد د. قاسم: هي اتفاقية ضخمة تضم مؤسسات الدول المتقدمة الكبري مثل ألمانيا وفرنسا واليابان والولايات المتحدة وكندا وانجلترا وجنوب أفريقيا ويهدف هذا إلي الاعتراف المتبادل بخريجي هذه الدول، ومن ثم الاعتراف بالخريج المصري الجامعي، وقد تم وضع بروتوكول تعاون يقضي بالاعتراف المتبادل بين المؤسسات المعتمدة من قبل الهيئة وهيئة الابت وهي امريكية تعد اكبر مجلس عالمي لاعتماد كليات الهندسة والتكنولوجيا، وكل هذا يعد لصالح خريجي المؤسسات التعليمية المصرية. ومع نهاية الحوار مع د. مجدي عبدالوهاب قاسم رئيس هيئة ضمان جودة التعليم والاعتماد يشير إلي مشروع جديد عكفت الهيئة علي وضعه،وهو متعلق بجذب علماء مصر في جميع انحاء المعمورة للمشاركة في إحداث النهضة التعليمية الشاملة والاسترشاد بخبراته وعلمهم للإرتفاء بالتعليم والمؤسسات التعليمية، بل والارتقاء بالمجتمع.