د. محمد محمود محجوب أمين عام نادي أعضاء هيئة التدريس جامعة المنصورة التعليم قضية أمن قومي تصريح حاسم جازم ما أدلي به السيد الرئيس محمد حسني مبارك في أكثر من مناسبة، التعليم هو منبع كل المهن والوظائف في جميع قطاعات الدولة والمجتمع علي جميع المستويات داخليا وخارجيا دون أي استثناء، التعليم السليم يؤدي دائما إلي ترسيخ الثقافة الثاقبة الواعية في المجتمع الذي ينشد التنمية، كما يزرع قيمة الانتماء والدفاع عن الأرض والعرض ويساهم تلقائيا في إرساء قواعد الأمن والسلام الاجتماعي، وباختصار شديد التعليم هو الذي يصنع مجتمعا صحيحا معافي، كما أن جميع الأديان السماوية تأمرنا وتحثنا علي العلم لأنه بالعلم وحده يتبدل الظلام بالنور. والتعليم الجامعي هو المرحلة التي يتم فيها تكوين وتشكيل شخصية المواطن مهنيا وفكريا ونفسيا ليكون مؤهلا لإدارة المجتمع وقيادته في جميع قطاعات الوطن مدنية وعسكرية وداخليا وخارجيا، وأساتذة الجامعات ليسوا فئة بعينها تبحث عن زيادة الدخول من أجل التميز أو الرفاهية، بل يرغبون في مواجهة ارتفاع تكاليف البحث العلمي والنشر الخارجي وحضور المؤتمرات حيث يتم ذلك في أغلب الأحيان علي نفقتهم الخاصة، وذلك لأنهم يشعرون بمسئولية تأهيل عقل المواطن الذي هو مستقبل الوطن، ولهذا قام الوطن حكومة وشعبا بوضع قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972 الذي كان في ذلك الوقت قانونا يحتوي علي ما يليق بمسئوليات أساتذة الجامعات، أما الآن فلنا أن نتصور أن يتم تكليف معيدين من أوائل الكليات ثم يتركون الوظيفة عندما يحصلون علي فرصة عمل في قطاعات أخري أو دول أخري تجزل لهم العطاء والمكانة هجرة العقول، هل يمكن أن نتصور أن يكون هناك ربط بين زيادة الدخول وجودة التعليم، إن جودة التعليم مسئولية ذاتية كامنة في نفس كل من يقوم علي التعليم الجامعي. البعد الاجتماعي لأعضاء هيئة التدريس ليس هناك أدني شك أن ضعف دخول أعضاء هيئة التدريس هو التحدي الأكبر لعملية تطوير التعليم وجودته لأن الطرفين الأساسيين في التعليم الجامعي هما فكر ينبع من الأستاذ وفكر من الطالب يتابع الأستاذ، وعندما يتصل الأمر بالفكر فيجب أن يكون منبع الفكر وهو الأستاذ متواصلا مع كل ما هو جديد في العالم الذي أصبح قرية صغيرة في ظل ثورة المعلوماتية والاتصالات، والتواصل هذا له تكاليفه التي ترهق الدخل الحالي لأستاذ الجامعة، فكيف له أن يقوم ببحث علمي راق وكيف له أن يشارك في المؤتمرت الدولية أو حتي المحلية وكيف له أن يقوم بالنشر العلمي في المجلات المفهرسة بل وكيف له أن يشتري كتابا حديثًا في تخصصه حيث وصل سعر أمهات الكتب إلي مئات الدولارات، هذا بالاضافة إلي رجاء أستاذ الجامعة في حياة كريمة عفيفة في ظل مستويات الأسعار الحالية. شهادة أتقدم بها إلي كل مسئول من واقع الأحداث الأخيرة والموقف الراقي لأساتذة الجامعات الذي أفتخر به، ففي ظل أزمة أنفلونزا الخنازير وحرصا علي صحة الطلاب وتحاشيا لانتشار المرض فقد تم تقسيم الطلاب إلي مجموعات من 300 إلي 400 طالب وبالتالي ازداد العبء التدريسي للأستاذ في بعض الكليات كثيفة العدد إلي ثمانية أضعاف وإزداد معه احتمال إصابته هو شخصيا بالمرض، وبالرغم من ذلك وبدون أي جدل وبكل مسئولية تم التنفيذ بلا مقابل بل بدون طلب أي مقابل، بل تم تطوير بعض أساليب التعليم وذلك ببث المحاضرات في أكثر من مدرج علي الشاشات مع ضمان تفاعل الأستاذ مع الطلاب. أتمني من كل مسئول أن ينظر في مرآة التاريخ متأملا في الخمسينيات والستينيات عندما كان يحتل أستاذ الجامعة مكانته التي تليق به وكان دخله يضمن له الحياة الكريمة وكانت العملية التعليمية المصرية فخرًا لكل من سافر إلي الخارج وكيف كانت الجامعات الأجنبية تتهافت علي الخريج المصري، كما أتمني أن ينظر كل مسئول حوله في الدول العربية أو الأجنبية وكيف يتم التعامل مع أساتذة الجامعات ماديا ومعنويا. ربط سوق العمل بالخريجين. رسالة أخيرة لمتخذ القرار، إن ميزانية البحث العلمي في الجامعات ومراكز البحوث ضيئلة للغاية لا تفي مطلقا بالهدف المنشود وهو تفعيل البحث العلمي الخلاق الذي ينافس مثيله علي المستوي الدولي وقابل للتطبيق علي المستوي المحلي.