أكد محمد سلماوي رئيس اتحاد الكتاب المصريين أنه لم يكن يقصد ما ظنه البعض من كتابه "عشر برديات مصرية" أنه يسقط أحداث التاريخ علي الواقع، أو أنه ينتقد عبر الشخصيات الواردة أشخاص بعينهم يعيشون الآن، كان ذلك في إطار الندوة التي استضافها اتحاد الكتاب ضمن فعاليات ليالي رمضان بمحكي القلعة مساء الأحد الماضي، لمناقشة الكتاب الصادر عن الدار المصرية اللبنانية، حضرها كل من الدكتور جمال التلاوي، والدكتور حسين حمودة، وأدارها الدكتور صلاح السروي سلماوي قال: خلطت الواقع بالتاريخ، وأشرت للواقع بإحالات تاريخية، وعلقت علي التاريخ بعبارات عصرية، بصورة عفوية تماما، ولكن هذا أثبت أن الكاتب لا ينفصل أبدا عن واقعه، ومهما كتب في التاريخ فعينه دائما علي الواقع، و لم يكن التاريخ ليلهمه بشيء، لولا أنه وجد فيه ما يتصل بالواقع الذي يعيش، أما هدفي علي المستوي الفني، فكان العودة للأدب المصري القديم، لأنه غير معروف بالقدر الكافي، أهملناه، رغم أنه جميل، حاولت عبر البرديات إحياءه، ليكون معينا للكتاب والأدباء، لذلك استوحيت كل الأشعار الموجودة في الكتاب من البرديات القديمة، التي ترجمتها وأعدت صياغتها بتصرف حسب مقتضيات السياق الدرامي. وأضاف: لا أدري هل البرديات رواية أم قصص مستقلة، ولكن أليس هناك خيط ومناخ يجمعها كلها؟ منذ البردية الأولي مع توحيد مينا القطرين، وحتي البردية العاشرة حيث الانتقال للعصر الإسلامي، تسلسل زمني؛ في أحد المرات سألت نجيب محفوظ عن كتابه حكايات حارتنا، قلت له هي قصص، لماذا في الترجمة الفرنسية كتبوا عليها رواية، قال لي "لا، فيها خط روائي يجمع كل هذه القصص لم أسمها رواية، ولكن بها روحها"، كما أن بعض الروايات العالمية تخلو من الحبكة والتسلسل الزمني، مع ذلك من حق النقاد الاختلاف مع نجيب محفوظ نفسه إن قال رأيه في رواية ما، وكان رأيهم مخالفاً له. وأكمل: الشكل في الأدب و الفنون كلها لم يعد له شكل محدد، لم يعد أحد يكتب ما يمكن وصفه بأنه واقعي صرف أو أنه ينتمي للمدرسة الطبيعية أو السريالية، المدارس اختلطت والأشكال امتزجت وأصبح الشكل الجديد للأدب في القرن العشرين، خاصة الجزء الأخير منه، مبتكر يجمع كل هذه المدارس معا، لأنه لا يوجد مدارس جديدة في الإبداع، لذا نري سمات واقعية وعبثية وكلاسيكية ورومانسية فيما يكتب الآن. الدكتور جمال التلاوي أشار إلي استخدام سلماوي البردية كتقنية تاريخية، لفهم الواقع المعاصر، وأنه قدم في كتابه ما وراء القصة "الميتافيكشن" وهو وجهة جمالية تميز ما بعد الحداثة، وتكسر الإيهام بالاتفاق الضمني بين القارئ والكاتب علي أن المكتوب حكاية غير حقيقية، وقال: لقد كسر سلماوي الإيهام، و اعتمد علي عناصر حقيقية، كما استخدم التناص مع المقاطع الشعرية، فالشعر عند سلماوي مكون أساسي من عمله لا غني عنه، ويبدو أنه قصد الشكل الذي جاءت فيه القصص عبر برديات تتفق سيميتريا مع بعضها، لها ذات الحجم، والشكل، تتراوح الواحدة بين 8 و10 ورقات، بينما تختصر في داخلها تاريخاً طويلاً لحاكم امتد حكمه بين 60 و70 عاماً. الدكتور حسين حمودة أكد أن النص ثري، وأن فكرة الصلة بين النص والتاريخ مادة خصبة لمقاربات متباينة حيث لا مجال للتوقف مطولا عند أبعاد هذه الصلة، الشائكة والشائقة في الوقت نفسه، ولكن يمكننا القول أن المبدع الأديب الذي يعمل مادة يقدم مادة تاريخية في عمله الأدبي، إنما يتحرك من زمنه هو، وينطلق مما يستدعيه ويثيره ويمليه هذا الحاضر من هموم وقيم جمالية وإبداعية، تتقاطع مع هموم وقيم العالم الذي يرتحل إليه، وبرغم أن ثمة ما يجمع نصوص الكتاب إلا أن قراءة كل منها مستقلة أمر ممكن.