ما إن أعلن الكاتب والناشط «القبطي» كمال زاخر موسي استقالته من الوفد اعتراضًا علي ما رآه انحرافاً عن ثوابت الحزب الليبرالي العريق وعلمانيته، إلا وأردف تحركه المفاجئ بتحرك آخر أطلق من خلاله حركة جديدة باسم «مصريون ضد ارتداد الوفد» للتصدي لثوابت الحزب العريق أمام ما اعتبره انتشارًا للظلامية. واتهم زاخر الذي كان يشغل موقع رئيس لجنة الوفد بالأزبكية قبل الاستقالة في حواره مع «روزاليوسف» جماعة الإخوان المحظورة بالسعي لتنفيذ سيناريو محكم لاختراق الوفد والاستيلاء عليه عبر الدفع بعضويات كثيرة باتت محل ريبة وشك منتقدا ما اسماه التعامل «الملائكي» لرئيس الوفد مع هذا الأمر. ونفي زاخر أن تكون استقالته جزءاً من المؤامرات التي تحاك من قبل أنصار محمود أباظة الرئيس السابق للوفد كما يتردد داخل بعض أجنحة الحزب مهاجمًا ممارسات الفترة الأباظية التي اعتبرها مرحلة «بيات شتوي للحزب». وإلي نص الحوار.. لماذا «الاستقالة» الآن رغم الحراك الذي يشهده الوفد؟ الصورة العامة لم تتضح بعد.. والأمر يحتاج لمزيد من الدراسة للتضح معالمه.. فهناك صراع مكتوم بين فريق محمود أباظة الرئيس السابق ود.السيد البدوي الرئيس الحالي.. ويرجع ذلك لمخلفات الصراع بين الفريقين وفريق نعمان جمعة الرئيس الأسبق للوفد.. ولا أتصور أن نتائج الجمعية العمومية الأخيرة التي اختارت البدوي «ابنة لحظتها» وتحتاج تبريراً للانقلاب الوفدي علي الوفد! ماذا تعني بالانقلاب الوفدي علي الوفد؟ - تم تكوين «group» تحت مسمي «وفديون ضد العلمانية».. والغريب أن البدوي أيده وأكد ذلك في مؤتمر «لا انتخابات بلا ضمانات» حيث قال الوفد لم ولن يكون علمانيا وأن مبرراته للتأكيد علي هذا الكلام واهية.. ولو استمر الأمر علي ما هو عليه من قيادة الوفد سيكون بداية تسليم مفتاح الوفد للإخوان.. وهذا أمر خطير ولا ينكر أحد هرولة بعض قيادات الأحزاب المعارضة لاسترضاء الإخوان. وهذه مشكلة تؤكد أن سعي الإخوان للاستيلاء علي الأحزاب يسير وفق مخططهم في الطريق السليم لأن ما يحدث الآن غير مبرر إذ إنه ليس تربيطات بين قوي شرعية! هل تقصد أن الأوضاع في عهد محمود أباظة كانت أفضل مما هي عليه الآن؟ - عهد أباظة كان عهد «البيات الشتوي» للوفد.. وكانت يسوده حالة من التراخي وتجميد النشاط بشكل واضح ومهما كان السبب كان الوضع سيئاً.. وانتهي إلي ما جناه أو حصده أباظة في الانتخابات الأخيرة. ماذا تقصد بما جناه أباظة.. السقوط مثلاً؟ - الفشل الذي أحاط بأباظة كان لصالح البدوي إذ كان سببا في نجاحه خاصة أن البدوي غاب لفترة طويلة عن الحزب وأي مرشح أمام أباظة حظه كان أفضل. هاجمت أباظة وانتقدت البدوي.. لمن أعطيت صوتك في الجمعية العمومية الأخيرة إذاً؟ - أمتنع عن الإجابة عن هذا السؤال، حتي لا نبتعد عن القضية الأساسية.. وهي مصلحة الوفد.. وما يحدث فيه الآن لأن ذلك سيحول الحديث لنظرية «المؤامرة». هل تريد الابتعاد عما يتردد عن صراعات بين أنصار البدوي وأباظة وتخشي الاتهامات؟ - الاتهامات واردة.. ولكن مواقفي بعيدة عن هذا لأنني أتحدث عن وقائع ملموسة علي أرض الواقع ولا علاقة لها بالصراعات. تتحدث عن اختراق إخواني للوفد.. فهل تمتلك وقائع تؤيد هذا الاتهام؟ - نحن أمام حالة وضع اليد علي الحزب.. والاختراق الإخواني جاء لاحقًا للانتخابات الأخيرة.. ومنير فخري عبدالنور سكرتير عام الوفد قال إن الاقبال علي عضوية الحزب كبير يوميا وقد يصل ل150 في اليوم.. وبهذا الرقم قد يصل لما يزيد علي 10 آلاف في 3 شهور.. وهناك دفع للعديد من العناصر الإخوانية للحصول علي عضوية الحزب.. وأتمني أن أكون غير محق.. وهنا أوجه سؤالاً لقيادة الحزب «ما الضوابط التي تحكم قبول العضويات الجديدة بعيدًا عن الفخر بالأعداد؟!».. لأننا إزاء الحديث عن خطورة استغلال كارنيه الحزب ممن لا نعلم هويتهم السياسية الحقيقية أو من دفع بهم لعضوية الحزب! إذا.. أنت تؤيد وجود مخطط يحاك ضد الوفد؟ - أتصور هنا.. ود. السيد البدوي يتعامل بمثالية شديدة، وملائكية لا تصلح في مثل هذه الظروف والأجواء الخطيرة لأن الطريق إلي جهنم مفروش بالنوايا الحسنة.. ويجب الانتباه لمحاولات الإخوان الاستيلاء علي الوفد. هناك من اتهم د. البدوي بأنه «إخواني» ما رأيك؟! - لا أظن هذا.. فهو يتعامل بسلامة نية، وهذا لا يتماشي مع طبيعة العمل السياسي.. وأري انبهاراً لدي د. البدوي بما يراه من تحول في فكر الإخوان حول الدولة المدنية والمرجعية الإسلامية وهذا يتنافي مع أدبيات الإخوان التي تؤكد رغبتهم في إقامة دولة دينية. وماذا عن تشكيكك في العقوبات الجديدة؟ - الحزب ليس جمعية تعاونية.. ولا يجب أن يباهي بالعدد وإنما بمن يؤمن بمبادئه.. ويجب أن يكون هناك ضوابط صارمة للتأكد من إيمان من ينضمون للحزب بأفكاره، منعًا لاختراقه. هناك من يفسر الأمر بأنه محاولة من البدوي لقيادة المعارضة؟ - لا مشكلة في هذا، إذا كان يتم بين المعارضة الشرعية.. وما يفعله الإخوان هو سياسة فرض الأمر الواقع كمن يضعون أيديهم علي أراضي الدولة، لكونهم فاقدي الشرعية، وعناصر راديكالية متطرفة، والدليل برنامجهم الأول الذي تنصلوا منه فور هجوم الرأي العام عليه.. فهو كان مناورة.. والحديث عن الحوار مع الإخوان كونهم قوي سياسية يتواصل معهم الوفد حق يراد به باطل.. والسؤال.. هل سيعطي الوفد صك شرعية للإخوان تحت مظلته بدعوي زعامة المعارضة؟! لكن البدوي نفي فكرة التحالف مع الإخوان وكذلك منير فخري عبدالنور. - نحن إزاء سياسة مسك العصا من المنتصف بفتح قنوات للاتصال مع الجماعة رغم عدم شرعيتها.. وهنا أتساءل: هل هذا محاولة لإعادة إنتاج تجربة تحالف 84 بين سراج الدين والتلمساني، بشكل غير معلن، رغم أن الوفد لا يزال يدفع ثمنها إلي الآن، لأن الإخوان عبروا للبرلمان مستخدمين الحزب ككوبري تحايلاً علي فشلهم المستمر.. إذ لم ينجح لهم أحد في الانتخابات التشريعية قبل هذا التاريخ سوي الشيخ صالح أبوإسماعيل. ولا يجب أن ينسي الوفديون أن عقب نجاح الإخوان علي مبادئ الوفد نفذوا أجندتهم داخل البرلمان ولم يأتمروا بأوامر الحزب، بل انقلبوا عليه ولذا لابد أن نتعلم من أخطائنا، خاصة أنه لم يتحالف أحد مع الإخوان، إلا ولدغ منهم. ذكرت أن هناك انقلاباً علي مبادئ الوفد.. كيف تري هذا الأمر؟ - لا أري إلا أن ثوابت الوفد في خطر! وهل يعاني الوفد أزمة وحدة وطنية حالياً؟ الآن لا يعاني، لكن هناك بوادر لذلك.. وسعاد صالح تراجعت وقالت إنها نادمة علي الانضمام للوفد، فهي أراحت واستراحت. أري في كلمة.. أراحت واستراحت، رغبة في أن تقدم استقالتها من الحزب. - أنا لا أحجر علي أحد.. وسكرتير عام الحزب قال إذا كانت قد انضمت للوفد من أجل العمل بالدعوة.. فهي في المكان الخاطئ، لأن الوفد منبر لممارسة العمل السياسي وليس العمل الديني أو الدعوي. ولماذا لم تأخذ بكلام سكرتير عام الحزب الذي قال إن استقالتك متسرعة، وأسبابها غير كافية؟! - لم استقل لأسباب شخصية أو عاطفية لأني موضوعي، فيما طرحته والرجوع عن الاستقالة عبث، خاصة أني لا أريد الحصول علي مغنم شخصي أو فرقعة إعلامية لأننا إزاء ما يهدد حزب سياسي يحتاجه الوطن هو والمعارضة الموضوعية ولسنا في حاجة لترضية شخصية. ولكن قال إنها زيارة بروتوكولية؟ - من قال إنها بروتوكولية.. فمبادئ الوفد لا يجب أن نختلف عليها.. وأطالب بإعادة النظر في اتجاهات الوفد الجديدة. هل من الممكن أن تتراجع عن الاستقالة؟! - عندما يصحح الوفد ما انزلق إليه من أخطاء يجب أن ننبه إليها، لأن اندفاع الوفد لأحضان الجماعة غير مبرر، ورغم ذلك فنحن لا نحكم علي النوايا وإنما علي ما يحدث علي أرض الواقع. اعترضت علي تصريحات سعاد صالح وزيارة المرشد.. فلماذا قررت الاستقالة بعد مؤتمر الوفد وبفترة ليست قصيرة؟ - أجلت الاستقالة مرتين، ولكن تصريح رئيس الوفد بأن «الوفد لم ولن يكون حزبًا علمانيا» وكأنه كان يتهرب من جريمة.. كان بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير.. وهذا أمر مزعج، إذ إن هذا الطرح لا يقل عما تعلنه الجماعات المتطرفة التي تعادي العلمانية وتظهرها وكأنها ضد الدين. ولكنك هاجمت أيضًا عدم وجود رد فعل من الهيئة العليا. - أعتقد أن هناك مشاورات داخل أجنحة الحزب.. والتيار المتشدد يري أن الاستقالة خير وبركة.. وغير نادم عليها. وماذا عن حركة «مصريون ضد ارتداد الوفد»؟ - هي حركة تستهدف فضح أي محاولات لاختراق الوفد من جانب التيارات الظلامية التي تحاول اختراقه منذ أمد بعيد، إذ إن هناك بوادر يجب أن تجعلنا نتوجس من هذا الأمر في الوقت الحالي.