رغم حالة "التفاؤل" التي صاحبت التجربة الوفدية - علي المستوي الحزبي - مع بداية تولي د.السيد البدوي شحاتة رئاسة الحزب الليبرالي العريق، اذ بدا "البدوي" اكثر حركية وتفاعلا مع الشارع، الا ان العديد من كوادر الحزب توجست خيفة من تداعيات التصريحات الاعلامية لرئيس الوفد الجديد ومدي انعكاساتها علي الحزب في المستقبل. فتحركات البدوي - بحسب هذا الفصيل - كانت تنحرف بالوفد الي "اللاهوية السياسية" ،وفقا لما عكسته أول تصريحات رئيس الحزب، التي سارت بقوة نحو هذا الاتجاه ، ودارت حول ان "الوفد" منذ نشأته الاولي كان أشبه ب"العباءة" التي ضمت مختلف الأطياف والتوجهات الفكرية .. ورأوا في هذا الأمر خطرا يهدد الحزب علي النطاق المستقبلي، اذ سيصبح وكأنه أقرب الي مجتمع "موزاييكي" او فسيفسائي ، لا يحمل ملامح او معالم سياسية محددة. وان اعتبر بعضهم ان هذا "الكلام" ربما يكون مقبولا من الناحية "العملية" لأن "الوفد" طرح نفسه ، منذ البداية، كبديل "شرعي" قادر علي ان يملأ المساحة التي احتلتها جماعة "الاخوان" المحظورة ابان الانتخابات التشريعية التي شهدها العام 2005.. وبالتالي فان توجه "البدوي" بخطابه لعدد ممن تعاطفوا مع هذا التيار - غير الشرعي - من غير "التنظيميين" الملتحقين بصفوفه .. والسماح لهم بممارسة دور سياسي داخل اطار مؤسسي معترف به قانونا، هو في حد ذاته أمر يحسب له لا عليه. إلا ان تكرار العزف، من قبل رئيس الوفد، علي هذا المنوال أكثر من مرة اثار العديد من المخاوف الداخلية التي رأت ان البدوي ينجرف بالحزب الي الهاوية - رغم نجاحه في اثارة جدل اعلامي واسع حول تحركاته كان من الممكن ان تكون له تداعيات ايجابية علي اكثر من مستوي - واعتبروا ان ما اطلقوا عليه "مغازلة" للفصائل المتعاطفة مع تيار الاسلام السياسي ،جعلته يتخلي عن هوية الحزب الليبرالية .. رويدا رويدا. وكان ان شهدت أروقة الحزب تجربتين - نطرحهما خلال السطور القادمة - تحمل كل منهما رؤية "متوجسة" ازاء تصرفات "الرجل الاكثر اثارة للجدل داخل الوفد". التجربة الأولي .. للكاتب "القبطي" كمال زاخر موسي ،الذي قدم استقالته من الحزب استنادا علي ثلاثة اسباب تصورها انحرافا صارخا عن مبادئ الوفد هي : زيارة رئيس الحزب لمقر جماعة الاخوان ، اذ اعتبرها زاخر زيارة كارثية تقوض القواعد التي قام عليها حزب الوفد "التاريخي والجديد".. والصمت "المطبق" تجاه تصريحات د.سعاد صالح التي رفضت فيها ترشح القبطي لانتخابات رئاسة الجمهورية.. بالاضافة لاستنكار رئيس الحزب أن يكون الوفد علمانيا. والنقطة الأخيرة كانت هي نقطة الارتكاز بالنسبة للتجربة الثانية، التي يمثلها الكاتب الوفدي عادل عصمت، اذ رأي أن هناك خلطا في تصورات رئيس الوفد عن طبيعة الدولة ..فهو ينادي بالدولة "الوطنية" ويرفض مبدأ "العلمانية" الذي هو الاساس الأول بالنسبة لهذه الدولة ، مؤكدا ان قيادات الوفد التاريخية كانت اول من اكد علي "مبدأ العلمانية" عبر شعار "الدين لله والوطن للجميع". وكان هذا هو التفسير الذي اعتمدته القيادات الوفدية - آنذاك - عندما رفعت "الهلال والصليب"معا، واتخذته رمزا للحزب، علي العكس مما روج له "البدوي" - مؤخرا - من تفسير "شائه" او غير دقيق لهذا الشعار، لتأكيد توجهه بأن الوفد، كان ولا يزال، حزبا يضع في حسبانه الانتماءات الدينية ولم يكن يوما "علمانيا".