يمكن اعتبار الانتخابات التي جرت أمس الأول علي رئاسة حزب الوفد، أعرق وأهم أحزاب المعارضة، والتي فاز بها د.السيد البدوي وبفارق 209 أصوات عن منافسه المرموق محمود أباظة، هي أول انتخابات تتوافر لها عوامل انجاحها وقوتها وجدتها داخل الأحزاب المصرية. إذ بثت الأجواء السابقة عليها، من مناظرات تليفزيونية علي النمط الغربي روعي فيها الاحترام المتبادل بين مرشحين متكافئين، مشاهد لم يألفها المتابعون للشأن الحزبي.. وهم ذاتهم الذين روعتهم مشاهد دموية انطلقت من نفس الحزب في العام 2006 حين احترق مقر الحزب الليبرالي العريق بعد معارك بالرصاص والأسلحة البيضاء. الأداء هذه المرة يناسب قيمة الوفد التاريخية والمأمول منه في الحركة السياسية الشرعية المراعية للدستور وبإجراءات تضع المبادئ المدنية للعمل السياسي نصب أعينها. نجاح «البدوي» المستحق جاء رغم غيابه 4 سنوات عن المقر الرئيسي للحزب في «بولس حنا» مكتفيًا بتأكيد صلاته مع القواعد الوفدية التي رجحت كفته في النهاية.. وهو الغياب الذي فسره البدوي في «المناظرات التليفزيونية» بشعوره وقتها بأن وجوده «غير مرغوب فيه». وعليه إن أراد صالح الوفد ألا يكرر ما حدث له مع قيادات الحزب فإعادة ترتيب البيت من الداخل تقتضي وجود كل الكفاءات السياسية والاستفادة من جميع الأفكار مهما كان تباينها. سيكون علي «البدوي» مواجهة استحقاقات نيابية علي أكثر من صعيد ستبدأ بعد غد «الثلاثاء» في انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشوري التي يشارك فيها الوفد ب10 مرشحين اختارهم «أباظة» وسيدير«البدوي» ما تبقي من ساعات أمام اختبار شعبيتهم في دوائرهم. وبعدها سيواجه «البدوي» إعداد الحزب لانتخابات مجلس الشعب قبل أن يقرر منافسة الوفد في انتخابات الرئاسة المقبلة. ومن المؤكد أن عوامل عديدة ساهمت في فوز «البدوي» أهمها الرغبة الواضحة لغالبية الوفديين في «التغيير» بعد خيبة آمالهم في قادة إصلاح الحزب وعلي رأسهم محمود أباظة.. وسمحت أخطاء صغيرة من أباظة لمنافسه بالانتصار عليه.. كان آخرها ما ردده في «المناظرات» من انه اضطر لترشيح نفسه مجددًا لعدم وجود قيادات قادرة علي إدارة الحزب. والأكيد إن علي البدوي الوفاء بما التزم به من «إعادة الحزب لرونقه وتصدره للمشهد السياسي خلال 18 شهرًا وإلا فالاستقالة» وهو في سبيل ذلك عليه بناء الثقة في الحزب مجددًا، خاصة في ظل ما يمتلكه من علاقات جيدة مع دوائر مختلفة في جميع التيارات السياسية.. وعليه أيضًا الالتزام بما وعد به من تطهير الوفد من بعض العناصر التي تستغل علاقتها بالحزب في تمويل جمعيات حقوقية تمويلاً خارجيًا ودون رقابة كافية من مؤسسات الحزب وبما يؤثر علي الصورة الذهنية عنه. صحفيا.. ووفق تصريحات البدوي ستتم إعادة هيكلة جريدة الوفد، بما يعني رجحان تغيير رئيس تحريرها الحالي سعيد عبدالخالق، في ظل شكوي «البدوي» من هجوم الجريدة عليه 4 مرات في باب «العصفورة» بالعدد الأسبوعي.. وفي كل الأحوال سيؤدي فوز البدوي والأجواء المصاحبة له إلي موجة حماس داخل الحزب ربما تعيد جزءًا من تراثه وربما تكون سببا في عدوي أحزاب أخري من هذه التجربة الرائدة.