لقد ورد في أحاديث النبي صلي الله عليه وسلم التي رغبت في الزهد في الدنيا والتقلل منها والعزوف عنها روايات كثيرة منها: 1- قول النبي صلي الله عليه وسلم لابن عمر رضي الله عنهما: «كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل» «رواه البخاري» وزاد الترمذي في راويته: «وعد نفسك من أصحاب القبور». 2- وقال النبي صلي الله عليه وسلم: «الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر» «رواه مسلم». 3- وقال صلي الله عليه وسلم مبيناً حقارة الدنيا: «ما الدنيا في الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم إصبعه في اليم فلينظر بم يرجع» «رواه مسلم». 4- وقال صلي الله عليه وسلم: «مالي وللدنيا، إنما مثلي ومثل الدنيا كمثل راكب قال - أي نام - في ظل شجرة في يوم صائف ثم راح وتركها» «رواه الترمذي وأحمد وهو صحيح». 5- وقال صلي الله عليه وسلم: «لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقي كافراً منها شربة ماء» «رواه الترمذي وصححه الألباني». 6- وقال صلي الله عليه وسلم: «ازهد في الدنيا يحبك الله وازهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس» «رواه ابن ماجه وصححه الألباني». 7- وقال صلي الله عليه وسلم: «اقتربت الساعة ولا يزداد الناس علي الدنيا إلا حرصاً ولا يزدادون من الله إلا بعداً» «رواه الحاكم وحسنه الألباني». أهمية الزهد: إن الزهد في الدنيا ليس من نافلة القول بل هو أمر لازم لكل من أراد رضوان الله تعالي والفوز بجنته ويكفي في فضيلته أنه اختيار نبينا محمد صلي الله عليه وسلم وأصحابه، قال ابن القيم رحمه الله: «لا تتم الرغبة في الآخرة إلا بالزهد في الدنيا فإيثار الدنيا علي الآخرة إما من فساد في الإيمان وإما من فساد في العقل أو منهما معاً، ولذا نبذها رسول الله صلي الله عليه وسلم وراء ظهره هو وأصحابه وصرفوا عنها قلوبهم وهجروها ولم يميلوا إليها وعدوها سجناً لا جنة فزهدوا فيها حقيقة الزهد ولو أرادوها لنالوا منها كل محبوب ولوصلوا منها إلي كل مرغوب ولكنهم علموا أنها دار عبور لا دار سرور وأنها سحابة صيف ينقشع عن قليل وخيال طيف ما استتم الزيارة حتي أذن بالرحيل. أقسام الزهد: قال ابن القيم: الزهد أقسام: 1- زهد في الحرام وهو فرض عين. 2- وزهد في الشبهات وهو بحسب مراتب الشبهة فإن قويت التحق بالواجب وإن ضعفت كان مستحباً. 3- وزهد في الفضول وهو زهد فيما لا يعني من الكلام والنظر والسؤال واللقاء وغيره. 4- وزهد في الناس. 5- وزهد في النفس بحيث تهون عليه نفسه في الله. 6- وزهد جامع لذلك كله وهو الزهد فيما سوي الله وفي كل ما يشغلك عنه وأفضل الزهد إخفاء الزهد، والقلب المعلق بالشهوات لا يصح له زهد ولا ورع. الأسباب المعينة علي الزهد في الدنيا: 1- النظر في الدنيا وسرعة زوالها وفنائها ونقصها وخستها وما في المزاحمة عليها من الغصص والنغص والأنكاد. 2- النظر في الآخرة وإقبالها ومجيئها ودوامها وبقائها و شرف ما فيها من الخيرات. 3- الإكثار من ذكر الموت والدار الآخرة. 4- تشييع الجنائز والتفكر في مصارع الآباء والإخوان وأنهم لم يأخذوا في قبورهم شيئاً من الدنيا ولم يستفيدوا غير العمل الصالح. 5- التفرغ للآخرة والإقبال علي طاعة الله وإعمار الأوقات بالذكر وتلاوة القرآن. 6- إيثار المصالح الدينية علي المصالح الدنيوية. 7- البذل والإنفاق وكثرة الصدقات. 8- ترك مجالس أهل الدنيا والاشتغال بمجالس الآخرة. 9- الإقلال من الطعام والشراب والنوم والضحك والمزاح. 10- مطالعة أخبار الزاهدين وبخاصة سيرة النبي صلي الله عليه وسلم وأصحابه. «للحديث بقية»