في درجة حرارة 40 مئوية، حسب المعلن، أو أكثر بذلك بكثير كما كنا نشعر، جلست علي شاطئ ذهب في جنوبسيناء، أعاني من حرارة الجو الخانقة، بينما إلي جواري أسرة ألمانية جاءت من بلاد باردة جدا، لكن أفرادها لا يشعرون بالحرارة، ويستمتعون بالغوص في مياه خليج العقبة، وبما تبقي بها من شعاب مرجانية، وتشكيلات غريبة ومدهشة من الأسماك والأحياء المائية، وركوب الأمواج والمراكب الشرعية والغطس تحت الماء. قال رب الأسرة الألمانية: أنتم تعيشون في أجمل بلد في العالم، نحن نعشق سيناء ونأتي إليها كل عام، ونتنقل بين شرم الشيخ وطابا ودهب ورأس محمد ونويبع، لا نشعر بالملل، فكل مدينة ومنتجع في سيناء لا يشبه الآخر، كأنك تتنقل بين أكثر من دولة وليس داخل بلد واحد. هكذا هي سيناء التي لا يعرفها أغلب المصريين، ففي جنوبها شبكة طرق تقود الناس إلي التنقل بحرية واستمتاع بالكثير من الأشياء التي يصعب تكرارها مثل السفاري في الصحراء، وقضاء ليلة بدوية، والاستمتاع بالشواء في ليلة مقمرة بين الجبال الساحرة في جنوبسيناء، أو التنقل بين محمياتها الطبيعية النادرة، أو حتي السباحة في خليج «نبق» مع أسماك القرش دون أن تفترسك. في سيناء يدرك الأجانب جيدا كيف يقضون إجازاتهم ويستمتعون في كل لحظة بشكل مختلف، ويعودون بذكريات لا تنتهي تظل معهم إلي العام التالي حينما يعودون، أو إلي الأبد إذا كانت هذه هي الزيارة الوحيدة لهم. في سيناء حياة لا نعرفها، وأماكن كثيرة لم نذهب إليها من قبل، وإذا سألت أحد الأجانب الذين يأتون إليها تفاجأ بكم المعلومات التي يعرفها عن مدن وقري ومنتجعات وطرق وبدو ومزارات دينية وسياحية، ومحميات طبيعية، ومسالك ودروب، بينما لا يستطيع معظم المصريين الإجابة عن السؤال نفسه ربما لأننا لا ندرس جغرافيا الوطن بشكل مناسب، وتتحدث المناهج عن المعادن والثروات الموجودة في باطن الأرض، بينما تغفل عناصر الحياة التي تتوافر فوق الأرض. سيناء بحاجة إلي أن نعيد اكتشافها، ودراستها من جديد، فنحن لا نعرف عنها سوي أنها احتلت عام 1967، وأعدنا تحريرها مع حرب أكتوبر 1973، حتي تم تحريرها بالكامل عام 1982 باستثناء طابا التي عادت بعد ذلك بالتحكيم الدولي، أما الأرض والبشر والحياة في سيناء فلا نعرف عنها شيئا، ولن تظل سيناء آمنة ما لم نذهب إليها، نقيم فيها، نسكنها ونعمرها، ونستمتع بكنوزها، ونحملها في قلوبنا كما تفعل الأسرة الألمانية التي التقيتها في منتجع دهب.