يمثل المبني المعروف باسم «عمارة الشواذ» في حي فيز كيشاك بمدينة قيصري التركية ملجأ غير رسمي للمثليين الإيرانيين الفارين من عقوبة الإعدام في وطنهم علي أمل الهجرة إلي الغرب. وبحسب منظمات حقوق الإنسان اعدم النظام الإيراني 4000 من الشواذ منذ قيام الثورة الإيرانية عام 1979 . وشهدت الأوضاع المزيد من التدهور خلال السنوات الخمس الأخيرة مع وصول الرئيس المحافظ محمود أحمدي نجاد إلي الحكم. ففي سبتمبر 2003 ألقت قوات الأمن القبض علي مجموعة من الرجال المجتمعين في جلسة خاصة بمدينة شيراز، كما أمرت السلطة القضائية بالقبض علي خمسة من المدافعين عن حقوق الإنسان بدعوي «المشاركة في حفلات ماجنة». وفي يناير 2004 رتبت الشرطة السرية في شيراز لقاء مع مجموعة من الرجال عبر غرف التواصل الاجتماعية علي شبكة الإنترنت ومن ثم ألقت القبض عليهم. وكان بينهم شاب يدعي أمير ويبلغ من العمر 21 عاما وقد تعرض للتعذيب في السجن مدة أسبوع كامل بهدف الضغط عليه للحصول علي اعترافات. ثم قضت محكمة شيراز بضربه 175 جلدة. ثم وضع تحت المراقبة المشددة لكنه تمكن من الفرار بعد تهديده بالاعدام. وفي منتصف مارس من العام 2005 نشرت صحيفة «اعتماد ملي» الاصلاحية قرار محكمة طهران بإعدام رجلين بدعوي اتصالهما جنسيا. سحاقيات أيضاً تقول جسا استرن الباحثة ضمن برنامج حقوق المثليين من الرجال والنساء، والمخنثين والمتحولين التابع لمنظمة حقوق الإنسان: «تهيئ مثل هذه الإجراءات ضد المثليين والمخنثين في مختلف أنحاء إيران لانتشار الاغتيالات». ورغم ذلك تشير إحصاءات جامعة العلوم الطبية في كرمانشاه إلي ارتفاع في أعداد المثليين في إيران وخاصة بين النساء، وقد بلغت النسبة 4/16 جميعهم ينتمي إلي عائلات دينية. ولا يضم «الشعب المثلي» في إيران أي شخصيات بارزة. إلا أن بيانات نشرت مؤخرًا، قدرت عدد المثليين من الرجال في إيران بأكثر من 200 ألف في بلد يبلغ تعداد سكانه 66 مليون نسمة. الغريب أن أحمدي نجاد أعلن في خطابه بجامعة كولومبيا الأمريكية عام 2007 عدم وجود أي مثلي في إيران. ثم استدرك مستشاره الاعلامي مهد لهر بقوله لم يكن نجاد يقصد خلو إيران تماما من المثليين، وإنما أراد انعدام المقارنة بين إيران والولايات المتحدةالأمريكية وهذا يعود في رأيه إلي الاختلافات التاريخية والثقافية والدينية. تركيا ملاذهم وحاليا يوجد 92 مثليا إيرانيًا حصلوا علي حق اللجوء إلي تركيا، وفقا لتصريحات ساغي غرهمان، مديرة منظمة «كير إيرانيان»، ومقرها تورونتو بكندا التي تولي عناية بأمور المثليين الفارين من إيران. وتعمل الحكومة التركية علي إنزال العديد منهم في مدينة قيصري والمدن المجاورة حيث يشكلون أقليات مهمشة بعد أن طغي عليهم تدفق أفواج الإيرنيين الهاربين بالآلاف من القمع السياسي بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة في يونيو الماضي. لكن تقارير الفترة الأخيرة أظهرت رفض 90% من طلبات المثليين الإيرانيين اللجوء إلي بريطانيا. وفي تركيا، يعيش المثليون في حذر خوفا من المضايقات والاعتداءات أثناء فترة انتظارهم الترحيل إلي أوروبا أو أمريكا. تقول رودبه- 32 سنة، مثلية: تمكنت من النزوح إلي تركيا منذ عامين- «إذا شكونا إلي الشرطة من العنف الذي نتعرض له يطالبونا بالبقاء في منازلنا»! أما بارفارشيه، ممرضة مثلية، فقالت: إن عضوا في منظمة لحقوق الإنسان، التي من المفترض أن ترعي اللاجئين نهرها واتهمها بسوء السلوك! جذور تاريخية للشذوذ يقول أبوالحسن خان الچ شراز السياسي الإيراني السابق المعروف ووزير خارجية الشاه أن (توغات) هي واحدة من المدن العثمانية كانت تحتوي علي حمامات عامة، وفيها كانت تمارس الرذيلة واللواط بين الجنود والصبية الأرامنة. وفي إيران القديمة انتشرت أماكن المثليين والمخنثين بداخل الأديرة، القوافل، الحمامات، والمناطق العسكرية. وفي العهد الصوفي تم تخصيص مكان للمثليين عرف باسم امرد خانة «بيت الأمرد» وكان قانونيًا وكانت له ميزانية من الحكومة. وبموجب النظام الإيراني بعد الثورة فالموت عقوبة العلاقة الجنسية بين رجلين. أما بين النساء، فالعقوبة 100 جلدة في الثلاث مرات الأولي، والموت في المرة الرابعة.