انتشار أمني مكثف بمحيط اللجان قبل بدء التصويت في الدوائر ال30 الملغاة من انتخابات النواب    أسعار النفط تواصل الارتفاع بعد احتجاز أمريكا ناقلة نفط قبالة فنزويلا    الرئيس الكوبى: احتجاز الولايات المتحدة لناقلة نفط قبالة فنزويلا قرصنة    اليوم.. طقس معتدل نهارًا بارد ليلًا وأمطار خفيفة ببعض المناطق    حالة الطقس في الكويت اليوم الخميس 11 ديسمبر 2025    أسعار العملات في محافظة أسوان اليوم الخميس 11 ديسمبر 2025:    أسعار اللحوم في محافظة أسوان اليوم الخميس 11 ديسمبر 2025    بأكثر من 2 مليون جنيه.. فيلم «الست» يخطف صدارة شباك التذاكر في أول أيام عرضه بالسينما    يوسى كوهين شاهد من أهلها.. مصر القوية والموساد    ماسك يتحدث عن إلهان عمر وممداني والجحيم الشيوعي    مجلس النواب الأمريكي يصوّت بالأغلبية لصالح إلغاء قانون عقوبات "قيصر" ضد سوريا    DC تطرح أول بوستر رسمي لفيلم Supergirl    إسلام الكتاتني يكتب: الحضارة المصرية القديمة لم تكن وثنية    ناسا تفقد الاتصال بالمركبة مافن التي تدور حول المريخ منذ عقد    قرار جديد ضد المتهم بالتحرش بفنانة شهيرة في النزهة    ترامب: الولايات المتحدة مدعوة إلى اجتماع في أوروبا    سلوى عثمان: أخذت من والدتي التضحية ومن والدي فنيًا الالتزام    دعاء الفجر| (ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين)    التحقيق مع شخص يوزع بطاقات دعائية على الناخبين بالطالبية    توقيت أذان الفجر اليوم الخميس 11ديسمبر 2025.. ودعاء مأثور يُقال بعد الانتهاء من الصلاة    "شغّلني" تُطلق مشروع تشغيل شباب الصعيد بسوهاج وقنا    خالد أبو بكر يشيد بجهاز مستقبل مصر في استصلاح الأراضي: سرعة العمل أهم عامل    لماذا تجدد أبواق السيسى شائعات عن وفاة مرشد الإخوان د. بديع بمحبسه؟    التحضير لجزء ثانٍ من مسلسل «ورد وشوكولاتة»    عاجل - قرار الاحتياطي الفيدرالي يخفض أسعار الفائدة 25 نقطة أساس في ثالث خفض خلال 2025    التعاون الإسلامي: تُدين خطط الاستيطان الإسرائيلية في الضفة الغربية وتدعو المجتمع الدولي للتحرك    تصعيد سياسي في اليمن بعد تحركات عسكرية للمجلس الانتقالي    أرسنال يسحق كلوب بروج بثلاثية خارج الديار    يوفنتوس ينتصر على بافوس بثنائية نظيفة    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 11ديسمبر 2025........مواعيد الأذان في محافظة المنيا    سلمان خان وإدريس إلبا وريز أحمد فى حفل جولدن جلوب بمهرجان البحر الأحمر    بانا مشتاق: إبراهيم عبد المجيد كاتب مثقف ومشتبك مع قضايا الناس    منتخب مصر يواصل تدريباته بمركز المنتخبات الوطنية استعدادا لأمم إفريقيا (صور)    رودريجو: ليس لدي مشكلة في اللعب على الجانب الأيمن.. المهم أن أشارك    كرة طائرة - خسارة سيدات الزمالك أمام كونيجيليانو الإيطالي في ثاني مواجهات مونديال الأندية    "امرأة هزت عرش التحدي".. الموسم الثاني من مسابقة المرأة الذهبية للمركز الإفريقي لخدمات صحة المرأة    "جنوب الوادي للأسمنت" و"العالمية للاستثمار" يتصدران ارتفاعات البورصة المصرية    الخطر الأكبر على مصر، عصام كامل يكشف ما يجب أن تخشاه الدولة قبل فوات الأوان (فيديو)    القبض على شخص اقتحم مدرسة بالإسماعيلية واعتدى على معلم ب "مقص"    المتهم بتجميع بطاقات الناخبين: «كنت بستعلم عن اللجان»    الرفق بالحيوان: تخصيص أرض لإيواء الكلاب الضالة أحد حلول انتشار هذه الظاهرة    4 فوائد للملح تدفعنا لتناوله ولكن بحذر    أعراض اعوجاج العمود الفقري وأسبابه ومخاطر ذلك    معهد التغذية يكشف عن أطعمة ترفع المناعة في الشتاء بشكل طبيعي    انتبهي إلى طعامك خلال الأشهر الأولى من الحمل.. إليك قائمة بالمحاذير    الأرقام تكشف.. كيف أنقذ صلاح ليفربول من سنوات الفشل إلى منصات التتويج.. فيديو    مستشار وزير الثقافة: إدارج "الكشري" في قائمة تراث اليونسكو يمثل اعترافًا دوليًا بهويتنا وثقافتنا    أستاذ علوم سياسية: المواطن استعاد ثقته في أن صوته سيصل لمن يختاره    الزوامل والتماسيح: العبث البيئي وثمن الأمن المجتمعي المفقود    ضبط شاب ينتحل صفة أخصائى علاج طبيعى ويدير مركزا غير مرخص فى سوهاج    البابا تواضروس يهنئ الكنيسة ببدء شهر كيهك    ارتفاع الأسهم الأمريكية بعد قرار مجلس الاحتياط خفض الفائدة    ترامب: الفساد في أوكرانيا متفشٍ وغياب الانتخابات يثير تساؤلات حول الديمقراطية    التعادل السلبي يحسم موقعة باريس سان جيرمان وأتلتيك بلباو    ساوندرز: ليفربول ألقى صلاح تحت الحافلة؟ تقاضى 60 مليون جنيه إسترليني    "الصحة" تكشف عن الفيروس الأكثر انتشارا بين المواطنين حاليا    الأوقاف تختتم فعاليات المسابقة العالمية الثانية والثلاثين للقرآن من مسجد مصر الكبير بالعاصمة    حاسوب القرآن.. طالب بكلية الطب يذهل لجنة التحكيم في مسابقة بورسعيد الدولية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«ودن قطة» "1" عسل أحمد حلمي.. وأسوده

علي مائدة إفطار رمضاني، أمسك (مصري)، وهذا هو الاسم ذو الدلالة لبطل فيلم أحمد حلمي «عسل إسود» امسك بلقمة عيش علي شكل تعرفه تقاليد الطعام المصرية «ودن قطة» لكي يتذوق طبق الملوخية الذي وضعه جيرانه أمامه، فلما رفع اللقمة إلي فمه لم ينتبه إلي أنها مفتوحة.. وكان أن سقط ما فيها.. وعبثاً كرر المحاولة.. لكنه لم ينجح.
هذا هو أحد المشاهد البسيطة والعميقة التي عمر بها الفيلم، تعبيراً عن حالة الاغتراب التي عاشها «مصري»، خلال تفاعله مع مجريات بلده بعد عشرين سنة من الهجرة إلي الولايات المتحدة، وهو مشهد تكررت معانيه في مشاهد أخري، منها مثلاً: أن (مصري) حاول أن يدفع قيمة ما تناوله من طعام في (مائدة للرحمن)، وفي ذلك وغيره كان قصد الفيلم أن يقول: إنه ينظر إلي مصر بعيون مغترب لا يعرف.. سائح يحتاج إلي دليل.. فلما عرف ولما استدل كان أن اندمج وتعايش.. ولكنه قبل أن يبلغ الحالة الأخيرة كان قد عري المجتمع واكتشف معه عيوبه بطريقة مؤلمة وقاسية.
من المدهش أن الجمهور الذي يحتشد حتي اليوم في قاعات العرض، محبة في أحمد حلمي وهو نجم جدير بالمحبة، كان يضحك علي كل ما يلطمه به الفيلم علي وجهه، حتي لو كان يدين هذا الجمهور الذي يضحك.. وفي بعض الأحيان يصفق الجمهور في نهاية العرض إعجاباً بالفيلم الذي يلومه.. ولعل تلك هي إحدي النقاط التي يفرض علينا هذا العمل الفني المختلف والسباق أن نناقشها.. وهي أن: المصري يدرك عيوبه ويضحك عليها.. ولكنه لا يصلحها.. وفي نهاية الفيلم عاش البطل في مصر بدلاً من أن يعود إلي الولايات المتحدة لكن بقاءه لم يصلح عيوبها.
لقد تناول عدد من الزملاء هذا الفيلم برؤي مختلفة، بعضهم امتدحه، وبعضهم أهال عليه سيولاً من الانتقادات، وقد هاجمته جريدة المصري اليوم لأنه تضمن إعلانات لجريدة الشروق، وتجاهلته تقريباً جريدة الدستور لنفس السبب.
وفي «روزاليوسف» ولأسباب لها ما يبررها هاجمته الزميلة مها متبولي مرتين بمنتهي الحدة واعتبرته عملاً غير وطني، وانتقده بعنف موازٍ الزميل محمود عبدالشكور ورآه من أضعف أعمال المشخصاتي أحمد حلمي وإيقاعه يبعث علي الملل والغضب.
وليسمح لي الزميلان، ولكل منهما منطلقه ومنهجه الذي أحترمه، أن أختلف مع ذلك، وإذا كانت «روزاليوسف» قد أتاحت بموضوعية حق الاختلاف فلا أقل من أن يستفيد من هذا الحق رئيس التحرير.. إذ وجدت الفيلم، بغض النظر عن مشكلاته الفنية وعيوب السيناريو.. عملاً يستحق التوقف.. بل الإشادة.. في سياق أنه إبداع فنان أراد أن ينظر بطريقة مختلفة إلي مجتمعه.. وأن يحاسب المواطن الذي يشاهده والمجتمع الذي يتفرج عليه.. قبل أن يوجه نقداً للنظام الذي يدير هذا المجتمع.
إن عنوان الفيلم هو رسالته (عسل إسود)، وكما أن البطل يعلن عذابه من المجتمع الذي صدمه بعد غياب، ولطمه بالأقلام في أغنية داخل الشريط وفي ذروة أحداثه، فإن نفس الفيلم هو الذي يغني في النهاية (فيكي حاجة حلوة).. وليس ذلك دليل ارتباك العمل بقدر ما هو يعني أن أحداً لم يصل بعد إلي سبر أغوار هذا البلد.. وفهم مكنونه.
مفتاحان في مسيرة أحمد حلمي الفنية لا يمكن تجاهلهما ونحن نناقش هذا العمل.. الأول هو برنامجه الأشهر الذي قدمته من خلاله التليفزيونية الكبيرة سناء منصور.. وكان اسمه (لعب عيال).. وفيه كان يجري حواراً هزلياً مع أطفال المدارس.. يبحث فيه عن المنطق في اللا منطق.. وبالطبع فإنه كان يحصل علي إجابات مذهلة من الأطفال حين يطرح عليهم قضايا كبيرة.. وفي الفيلم كان (مصري) هو هذا الطفل المندهش الذي يجيب بطريقة مضحكة عن أمور كبيرة جداً.. تتجاوز حدود تجربته.. وتصطدم باغترابه.. وجهله بما يدور حوله.
المفتاح الثاني هو أن حلمي في مجموعة أفلامه الأخيرة كان يبحث عن إجابة عن أسئلة مختلفة تتعلق بكينونته كفنان وكإنسان مصري.. فهو في (آسف علي الإزعاج) كان يبحث عن إجابة الأسئلة التي تخص علاقته بالمجتمع والسلطة، وهو في (كده رضا) كان يبحث عن إجابة الأسئلة التي تتعلق باختيارات الأشخاص في الحياة.. أيكون طيباً أو شريراً.. أم مزيجا من هذا وذاك.. وهو في (1000 مبروك) كان يبحث عن إجابة أسئلة تتعلق بالعلاقة بين الإنسان والقدر بكل ما فيها من تعقيدات.. وحتي في فيلم (مطب صناعي) يبحث عن التحقق والقدرة علي تجسيد الحلم ومغالبة النفس.. وهو في هذا العمل الأخير يبحث عن إجابة أسئلة تتعلق بالعلاقة بين (الفرد) و(الوطن).. بين (مصري) و(مصر).
لا يمكن بالطبع أن توضع أفلام مثل (ميدو مشاكل)، و(صايع بحر) في قائمة مثل تلك التساؤلات، كما أنه يمكن أن تقدر أفلام مثل (ظرف طارق)، و(سهر الليالي)، ولكن مجموعة أفلام حلمي الخمسة الأخيرة كانت تعبر عن رسالة فنان.. يبحث عن إجابات أسئلة.. ويحاول أن يفكر بصوت عالٍ مع المجتمع.. وحتي لو كان تفكيره مثل لقمة عيش علي شكل (ودن قطة) مفتوحة لا يمكنها أن ترفع الملوخية إلي فمه.. فإنه قد حاول أن يقول كلمة مهمة وجملة مفيدة.
وأكمل غداً.
الموقع الالكتروني : www.abkamal.net
البريد الالكتروني : [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.