إن عقدة الخواجة هى التى تضع الأمور فى نصابها .. فلو كان هذا الرئيس أجنبيا لرأينا العمال او الموظفون يعملون بكل طاقتهم وبلا أهمال . هذا على سبيل المثال ، الفكرة بلورها خالد دياب مع المخرج خالد مرعى فى فيلم " عسل أسود " بطولة أحمد حلمى وأدوارد ولطفى لبيب وأنعام سالوسة وأحمد راتب ويوسف داود ومجموعة من الممثلين فقدموا فيلما تشيع فيه روح الجماعة رغم أن الأعلانات لا تذكر إلا أسم أحمد حلمى ، فالبطل( أحمد حلمي) يقرر الرجوع إلي مصر بعد وفاة والده وهو يملك باسبورا مصريا وآخر أمريكيا لكنه يفضل العودة بالباسبور المصري. وهنا تبدأ المفارقات المضحكة المبكية فهذا العائد الذي يصر علي مصريته يتعرض لاهانات متعددةوتأخذنا كاميرا سامح سليم إلي تتبع خطواته بداية من تعرفه بسائق الميكروباص( لطفي لبيب) الذي يستغله استغلالا شديدا.. حتي يتعرض لمفارقات في الفندق الذي حجز في مما يضطره ان يطلب أن يرسل له جواز السفر الأمريكي.. فتتغير المعاملة لكنه عند اصراره علي التعامل بجواز السفر الأمريكي وتعاليه علي لواء شرطة فإنه يتركه في لقطة ساخرة للمتظاهرين الذين يوسعونه ضربا.. وهذا طعم العسل الأسود. وهكذا يفقد جوازي السفر المصري الذي القاه في النيل والأمريكي الذي ضاع منه أثناء ضرب المتظاهرين له. ويجد أحمد حلمي نفسه( المصري) وهذا اسمه في الفيلم بلا هوية فيبدأ البحث عن منزل والده لكنه يستعين بسائق الميكروباص وتبدأ بينهما صداقة ونوع من الشهامة التي تفرض علي المصري أن يساعد بها الاخرين حتي لو كان يستغلهم قبل ذلك. ويعود الغريب لأسرته وجيرانه وأهل المنطقة التي كان يعيش فيها طفلا مع أسرته وتبدأ مشاعر الحب لأرض مصر وأهلها التي تغلف قلوب المصريين جميعا تظهر فهذا العائد يتذكر طفولته ويجد الحب من الأم انعام سالوسة المسئولة عن ابنها ادوارد الذي لايجد عملا وكذلك ابنتها وزوجها عبد المنصف الذي أدي دورا متميزا. ويكتشف المصري أحمد حلمي معاناة جيرانه ولأنه كان في قلب المعاناة فتعاطف معهم حتي انه يترك شقته في النهاية لعبد المنصف وزوجته, كما يترك الكاميرا التي تركها له والده لصديقه ادوارد ليعمل بها. المخرج خالد مرعي والمؤلف خالد دياب قدما توليفة من المشاعر والتصرفات والتقاليد المصرية لتكتشف أنت كمتفرج أنك برغم كل الغضب أو الانتقادات التي تشعر بها نحو مصر تكتشف أنها جميلة بناسها وأن الشهامة والرجولة والأخوة مازالت موجودة وأن الأم التي تحمي أولادها وتساعدهم علي قدر طاقتهم هي الشعلة التي تعطي للحياة معني وقيمة. لقد ذهبت إلي الفيلم وأنا أخشي ما فعله بنا أحمد حلمي في فيلمه السابق في العام الماضي لكنه في( عسل أسود) الذي أثبت فيه أن مصر ليست مجرد حجرة وصالة أي أن كل من فيها يلتقون( وهذا معني مجازي كان يستخدمه لطفي لبيب سائق الميكروباص إنما يقدم أحمد حلمي وكل زملائه في الفيلم قصة انسانية تضحك فيها وتبكي احيانا لكنك تخرج بروح صافية ومشاعر متأججة لمصر الوطن رغم نهاية الفيلم التي استغل فيها البطل الباسبور الأمريكي ليرغم الطائرة علي الهبوط ليعود لأهله وأرضه. انه فيلم مميز لمخرجه خالد مرعي ومؤلفه خالد دياب وأبطاله وكل من قدموا فيه جهدا فمصر هي المكان والزمان والذكريات والحاضر والماضي لنا جميعا.