تابعت جيداً ما أثير في الفترة الأخيرة من أزمات بين المحامين والقضاة من جهة، والكنيسة والقضاء من جهة أخري. ولقد كتبت تفصيلاً عن الأخيرة بمجلة "روز اليوسف".واليوم أكتب عن قراءة عامة للأزمة الأولي. 1 - من الواضح أن هناك حالة من الاحتقان بين أطراف المؤسسة القضائية سواء بين القضاة وبعضهم بعضا، وبين القضاة والمحامين.. رغم انتماء كليهما بشكل أو بآخر للمؤسسة القضائية. فالأحكام متناقضة والقضاة أصبحوا ضيوفا دائمين علي برامج التوك شو، والمحامون يتعاملون بشكل غير إنساني مع العديد من موكليهم، بالإضافة إلي الضعف الذي أصاب مهنة المحاماة في مجملها. 2 - إن تأجيج المحامين للأزمة المذكورة يعود بوضوح إلي ما يعانيه المحامون من معاملة بعض القضاة السيئة لهم.. حيث يشكو العديد من المحامين من التعالي الشديد في تعامل بعض القضاة لهم أمام الموكلين. وما يترتب علي ذلك من تشويه صورة المحامين. 3 - وجود تيارات واتجاهات متباينة إلي حد التناقض بين القضاة.. بحيث تحول مفهوم شفافية القضاء ونزاهته محل سخرية البعض وتشكيك البعض الآخر. في محاولة لتشويه صورة النظام المصري كله لصالح جماعات محظورة وجماعات التهريج السياسي. 4 - تراجع مفهوم (المهنية) لدي أعضاء نقابة المحامين رغم كونها نقابة تاريخية عريقة، والتعامل بشكل يؤكد علي تحكم بعض التيارات السياسية والاتجاهات الدينية في نقابة المحامين. وهو ما نراه مع كل أزمة داخل النقابة أو خارجها. 5- من الواضح أن هناك تداخلا بين ملفات الأولويات لدي أعضاء نقابة المحامين.. وهو ما كان له أثر سلبي في موقف نقابة المحامين أمام الرأي العام. 6 - إن تجاوزات المحامين ليست فوق القانون.. ولا يبرر تجاوز بعض القضاة أن يكون رد فعل المحامين متجاوزا أيضاً في إهمال واضح وصريح لحكم القانون الذي يجب أن يطبق علي تجاوزات القضاة قبل غيرهم. يبقي.. المشهد النهائي، وكأن هناك أجندات لدي كل فريق.. لدي القضاة كأشخاص ولدي المحامين كأشخاص، وهي أجندات بعيدة كل البعد عن نقابة المحامين.. كنقابة مهنية مهمومة بمستقبل أفضل لمهنة المحاماة لصالح المواطن المصري العادي. كما أنها أجندات بعيدة عن توجه المؤسسة القضائية التي تمثل الحصانة الأخيرة للعدل وتطبيقه في المجتمع المصري. بالطبع، ليس ما سبق أحكام مطلقة ونهائية علي كافة القضاة أو كافة المحامين.. ولكنه مشهد يطغي علي الساحة الآن. إن ما يحدث يحتاج إلي (وقفة) سياسية سريعة لأن كلا الطرفين قد أخطأ: المحامين والقضاة، ويجب حسم الأمر قبل تفاقم المهاترات التي حدثت طيلة الأيام الماضية. نشرت علي مدار الثلاثة أيام الماضية ما جاء بالدراسة الهامة (هل التعليق علي أحكام القضاء ممنوع قانوناً؟!) لمحمد خلف، ولقد تصورت أنه يمتهن المحاماة بسبب قيمة الدراسة. ولكن الحقيقة أنه مواطن مصري مهتم بأحوال القضاء.. لذا لزم التنويه.