لا يزال الكثيرون لا يعرفون أو يدعون عدم المعرفة أن الحزب الوطني يعمل بفكر مؤسسي، ويستند في كل خطواته إلي دراسات متأنية يتم تحديثها كل فترة، ويتم تقديمها في ضوء المستجدات والمتغيرات.. الحزب الوطني هو حزب تسبقه كتيبة باحثين، يدرسون ويحللون ويقترحون، ثم تتحول بعد ذلك إلي مشروعات قوانين ومبادرات حكومية وحزبية قابلة للتنفيذ والتطبيق.. ومن هذه المبادرات مشروع القانون الذي وافق عليه من حيث المبدأ مجلس الشعب خلال الأسبوع الحالي، والخاص بحقوق العمال. ويعطي مشروع القانون الشجاع والجريء الذي تقدم به المهندس أحمد عز، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس الشعب، والذي ينتمي الي الحزب الوطني ويتبني مبادراته المقدمة والأولوية لامتياز حقوق العمال، ليس فقط في الأجور ولكن أيضاً في المستحقات، كما يضع حداً زمنياً لصرف مستحقات هؤلاء العمال.. وأن يكون الصرف من خزانة الدولة.. وينص مشروع القانون علي أن يكون لامتياز حقوق العمال أياً كان نوعها، طالما أنها ناشئة عن علاقة العمل، المرتبة الأولي والأولوية علي أي حق امتياز آخر. ويشير مشروع هذا القانون إلي وقوف الحكومة والحزب إلي جانب العمال، وهو موقف عملي لا يستند إلي شعارات أو خطب جوفاء، ولكن خطوات تنفيذية، وبرامج تطبيقية .. كما أن كون مقدم المشروع هو المهندس أحمد عز، وهو من كبار رجال الأعمال في مصر، يحمل دلالة أخري، وهو أن حقوق العمال قد تحولت إلي عقيدة راسخة تجب غيرها من الاعتبارات الشخصية وتتفوق عليها.. فرجال الاعمال الوطنيون لا ينظرون إلي مصالحهم الشخصية، ولا ينظرون إلي تحت اقدامهم، ولكنه ينظرون إلي الصالح العام، وإلي المستقبل العام. وقد تكون هذه هي المرة الأولي التي يحظي فيها مشروع قانون بكل هذا التأييد من جانب نواب الشعب علي اختلاف انتماءاتهم السياسية والحزبية .. فلم يكن نواب الحزب الوطني فقط هم المؤيدون لهذا القانون، ولكن المستقلين أيضاً، بتنوعاتهم الأيديولوجية والسياسية.. وكذلك العمال والفئات بدون تفرقة. ولا شك في أن مثل هذه الخطوات تؤكد معايشة الحزب الوطني وقراءته لواقع عمال مصر وغيرها من الفئات، وأنه لا يتأخر في الإسراع بأي تشريع يحقق مزايا المواطن المصري علي طريق العدالة الاجتماعية. بقي أن أشير إلي الطريقة الاحترافية التي قدم بها المهندس أحمد عز مشروع القانون، كان تقديمه درساً في العرض الجيد من حيث الوضوح الشديد للأهداف، ومن حيث الإحاطة التامة بالأبعاد المختلفة للمشروع، ومن حيث الدقة الشديدة في المصطلحات والمفاهيم التي استخدمها، ومن حيث إلقاء الضوء علي النماذج الدولية في هذا المجال.. إضافة إلي طريقة الإلقاء المتقنة.. وهو ما استطاع معه في زمن قياسي أن ينتزع تأييد المجلس لمشروع هذا القانون.