بدء التشغيل التجريبي لمشروع الصرف الصحي في الكولة بحضور محافظ سوهاج    زراعة الأرز في مصر.. تقليد قديم وإرث حضاري    أمين عام مساعد الجامعة العربية: لا أحد يستطيع التأثير على إسرائيل حاليا    خبر في الجول - انفراجة في أزمة دعوات نهائي الكونفدرالية بين الزمالك وكاف    مؤتمر تين هاج - عن مستقبل برونو وعودة ليساندرو وأهمية هويلوند    تقارير تونسية.. 1400 تذكرة لجمهور الأهلي بنهائي إفريقيا    تعليم المنيا تستعد لانطلاق امتحانات الشهادة الإعدادية غدا    انتهاء تصوير فيلم "ولاد رزق 3: القاضية"    وزير الصحة يبحث التعاون مع أسترازينيكا لدعم مهارات الفرق الطبية وبرامج التطعيمات    «النواب» يوافق على موازنة «القومي لحقوق الإنسان»    رئيس «القنوات الإخبارية»: الملفات المطروحة في القمة العربية تلامس أمن مصر القومي    بسبب اجتياح رفح.. محكمة العدل الدولية تناقش إجراءات طوارئ إضافية ضد إسرائيل.. وتزايد التضامن مع دعوى جنوب إفريقيا.. ومصر تطالب بوقف إطلاق النار    غدا بدء التشغيل التجريبي بالركاب لمحطات الجزء الثالث من المرحلة الثالثة من الخط الثالث لمترو الأنفاق    "مش تعصب".. وكيل "الأزهر" يرد على المتطاولين على التراث    مصر تستقبل وفد منظمة اليونسكو لنقل تجربة بنك المعرفة المصري    أخبار الأهلي : شوبير يكشف مفاجآت في قضية الشحات والشيبي    مركز المعلومات يعقد ورشة عمل لمناقشة الجهود المبذولة لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للسكان والتنمية 2023-2030    اليوم.. التعليم تنشر فيديو توضيحي لطريقة الإجابة على البابل شيت    الخارجية السعودية: عدوان إسرائيل أضعف النظام الدولي    الخميس.. انطلاق فعاليات مهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة في دورته الثالثة على مسرح الهناجر    مبادئ كتابة السيناريو في ورشة ابدأ حلمك بالإسكندرية    طرح فيلم «بنقدر ظروفك» بجميع السينمات خارج مصر يوم 23 مايو    يعلمون أنهم على الباطل.. عبدالله رشدي يعلق على تهديد يوسف زيدان بشأن مناظرة "تكوين"    شولتس: ألمانيا لن تعود إلى جيش الخدمة العسكرية الإلزامية    قائمة الأهلي في نهائي أفريقيا أمام الترجي.. كولر يستبعد 13 لاعبًا    قرار حاسم من «التعليم» ضد 5 طلاب بعد تسريبهم الامتحان على «السوشيال ميديا»    داعية إسلامي: يوضح ما يجب على الحاج فعله فور حصوله على التأشيرة    ضبط متهم بإدارة كيان تعليمي وهمي في الإسكندرية    قرارات مهمة بشأن العلاج على نفقة الدولة ومصابي الحوادث.. أعلنتها «صحة النواب»    خلال 24 ساعة.. ضبط 14028 مخالفة مرورية متنوعة على الطرق والمحاور    ضبط المتهمين بترويج العقاقير المخدرة عبر «الفيس بوك»    محافظ كفر الشيخ: اعتماد المخططات الاستراتيجية ل 23 قرية مستحدثة    "جهينه" تخفض ديونها بنسبة 71% في نهاية الربع الرابع من 2023    "مقصود والزمالك كان مشارك".. ميدو يوجه تحية للخطيب بعد تحركه لحماية الأهلي    وزير الدفاع البريطاني: أوكرانيا ستشهد صيفا عصيبا ولكنها ستتجاوزه    بمناسبة يومها العالمي، وزارة الثقافة تفتح أبواب المتاحف مجانا عدة أيام    تنطلق الأربعاء 15 مايو.. جدول امتحانات الصف الثالث الإعدادي الأزهرية 2024 بالمنيا    نموذج RIBASIM لإدارة المياه.. سويلم: خطوة مهمة لتطوير منظومة توزيع المياه -تفاصيل    السيد عبد الباري: من يحج لأجل الوجاهة الاجتماعية نيته فاسدة.. فيديو    مجلس الدولة: على الدولة توفير الرعاية للأمومة والطفولة والمرأة المعيلة    درجة الحرارة الآن.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الثلاثاء 14-5-2024 (تفاصيل)    تنظيم مقابل الخدمات بالمستشفيات الأبرز، تعرف على توصيات لجنة الصحة بالبرلمان    طريقة عمل وافل الشيكولاتة، لذيذة وسهلة التحضير    حبس المتهم لحيازته مخدري الآيس والهيروين في كرداسة    مفتي الجمهورية يتوجَّه إلى البرتغال للمشاركة في منتدى «كايسيد» للحوار العالمي    الأحد المقبل.. بدء تسليم الأراضي السكنية بمشروع 263 فدانًا بمدينة حدائق أكتوبر    جيسوس يحسم مستقبله مع الهلال السعودي    توقف إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة يدخل أسبوعه الثاني    مصر تدين الهجوم الإرهابي الذي وقع في محافظة صلاح الدين بالعراق    5 أبراج تتميز بالجمال والجاذبية.. هل برجك من بينها؟    تعرف على إرشادات الاستخدام الآمن ل «بخاخ الربو»    المندوه يتحدث عن التحكيم قبل نهائي الكونفدرالية أمام نهضة بركان    بروتوكول تعاون بين جهاز دمياط الجديدة والغرفة التجارية    ما مواقيت الحج الزمانية؟.. «البحوث الإسلامية» يوضح    ما حكم عدم الوفاء بالنذر؟.. دار الإفتاء تجيب    وزارة العمل توضح أبرز نتائج الجلسة الأولى لمناقشة مشروع القانون    لطفي لبيب: عادل إمام لن يتكرر مرة أخرى    طارق الشناوي: بكاء شيرين في حفل الكويت أقل خروج عن النص فعلته    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمود الريماوي: هناك «عروش» كثيرة في الأدب ولست نادماً علي إخلاصي للقصة القصيرة
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 10 - 06 - 2010

متفاعلا مع المدينة العربية في أبعادها الحميمة، وغائصا في كنه الأشياء، لاستبطان ألم تشظي الذات والواقع العربي، يبدع الأردني محمود الريماوي ذو الأصل الفلسطيني، أحد الكتاب المخلصين لفن القصة القصيرة، بدأ مسيرته مع القصة في بداية السبعينيات، باحثا عن وطن ملؤه الحرية والعدل والإخاء، عمل الريماوي، الذي ولد في رام الله عام 1948، صحفيا في الكويت خلال الفترة من 1973 إلي 1987، ثم استقر في عمان منذ 1987 حتي الآن، من أعماله القصصية: "العرب في صحراء ليلته"، و"الجرح الشمالي"، و"كوكب تفاح وأحلام"، و"غرباء"، و"أخوة وحيدون"، و"شمل العائلة"، و"لقاء لم يتم".
"روزاليوسف" التقته بالقاهرة وكان هذا الحوار:
أخلصت للقصة في الوقت الذي هرول الجميع فيه تجاه الرواية.. ما السبب؟
لست نادما بطبيعة الحال علي إخلاصي لفن القصة القصيرة، هناك أناس يبخسون من قيمة فن القصة القصيرة، تحت زعم أن هذا زمن الرواية، رغم أنه لا يوجد زمن يتسيد فيه فن بمفرده، فالشعر تربع علي عرش الثقافة العربية لعدة قرون، ولكنه لم ينزل عن العرش، لكن أصبحت إلي جانبه عروش أخري، حيث أصبح هناك عرش للنثر السردي يجمع القصة والرواية والنصوص المسرحية، ويعتبر هذا الملتقي نوعا من رد الاعتبار لفن القصة القصيرة، الذي لحقه بعض الضيم من النقاد علي مدي العقد الماضي.
فالقصة سابقة علي الرواية في الخرافات والأساطير والمقامات والنوادر والأمثال، حتي "النكات" هي شكل من أشكال القصة، وأعتقد أن القاصين إذا تحلوا بمرونة أكبر في مقاربتهم للواقع والاستفادة من الفنون الأخري، مثل فن الرواية والمسرح، فإن هذا الفن سيشهد المزيد من الازدهار ورد الاعتبار له، وهناك عدد من الروائيين الشباب يكتبون قصصا قصيرة ويزعمون أنها رواية، علي اعتبار أن المتتاليات القصصية تشكل رواية.
هل تري اختلافا بين تقنيات كتابة القصة عن تقنيات كتابة الرواية؟
- في كل الأحوال باتت القصة القصيرة نهجا فنيا يلتقي في كثير من الخصائص مع الشعر والرواية والمسرح، لكنه يمتلك خصائصه التي تميزه كنوع أدبي، فكما يقول فرانك أوكنور (الناقد الفرنسي): إن الرواية الحديثة رواية بطل، أما القصة القصيرة، وإن كان ليس لها بطل، فإن هناك بدلا من ذلك مجموعة من الناس المغمورين، هذه الجماعة المغمورة تغير شخصيتها من كاتب إلي آخر، ومن جيل إلي آخر، كذلك هناك الوعي الحاد بشعور الإنسان بالوحشة في القصة القصيرة، بينما تشكل الرواية حالة من الألفة، وفي القصة القصيرة نجد غالبا اتجاها عقليا يجتذب جماهير الجماعات المغمورة علي اختلاف الأزمنة كجماعات الشحاذين والفنانين، واللصوص، والحالمين، أما الرواية فما زالت ترتبط بالفكرة التقليدية عن المجتمع المتحضر، وعلي هذا فكاتب القصة القصيرة يختلف عن الروائي.
لماذا تراجعت القصة القصيرة نسبيا أمام الرواية رغم أنها ملائمة أكثر لإيقاع العصر؟
- لا شك أن ازدهار الرواية يشكل تحديا للقصة القصيرة، ويجب أن تفتح آفاق للقصة، وتستفيد من منجزات الإعلام والسينما والمسرح، لأن فن القصة أكثر التصاقا بالواقع، ولكن لا تنسي أننا نعيش في واقع اجتماعي وسياسي أفرز حالة من اللايقين، بعد سلسلة الهزائم المتتالية، علي أكثر من صعيد، مما أدي إلي ما يشبه حالة الخواء الروحي، الذي يصعب علي القصة أن تملأه، والعمل الروائي يتيح للقارئ أن يجمع شتات نفسه، حيث يعيش تجربة روحية واحدة مع عمل واحد، بينما التنقل من قصة إلي قصة داخل المجموعة الواحدة، لا ينقذ القارئ من حالة التوهان واللايقين والشعور بالتيه السياسي والفكري.
ما سر ولعك بالتفاصيل الصغيرة؟
- لكل شيخ طريقة كما يقول المثل المصري، ولكل كاتب ميوله، وأنا لدي اهتمام بالعالم النفسي للأبطال والشخصيات، أهتم بتتبع وتقصي هيئتهم ومظهرهم وسلوكهم، وأحيانا تكون التفاصيل الصغيرة دالة أكثر مثلما تحكم علي إنسان من خلال ممارساته الصغيرة.
ما علاقة السرد القصصي باللغة؟
- السرد لغة، ولغة من نوع خاص، لها شخصيتها وبنيتها ودهشتها، ولا أقصد باللغة قوانين ربط المفردات، تلك القوانين الظاهرة المتعارف عليها، فذلك من أبسط مفاهيم اللغة، ولكني أشير إلي تلك القوانين المغايرة، السرية المدفونة بباطن اللغة، وبفضاءاتها التي علي الكاتب أن يسبر غورها، مستخرجا منها قوانين خاصة به، تميزه عن غيره، أشير إلي مجموعة التشكلات التي يرسمها السياق اللغوي في أفقيته وعموديته، في مستوياته ودلالاته، وفي نوعية الصورة التي ترتسم من اللغة في المتخيل الذهني وفي الوجدان. فالسرد لغة تنسج حياة داخل النص، وتبث حياة طويلة وعميقة، حياة بها جنون، وتمتلك عقلا ووعيا، حياة تسعي إلي المطلوب بلا خوف ولا تردد، تبتعد عن حياة السائد والمألوف، فالسرد عندئذ لا تسعفه اللغة العادية، ولا تفيده اللغة المستهلكة، وحين يبدأ السرد فعله وحدثه وزمنه وحالته يمسك بتلك الكتل اللغوية الباردة فيشع فيها دفئا وروحا فتعود تنبض بالحياة وبالوجود.
ما رأيك فيما يطلق عليه "البعد الاجتماعي للأدب"؟
- تملك الكتابة الإبداعية الأصيلة آليات الإعلان عن نفسها، واقتناص الاعتراف الفني والاجتماعي بها من داخلها قبل خارجها، خصوصا إذا كانت صادرة عن مخيلة جموحة طموح، تراهن علي الانتصار لمبادئ وقيم ثقافة الاختيار والحرية والعدل وتكافؤ الفرص في الحياة، وهي ثقافة تظل مجرد مشروع وجود، أو مجرد شعارات جوفاء لإرادة منفية، بل لإرادة ضالة ومضلة، ما لم تتحقق في دنيا الناس وتتكامل في السمو بحياتهم المادية والمعنوية والحضارية والروحية، علي النحو الذي يستشرف بناء مجتمع الفرص التاريخية والحضارية المتوثبة الجديدة، أو المسترجعة، رغم كل المعوقات والتناقضات الطارئة داخليا أو خارجيا أو هما معا. إذا كان صحيحا أن الكتابة الإبداعية ذات المعايير والأعراف الفنية المتواترة، ليست إلا كتابة متولدة عن "الكتابة" و"القراءة" في المدارات الأقرب أو الأبعد، فالأصح أن الحجة المرجعية للكتابة، أيا كان نوعها وخصائص قولها، تكمن في مدي انخراطها الفني في إعادة بناء وتفكيك رهانها الاجتماعي والإنساني والفكري والوجداني والحضاري، المجسد بالفعل لا بالقوة في وتيرة الواقع المادي المشهود في حياة هذا المجتمع أو ذاك من موقع المبدع المتميز، الذي بقدر ما تقهره ظروف راهنة فينفصل عنه، أو يجتث منه، بقدر ما يزداد اتصالا به وتواصلا معه وتجذرا فيه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.