كان رأي الروائي السعودي يوسف المحيميد بأن القصة القصيرة يتم إنتاجها في السعودية بنفس مقدار إنتاج الرواية، ولا تواجه أي مشاكل في نشرها، هو الاستثناء الوحيد في الجلسة التي عقدت مساء الأحد ضمن ملتقي القصة القصيرة لمناقشة المشهد القصصي في دول (السودان والعراق ولبنان وسوريا والأردن وفلسطين). أشار الكاتب اللبناني جورج حجي إلي قيامه بعمل استقصاء لاستيضاح أسباب انحسار القصة القصيرة في لبنان قائلا: "بعض الناشرين رأوا أن كتابة القصة القصيرة شأن صعب، وأن الرواية تقدم إغراءات بترجمتها إلي اللغات الأجنبية، بينما قال بعض النقاد والباحثين إن سرعة تأثرنا بالغرب هي ما جعل القصة القصيرة تنحسر عندنا كما انحسرت عندهم". واستعرض الناقد الدكتور فخري صالح المشهد القصصي في الأردن وفلسطين، وأوضح أن البلدين يحملان تداخلا سكانيا وثقافيا يجعله يتحدث عن الدولتين معا، قائلا: "بدأت الهجرة الفلسطينية للدول المتاخمة لها في عامي 1948 و1967، ومنها الأردن مما يجعل كتاب البلدين يسيران في اتجاه واحد، وكان محمد سيف الدين إيراني هو أول قاص يؤسس للكتابة القصصية في فلسطين عام 1937، ومن فلسطين توزع كتاب القصة علي جهات العالم الأربع ومنهم: جبرا إبراهيم جبرا وغسان كنفاني". وأشار صالح للانفجار القصصي الذي حدث في الأردن في فترة السبعينيات علي يد غالب هلسا والفلسطيني محمود الريماوي وغيرهما، كما أكد وجود انفجار قصصي في فترة التسعينيات في كلا البلدين تميز بالتركيز علي التفاصيل اليومية، لكنه عاد ليؤكد حدوث انحسار للقصة القصيرة منذ بداية الألفية الجديدة. وعن سوريا تحدثت الروائية شهلا العجيلي وأكدت أن الإرث القصصي السوري بدأ يتخلق في الثلاثينيات من القرن العشرين، وأن هذا الإرث خلق زخما إبداعيا لكنه في الوقت نفسه -وفي فترات زمنية لاحقة - دفع بالكتاب الجدد للتخلص منه علي طريقة "قتل الأب"، وهو ما قد أفقد هؤلاء الكتاب الرؤية، مشيرة لعدم وجود الأقلام التي ترتكز علي ما أنجزه: زكريا تامر ووليد إخلاصي وغادة السمان وعبد السلام العجيلي وغيرهم. ومن ناحية أخري لاحظت العجيلي افتقار قصص الألفية الثالثة السورية للمضامين التي تهتم بالقضايا العامة، وانتهت العجيلي إلي أن غياب القصة القصيرة في مجتمع ما لهو مؤشر خطير علي تراجع قدرة هذا المجتمع الذهنية وخمولها، مشيرة لقدرة كاتب القصة القصيرة علي التقاط اللحظات الراهنة والمفارقات. ومن جانبها لم تفصل الكاتبة والناشرة العراقية بثينة الناصري بين المشهد الأدبي العراقي والأحداث السياسية التي يمر بها المجتمع وقالت: "أتناول في بحثي المشهد الأدبي منذ الاحتلال البريطاني للعراق في بداية القرن إلي الاحتلال الأمريكي الحالي"، وذكرت أن أول قصة عراقية كتبت عام 1908، وأن الأدباء العراقيين لم يحصلوا علي فرصة لالتقاط الأنفاس، وأكدت ظهور موجات من أدب الاغتراب منذ سبعينيات القرن الماضي. وعلي صعيد القصة السودانية، أكدت القاصة السودانية بثينة خضر مكي ثبات خطي القصة القصيرة السودانية كمثيلتها في الدول العربية والتأثر بالكتاب المصريين كيوسف إدريس وجمال الغيطاني وعبد الحليم عبد الله، وأكدت مكي ما منحته الحروب الأهلية واختلاف الإثنيات السودانية للقصة القصيرة من أبعاد أعمق، وإن لاحظت وجود جنوح نحو الكتابة باللغة العامية بما يخدم هوية كل أقلية، كما لاحظت جنوحاً نحو الكتابة بلغة قاع المدينة والنزوع نحو التجريب والقصة غير الطويلة وكذلك البعد عن الاهتمام بالعالم الخارجي ما عدا القضية الفلسطينية، والرجوع للتراث الشعبي والتأثر بتيار الصحوة الإسلامية.