قمت باستطلاع رأي بعض النساء اللاتي أعرفهن حول هذا الموضوع فقلت لهن هل تعتقدن أن خدمة الزوج واجبة علي زوجته؟؟، جميعهن قلن لي: (نعم، وإلا لماذا يتزوج الرجل المرأة سوي لخدمته)، وقلن: (ربنا فرض علي المرأة طاعة الزوج)، والغريب في الأمر أن جميعهن جامعيات، ويعملن في وظائف معتبرة في مجال التعليم والصحة والإدارات المحلية بل ومنهن طبيبات وصحفيات وغيرها من الوظائف المهمة، وكذلك أزواجهن. وحين أخبرتهن بأن خدمة الزوجة لزوجها ليست بواجبة عليها، وأن ما تقمن به داخل البيت من أعمال ليس مفروضا عليكن، وليس بحق من حقوق الأزواج عليكن، ومن حقكن الامتناع عن تلك الخدمة، رأيتهن ينظرن إلي بتهكم وسخرية، وظنن أن بي مسًا من الجان، أو أن عفريتا من الجن يسكن رأسي، بل جميعهن رفعن أصواتهن بالاعتراض علي ما قلته، وكدن يستفزنني من الأرض ليخرجنني منها، إن قلت لهن هذا، وقالت إحداهن: (كل خدماتنا دي لأزواجنا وياريت عاجبهم، إن أزواجنا بعد كل هذا يشتموننا ويهينونا ويسبون آباءنا وأمهاتنا ويطئون كرامتنا بأحذيتهم، وصابرين علشان خاطر مانعصيش ربنا بامتناعنا عن خدمتهم، وعلشان الأولاد، وعلشان مانخربش بيوتنا، ويا ويلنا لو طلب أحدهم كوبا من الشاي فتأخرت إحدانا عليه قليلا، أو عاد من عمله ووجدني لم أنته من عمل الطعام بعد، فيا ويلنا ثم يا ويلنا. ويجدر بالذكر في هذا الصدد، ودليلا علي مدي تشبع نفوس النساء العربيات بثقافة الجواري والخادمات لدي أزواجهن، ومدي ترسخ تلك الثقافة في أنفسهن، أنني في الأيام الأولي لزواجي، حين كنت أشارك زوجتي في جميع أعمال المنزل، من طبخ وغسل للأواني والملابس، وعمل الشاي والمشروبات، وكثيرا ما كنت أطبخ بمفردي، كانت زوجتي تبدو في حالة من الذهول والاستنكار والاستغراب، لدرجة أنها ظنت أنني أراها مقصرة في واجباتها نحوي، أو أنني لا أحب ما تصنعه لي من طعام، بل قالت لي ذات مرة: (أنت لا تحبني فلو كنت تحبني لتركتني أخدمك)، وكانت كثيرا ما تغضب من صنيعي هذا، وتقول لي: (إنت تقعد زي الباشا وأنا أخدمك بعيني أمال انت متجوزني ليه؟؟)، وكنت كثيرا ما أقول لها ألا تعلمي أن رسول الله (صلي الله عليه وسلم) كان يعد طعامه بنفسه، وكان يرقع ثوبه، ويخصف نعله، ويكون في مهنة أهله، وكان دائما ما يقول (خيركم ..خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي). وفي مرة من المرات كانت زوجتي مريضة بعض الشيء ورأيت كثيرا من الأواني في المطبخ تحتاج إلي غسل، فقمت بارتداء (مريلة) المطبخ لغسل تلك الأواني، فلما سمعت طقطقة الأواني نهضت من فراشها وجاءت إلي المطبخ، فلما رأتني بهذا الشكل، كادت أن تنفطر من الضحك، وأخذت تلومني علي صنيعي هذا، ولم يسبق لي ان أيقظتها يوما من نومها في الصباح قط، فكنت استيقظ من نومي أعد طعام إفطاري وأرتدي ملابسي وأذهب إلي عملي، وكانت تعاتبني بشدة أنني لا أوقظها في الصباح لإعداد طعام الإفطار لي، وكنت أقول لها أنت غير ملزمة ولست مطالبة بخدمتي، وإن صنعتي لي شيئا فهذا فضل منك وتكرم علي، وليس حقا لي عليك، أنت زوجة ولست بخادمة أو جارية، وبمرور الأيام أقنعتها بذلك. قد يظن كثير من الناس أن ما ذكرته فيه مثالية مفرطة ومبالغ فيها، أقول: كلا، ليست مثالية علي الإطلاق، إنما هو الحق والقسط والعدل والإنسانية مع الزوجة، ووضعها في مكانتها الحقيقة، لأنها غير ملزمة بخدمتي، وليس بحق من حقوق الزوجية علي الإطلاق، وإنما هو عرف ظالم جائر غير آدمي تم تكليف الزوجة به ظلما وزورا وعدوانا. (للحديث بقية)