خليط مدهش من التناقضات الاجتماعية في قضية تعدد الزوجات بالنسبة للرجل، وتعدد الزيجات بالنسبة للمرأة، ربما حاول السيناريست «مصطفي محرم» تناولها في أعماله الاجتماعية التي أثارت - ومازالت - جدلاً مجتمعيا، بعد أن رصدها حينا، أو أضاف عليها من إبداعاته.. واللافت أنه لديه وجهة نظر ربما تخالف أعماله كموقفه الرافض لتعدد الزوجات الذي روج له فنياً في «الحاج متولي» وقدم تفسيرات وتأويلات لدي المرأة تجعلها تقبل هذا الوضع. • قديما كان من الممكن أن نلاحظ ظاهرة تعدد الزوجات، هل في رأيك تراجعت الآن؟ - لا أراه تراجعاً، بل لم يعد حالياً يصلح بشكل من الأشكال أن يعيش الرجل عصر «سي السيد» • متي تقبل المرأة أن يتزوج رجلها بأخري؟ - هناك أسباب كثيرة أهمها الاحتياج الشديد للزوج، فهناك نساء لو طلقن لن يجدن مورداً للرزق يوفر لهن حياة كريمة، أحياناً عدم الإنجاب، أحياناً المرض، بل قد تقبل المرأة هذا بدافع الحب بمعني أن المرأة قد تحب رجلاً حباً جارفاً لدرجة أن تلبي كل طلباته، حتي تصل إلي أن ترضي بأن يستمتع رجلها بغيرها بشرط أن يبقي معها. • ألا يعد هذا تنازلا من المرأة عن حقوقها الإنسانية؟ - المرأة لا تريد سوي شيء واحد فقط هو أن يجيد الرجل معاملتها.. المرأة تحب أشعار «نزار قباني» وغناء «كاظم الساهر» الذي يمجد فيها، بأي شروط، فهي تريد فقط أن ترتاح نفسيا.. وأي كلام عن حقوق المرأة وحريتها مجرد «جعجعة بلا طحن» كما يقول شكسبير.. فالمرأة لا تريد سوي أن تعيش في أمان واستقرار وألا تخاف من الغد، وتقبل بأي شروط لو توافر لها هذا، خاصة وهي تواجه إغراءات عديدة يتعرض لها الرجل في كل شيء، من اصطياد نساء أخريات له، ووسائل اتصال تعرضه لإغراءات لا تستطيع أي زوجة أن تتماشي معها، لكن تظل الماديات أيضا تحكم العلاقات بشكل من الأشكال، وهناك نماذج رأيتها بنفسي.. فمثلا موظف كبير بالدولة متفق مع زوجته علي أن يتعرف بأخري - حتي ولو بدون زواج - ليستنزف أموالها.. بل أعرف أحدهم في منصب مرموق متزوج وعلي علاقة بسيدة متزوجة بآخر وحينما يسافر زوجها تكلمه ليلا ليأتي عندها، وتشجعه زوجته أن يذهب إليها لأنها تعلم أنه حينما يعود سيكون محملا بالأموال! وهذا دليل علي أن الوضع الاقتصادي عامل مهم جدا هو الآخر في قبول المرأة لهذا الوضع. • هل تري أن العادات والتقاليد والأمثال الشعبية مثل «ضل راجل ولا ضل حيطة» تجعل المرأة تتنازل وتقبل بأن يتزوج رجلها بأخري؟ - العادات والتقاليد أقوي من أي شيء، حتي إنها أقوي من الدين لأنها مترسخة منذ قديم الأزل، فنحن لدينا عادات وتقاليد من العصر الفرعوني وقبل نزول الأديان ولاتزال إلي الآن موجودة، فهي متوارثة، ولها قوتها حينما تعطي امتيازا لفرد علي الآخر. • صراحة هل أنت من مؤيدي أن يتزوج الرجل بأكثر من واحدة؟ - بالتأكيد لا. • لكنك قدمت نموذج «الحاج متولي» وكأنك تطالب بأن يتزوج الرجل بأكثر من واحدة.. - لا أطالب بتعميم هذه الصورة.. كل ما أقوله أن الرجل الذي تزوج بأربع نساء استطاع أن يعاملهن معاملة لائقة قد لا تجدها سيدة أخري من زوجها المتزوج بها دون سواها. • إذن لماذا تتحمله المرأة في هذه الحالة؟ - مازالت سيطرة الرجل موجودة حتي الآن، خاصة في الطبقات الفقيرة، فالمرأة تصل إلي حد العبودية. بل وتصبح جارية للرجل، يحركها كيفما يشاء، وقد كنت أقطن في منزل به بواب متزوج من ثلاث نساء، وهو لا يفعل شيئاً سوي شرب الحشيش، وكل زوجاته يعملن، والثلاث يحببنه ويتفانين في خدمته بل يسرقن ملابس من أجله... وكل هذا بسبب الحب فحينما يضرب واحدة منهن تأمره بأن يضرب الأخري مثلها! • حتي الآن مازالت الجمعيات النسائية تهاجم نموذج الحاج متولي وتعتبره الأسوأ رغم مرور أكثر من 8 سنوات علي تقديمه! - معظم النساء اللائي قابلتهن في العديد من البرامج التي استضافتني علي مستوي مصر والدول العربية، قلن لي إنهن علي استعداد لأن يتزوج عليهن أزواجهن مثل «الحاج متولي» لكن بشرط أن يعاملن هذه المعاملة الرقيقة التي رأينها في المسلسل.. إذن هذه المعاملة المثالية غير موجودة الآن بين الرجل والمرأة، وكذلك المودة والرحمة.. والهجوم الذي حدث هو نوع من النفاق الاجتماعي والخوف، ولو عملنا استفتاء بين النساء سنجد أن 95% منهن مع «الحاج متولي» فالمرأة تريد المعاملة الجيدة والرقيقة من الرجل، فقد تجد امرأة علي علاقة برجل متزوج، حتي وهي علي علم بأنه لن يتزوجها لكن لمعاملته الرقيقة فقط تستمر معه. • قد لا يجد المجتمع غضاضة في أن يتزوج الرجل بأكثر من واحدة لكنه يستنكر أن تتزوج امرأة بآخر بعد انفصالها عن زوجها أو وفاته.. بم تفسر هذا؟ - استهجان المجتمع أن تتزوج امرأة بآخر يأتي تبعاً للظروف، لكن مادام هناك حق إلهي أو حق شرعي فلا استهجان، كما أنه لا يحدث في كل الطبقات أو الظروف الاجتماعية، وغالباً يكون هذا الاستهجان من أقارب الزوج المتوفي مثلا لكن ليس من باقي المجتمع وحتي إن حدث استنكار من قبل البعض يتراجعون عن هذا لأنهم ببساطة لو طبقوا تصرفها علي أنفسهم سيجدون أنها محقة فالسيدة التي تستنكر من أخري أن تتزوج مرة ثانية ستجدها إن تعرضت لنفس الموقف ستتزوج، فالمسألة يدخل فيها نوع من التناقضات والغيرة. • كثير من النساء يرين أن القانون وحتي الدين مع الرجل أكثر. - كيف هذا والخلع موجود؟ مسألة الخلع تتأخر فقط لدينا بسبب أن نصف النساء يردن ترك أزواجهن وبالتالي المحاكم مكدسة بتلال من الدعاوي لكن لو كان هناك قضاة متوفرون ستنتهي المسائل سريعاً كما أن حالات الطلاق تتزايد ليس بسبب سوء المعاملة وأنانية الرجل لكن لبحث المرأة عن فرص أخري فالمرأة قد تطلق من رجل لكي تتزوج من رجل أفضل وكأنها تتقدم لعدة وظائف وتفاضل بينها وهو أحد الأسباب المهمة كذلك الإحباط أو خيبة أملها في إنسان لم تستمر في علاقتها به، أو رغبتها في الإنجاب أو الرجل ضعيف جنسياً أو مريض فالقانون والدين يكفلان لها أيضاً أن تنفصل عن الرجل في جميع هذه الأحوال. • هل تري أن المرأة تتنازل وتقبل بأن تتزوج برجل متزوج حتي لا تحمل لقب عانس؟ - هذه مشكلة كبري.. فالعنوسة في مصر ارتفعت بنسبة كبيرة حتي إن لقب «عانس» كان يقال علي من تصل لسن 22 منذ 50 عاماً.. الآن تصل المرأة إلي ما فوق الثلاثين ولا تحمل هذا اللقب وهذا بسبب الظروف الاقتصادية والبطالة، وهذا موجود في باقي البلاد العربية الكثيرة عدا الخليج وفي رأيي الزواج بأكثر من امرأة سيقلل نسبة العنوسة والمفروض أن تقبل المرأة في هذه الحالة لأنه يحميها من أشياء كثيرة وهنا ستتنازل خوفاً من أن تتعرض للقيل والقال مثل المطلقة أو الأرملة، خاصة وهي في سن صغيرة، فالمجتمع يراقبهن بنظرة متشككة دائما.. لكن المرأة تستطيع أن تستمتع بوقتها في النهاية. • بمعني؟ - لنتحدث بصراحة..النواحي الأخلاقية مختلفة عن الخمسين عاما الماضية، فالتحرر أصبح أكثر الآن، وكذلك العلاقات غير المشروعة كثيرة وعلي المشاع، بالنسبة للمرأة تحديدا، فالمرأة تستطيع الآن أن تعرف أكثر من 3 رجال دفعة واحدة، وقد تسمع أن امرأة تعيش دون زواج من رجل ولا تجد أي استهجان لهذا، والعذرية ليست مشكلة، وحينما يتزوج رجل بامرأة غير عذراء لا يجد غضاضة في هذا، وتخبره المرأة بشكل طبيعي بأنها كانت متزوجة عرفيا، فالأخلاق الآن لم تصبح بقوتها كما كانت في الماضي. مجتمعنا بأسره متناقض للغاية، وبه صراعات رهيبة جدا، والاقتصاد يلعب دورا كبيرا يحكم الآن كل العلاقات، خاصة ونحن في مصر هناك طبقات فقيرة جدا وأخري غنية جدا، كما أن وسائل الاتصال هي وسائل الإغراء الآن، فالإعلانات عن الرفاهية كثيرة جدا في مجتمع 90% منه تقريبا تحت خط الفقر. • لكن استقلال المرأة المادي وتعليمها يعطيها قوة بألا تقبل بأن يتزوج عليها زوجها بأخري. - المرأة القوية مجرد نموذج لا يمكن تطبيقه علي كل النساء، وحتي المرأة القوية بها جانب ضعيف، فهي ضحية عواطفها.. وحتي لو المرأة قوية فمن الممكن أن تتنازل من أجل الرجل، لكن التنازل هنا وقتي، فالمرأة قد تتظاهر بالضعف والتنازل لوقت، لكنها سرعان ما تنقض علي الرجل، فقد تجد زوجة أن زوجها مصر علي الزواج بأخري، فتقبل لفترة، لكنها قد تقتله لهذا السبب في النهاية. • لم لا تتركه إذن؟ - المرأة لدينا بها أخلاق الرجل الصعيدي حتي لو كانت قاهرية، دمها حامٍ، فلا تترك ثأرها، ومسلسلي «ريا وسكينة» وضح هذا لأنه إسقاط علي الحاضر، فالنساء من الممكن أن يتحولن لقتلة، وذلك نظرا للظروف الاقتصادية الطاحنة، فالحقد الأنثوي والغيرة موجودان مهما بلغت المرأة من ثقافة.