في تقرير خاص لمراسلها في الدورة الثالثة والستين من مهرجان كان السينمائي انتقدت صحيفة «أل موندو» الاسبانية مستوي السينما المقدم في المهرجان هذا العام، الصحيفة دقت أجراس الإنذار ليس فقط لأفلام هوليوود بل لعملاق السينما الهندية أيضا المعروفة ببوليوود فقد أكدت الصحيفة أن الخطوة الطبيعية التالية هي سقوط صناعة السينما فيهما نظرا للمستوي السيئ والصادم المعروض في المهرجان في مقابل عمالقة جدد يقدمون فنا متميزا وهي السينما القادمة من بلاد وصفتها بالثقيلة فنيا مثل الصين وكوريا وسنغافورة واندونيسيا وتايلاند حيث أدخلوا تكنولوجيا الصورة إلي أفلامهم المميزة واستخدامهم حتي لتقنية الثري دي. الصحيفة رصدت في تقريرها مفاجأة جديدة وهي بروز صناعة السينما في نيجيريا الدولة الافريقية ذات نسبة السكان العالية والتي تواجه العديد من المشاكل السياسية والاجتماعية، إلا أنها بدأت تتميز في مجال الانتاج السينمائي بجانب غيرها من الدول الافريقية الأخري التي تشهد ما يشبه يقظة في صناعة السينما وأكبر دليل علي ذلك هو ترشيح فيلم تشادي للفوز بالجائزة الذهبية. كما سلط المهرجان الضوء علي تشاد الممزقة بالحروب حيث كان انجازا كبيرا للمخرج محمد صالح هارون المولود - في العاصمة التشادية نجامينا في عام 1961، لكنه يعيش في فرنسا منذ عام 1982 - أن يصبح أول مخرج تشادي يختار للمشاركة في المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي الدولي وتقع الدولة الافريقية فريسة في براثن حرب أهلية منذ عقود بالإضافة إلي كونها واحدة من أفقر بلدان العالم.. وقال محمد صالح هارون في مؤتمر صحفي للاحتفال بالعرض الأول لفيلمه «رجل صارخ»: هناك توتر كبير في البلاد. وأضاف: عندما تصور فيلما يجب أن تسمو فوق التوترات.. لكنك تضع هذا «التوتر» في الفيلم.. كما أنه يساهم في إعطاء إحساس بالحاجة الملحة لصناعة الفيلم. ويبرز فيلم «رجل صارخ» كأول فيلم من تشاد يتم اختياره للمشاركة في التنافس علي أبرز جوائز المهرجان وهي جائزة «السعفة الذهبية» ويروي الفيلم قصة آدم، الذي يقترب من الستينيات من العمر ويعمل كمراقب في حمام سباحة في أحد الفنادق الفخمة في نجامينا، كما يمثل الفندق جزيرة صغيرة من الهدوء في البلد الممزق بالحرب حيث يحكم المتمردون قبضتهم علي البلاد. كما يرسم هارون لمحة عن الحياة اليومية في البلاد بالحواجز العسكرية علي الطرق وحظر التجول والشعب الذي يجبر علي دفع مساهمة في جهود الحرب ضد المتمردين. ويعتبر الفيلم بمثابة خلفية مناسبة للاضطراب الداخلي الذي بدأ يلتهم آدم حيث أصبح الكشف عن القصة وهدوء حمام السباحة هو ملاذه، وفي نهاية المطاف تضطره الحرب والأوضاع الاقتصادية القاتمة في البلاد إلي مواجهة نفسه وصراعه الداخلي. علي جانب آخر تبدأ المخرجة الكورية الجنوبية ايم سانجسو فيلمها «الخادمة» بمشهد لشابة تستعد للقفز من مبني بوسط مدينة مزدحمة ومشهد الافتتاح في فيلم سانجسو هو في الحقيقة نهاية الرواية التي تبدأ عندما تذهب الشابة للعمل كخادمة في منزل أحد الأثرياء. وقالت المخرجة سانجسو في مؤتمر صحفي بمناسبة العرض الأول للفيلم في مهرجان كان السينمائي الدولي «إن هذا المشهد يعد نذيرا لباقي قصة السيدة التي تنتحر» واضافت قائلة كمشاهد لمثل هذه الأحداث لا يدرك المرء أن هناك قصة كاملة أدت إلي هذا. وترتبط الخادمة التي تؤدي دورها الممثلة الكورية المشهورة جيون دو - يون بعلاقة جنسية مع رب الأسرة الذي تعمل لديه وهو رجل أعمال شاب رفيع المستوي وتحمل الخادمة نتيجة تلك العلاقة، الأمر الذي يفجر سلسلة من الأحداث التي تحول الفيلم إلي واحد من أفلام الاثارة تتخلله ومضات من الكوميديا السوداء والاثارة الجنسية. ويعد فيلم سانجسو إعادة لفيلم يحمل العنوان نفسه أخرجه في الستينيات المخرج كيم كي - يونغ ولكن سانجسو «48 عاما» قالت إن فيلمها مختلف عن الأصلي وأضافت لا يمكنني فعلها مرة أخري لأن الأشياء تغيرت كثيرا.. إنه كان يعكس كوريا في الستينيات وأنا أرغب في أن أعكس رؤيتي للمجتمع الكوري والدولي اليوم، ولكنها أكدت إنها ترغب في الاشارة إلي أن ما أثار اهتمامها هو: هل تغير رد فعل المجتمع تجاه الفضائح الجنسية؟ ويمثل فيلم سانجسو واحدا من كثير من الأفلام لمخرجين آسيويين اختيرت للعرض في مهرجان كان في إطار المسابقة الرسمية وتتضمن تلك الأفلام فيلما لمواطنها لي تشانج دونغ الذي يعود إلي مهرجان كان السينمائي هذا العام بفيلم الدراما المؤثرة «بويتري - شعر» الذي تقوم ببطولته نجمة أفلام الستينيات يون جوينغ - هي في دور سيدة تبحث عن معني الحياة بينما تكافح مرض الزهايمر. ويأتي اختيار فيلمين كوريين للمشاركة في المنافسة علي السعفة الذهبية لمهرجان كان السينمائي الدولي، بينما تتعافي صناعة السينما الكورية ببطء من أزمة أثارتها عمليات الإنتاج المبالغ فيها والميزانيات الهائلة.