أقام الفنان أحمد طوغان معرضا جديدا في القاعة الرئيسية بالأوبرا بعنوان "ذكريات" قدم فيه مجموعة كبيرة من اللوحات التصويرية والكاريكاتيرية المستوحاة من الحارة المصرية، راصدا مشاهد لعادات وتقاليد القرية المصرية، خاصة خلال فترة الأربعينيات حتي بداية خمسينيات من القرن الماضي. طوغان فنان أعماله تحمل هوية ثنائية تشكيلية وصحفية، كما أنه يؤمن بأن فن الكاريكاتير لايقل دوره نبلا عن دور الجنود المحاربين، فخلال رحلة استمرت لأكثر من 60 عاما قضاها في رحاب صاحبة الجلالة انتقد العديد من القضايا والأزمات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تخص كل شرائح المجتمع المصري، كما شغلته هموم المنطقة العربية بأكملها، وبالأخص القضية الفلسطينية، كما قدم عدداً من المؤلفات، من بينها كتاب "قضايا الشعوب"، و"دور الكاريكاتير في القضية الفلسطينية"، وحصد العديد من الجوائز، منها وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولي، وجائزة علي ومصطفي أمين، وجائزة حقوق الإنسان من الأممالمتحدة. عن بداياته مع الفن يقول: بدأت أهتم بالرسوم الكاريكاتير أثناء الحرب العالمية الثانية، فقد استخدم البريطانيون الكاريكاتير كوسيلة لرفع معنويات جنودهم، خاصة بعد أن أدركوا وجود تعاطف من جانب المصريين مع هتلر، فأغرقوا الشارع المصري بالرسوم الكاريكاترية للسخرية منه وتشويه صورته أمام المتعاطفين معه والمعجبين به. وأضاف: أعتبر أن الصداقة القوية بيني وبين القلم والخطوط كانت هي البداية الحقيقية، وقد شغلتني أزمات المجتمع، مثل غلاء الأسعار ومشاكل الصحة والتلوث والانحراف والتدخين، بالإضافة إلي اهتمامي بالقضايا السياسية، وبمرور السنين أخضعت قلمي لآلام الشارع المصري، فالكاريكاتير تلخيص لمعاناة شعب، وتحويل قهره اليومي إلي نكتة ساخرة، لذلك فهو فن الجميع، وأيضا المادة الصحفية المفضلة لجميع القراء بغض النظر عن مستوياتهم الثقافية. وأكمل: مشواري في الصحافة بدأ عندما نصحني صديقي الراحل الكاتب محمود السعدني بأن أتوجه إلي الفنان الكبير رخا، وقال لي: «لو قالك رخا ارسم يبقي ترسم ولو قال لك تبطل يبقي تبطل» فتوجهت إليه في نقابة الصحفيين واستقبلني «رخا» بترحيب وبشاشة لا أستطيع نسيانها حتي اليوم. وابتسم طوغان بعد أن انفتحت بوابات الحنين والذكريات، وقال: العزيزة "روزاليوسف" لها قصص ومفارقات طريفة معي، فقد عملت فيها أواخر الأربعينيات، وحققت انتشاراً وكونت صداقات مع كتابها وفنانيها، وكانت السيدة فاطمة اليوسف أما بمعني الكلمة، ومن المواقف الطريفة بيننا أنني كنت قد رسمت كاريكاتيراً لشخصين يتحدثان، فأعطتني عشرة قروش، فقلت لها : «ده مبلغ قليل»، فقالت لي: «انت راسم اثنين بيتكلموا»، وفي المرة التالية رسمت لها مظاهرة بشرية وذهبت وقلت لها: «حاسبيني بقي علي عدد الأشخاص اللي رسمتهم»، فضحكت وأصبحنا أصدقاء، وبعد أن تركت العمل في الصحف وتفرغت لتسجيل مصر التي أعرفها وشاهدت أحداثها وإنجازاتها، والبداية كانت بهذا المعرض «ذكريات» وهو عن فترة الأربعينيات وبداية الخمسينيات، وسوف أكمل في معارض قادمة من الخمسينيات إلي السيتينيات، وهكذا حتي نصل إلي أحداث اليوم. وعن استخدام التكنولوجيا في مجال الكاريكاتير قال: استخدام الكمبيوتر في رسوم الكاريكاتير مجرد موضة وتجربة تخدم التقنية، ولست ضدها، ولكن الفنان خلالها يفقد العلاقة مع القلم، أيضا لن يلقي نفس القبول عند المتلقي العادي، لأن المتلقي تعود علي الرسوم بالخطوط والألوان البسيطة العميقة المعني، ويعجبني الشباب الجديد ولهم مستقبل، ودخول الفنانات في مجال الكاريكاتير إضافة ودليل علي أن مصر هبة المواهب، ويزعجني أن أجد في الصحافة رسمة مكتوب عليها فكرة رئيس التحرير، لأنه بهذا الأسلوب يفقد الرسام حريته ورؤيته الذاتية للأحداث.