عندما تكون جاهزًا اهرب فان الجري نص الجدعنة والهروب من المعركة - أي معركة - أفضل من اقتحامها والهاربون من المواجهة لهم من التورتة نصيب؟! ، أقول قولي هذا ويحضرني الدليل بل عدة أدلة علي مواقف بل قل معارك كان الهرب من مواجهتها هو الحل الذي يؤجل كل الحلول الممكنة؟!، لقد هرب صاحب العبارة حين غرقت ومعها أكثر من ألف نفس وقبلها هربنا نحن من حل مشكلة سفر آلاف الناس في وقت واحد من وإلي شاطئ البحر الأحمر، ولقد هرب بعد ذلك أصحاب السفن المشبوهة التي تحمل شباب الهاربين من البطالة كي يبتلعهم البحر بلا عودة وقبلها هربنا نحن من علاج مشكلة تشغيل الشباب ومنحهم فرصة معقولة للعمل بين آلاف الأسر التي ينتمون إليها ، ولقد هرب بعض من أصحاب رءوس الأموال الذين ازدادت أرصدتهم نقلا عن أرصدة البنوك الوطنية بلا ضمانات دون إيجاد الحلول العملية المغرية للاستثمار الايجابي في داخل الوطن بدلا من المضاربات والاحتكارات والمكاسب السريعة المشبوهة ، صحيح أن لدينا مشكلة تتعلق بنقل الناس بين ضفتي البحر الأحمر بأعداد كبيرة في مواسم الحج والعمرة وبأسعار في متناول يد الجميع والكل يستفيد والجميع يسترزق من وراء ذلك ، أولها: شركات السياحة الدينية في مصر والسعودية مع الأردن والسودان، ولكن تظل المشكلة قائمة رغم إمكانية الحل بشكل بسيط عندما تقصر المسافة بين الشاطئين لبضع ساعات بدلا من رحلة اليوم الواحد ؟! ، ولكن نحن أولاد العرب مادمنا نفكر ونقرر كل ماهو ضار بالنفس والوقت والمال والصحة والسمعة أيضا ، ماهو العيب في عمل طريق بحري قصير يستغرق ساعات أقل لنقل المسافرين أو عمل طريق بري آمن بين ضفتي البحر ؟!! . هرب المسئولون من مجابهة أسباب الغرق في البحر الأبيض والبحر الأحمر ، الحالة الأولي كانت غرق العبارة التي راح ضحيتها أكثر من ألف شخص في خلال عدة دقائق من مصارعتهم للموت في الماء والظلام وغير ذلك مما شاهدنا مثله في فيلم تيتانيك ، ولقد بلغ السيناريو مبلغا من الحبكة لا يقدر عليها عمنا نجيب محفوظ رحمة الله عليه حيث سافر صاحب العبارة فجأة بل وسرا للعلاج في الخارج ، وأعلن عن عودته فور تمام العلاج ثم اتضح انه ليس مالكا للعبارة ولا مستأجرا لها ولا علاقة له من قريب أو بعيد بالحدوتة ، وبناء عليه حصل علي البراءة من تهمة إزهاق أرواح الراكبين والغارقين والمنتظرين والمستقبلين وجميع عموم الشعب المصري من أبناء الدرجتين الثانية والثالثة وراكبي السطوح فوق كل سفينة !! ، وما زال الرجل هاربا ومعه أسرته في مدينة الضباب. أما الحالة الثانية فهي غرق السفن التي تحمل عشرات المنتحرين من شباب ورجال مصر الذين يصرون علي الهرب عبر البحر إلي الشمال نحو شواطئ ايطاليا واليونان مرورا بجزيرة مالطة أو قبرص علي سبيل الترانزيت هؤلاء الشباب دفع كل منهم عمره وتحويشة عمره بل وربما اقترض من أحد المرابين مبلغا يتجاوز عدة آلاف منحها بكل أريحية لأحد السماسرة - للعلم نحن نعيش في عصر السماسرة والدخول الطفيلية - سمسرها الرجل إلي سمسار آخر مجهول الهوية لديه مركب صيد مشبوهة لها رخصة مضروبة مثل عربات السرفيس ويقودها أحد الحشاشين ممن لفظتهم إدارة التراخيص يقوم كل هؤلاء بحمل البضاعة وهي عدة رءوس من البشر أرخص من رءوس الماعز والخراف إلي عرض البحر وهناك في بقعة مجهولة يتم إفراغ الحمولة كما تفعل عربات القمامة !! المشكلة هي البطالة وتصاحبها مشكلة الاستثمار الآمن لمدخرات الناس كي يتم تشغيلها في مشروعات مضمونة تستوعب العمالة المكثفة وليست مشروعات البطاطس المعبأة في الأكياس للشباب والأطفال وليست مشروعات الجيلاتي المعبأ في ثلاجات ولكن المطلوب مصانع غير قابلة للبيع أو الإغلاق تنتج ما هو محمول من الصين والهند في حاويات كي يباع بأرخص الأثمان ثم نشتكي الإغراق ونحن غارقون في الشكوي والفقر والاستهلاك ؟! . هرب أصحاب رءوس الأموال من الحذر في حالة اكتشاف الملايين التي قاموا بشفطها من البنوك بحجة الاستثمار وتوقفوا عن السداد طوعا أو كرها بعضهم قيل عنه إنه متعثر والبعض الآخر سافر للعلاج وفي جميع الأحوال بقي في الاتحاد الأوروبي مستمتعا بكل ما فيه من مباهج الحياة بعيدا عن السحابة السوداء والأيام السوداء ، هؤلاء الأثرياء لايحتاجون للأكل والعلاج ولا يحتاجون لتزويج أولادهم في حدود المستطاع ولكنهم يحتاجون فقط لشراء عدة آلاف من الأفدنة في صحراء مصر كي يتم تبريدها من الشمس وتقطيعها مثل بطيخ الصيف ثم بيعها لكل من راودته نفسه وساعدته ظروفه علي المشاركة في النهب والسلب والضرب علي جيب الدولة ورجالها الكبار فيلجئون إلي الاقتراض من البنوك عدة ملايين تتجاوز الأربع والخمس بل والست خانات؟! ، وإيه يعني كسور المليار!!؟ ، ثم أما بعد في خلال مرحلة ما بين الشراء من الحكومة والبيع للناس يا فكيك علي مطار القاهرة الدولي ومنه للخارج ولقد طارت الغربان السوداء إلي شمال البحر الأبيض ومعها النقود الخضراء ، ولم يهرب أحد للجنوب حيث دفء حرارة السودان والصومال والحبشة أو سافر الهاربون إلي الهند والصين أو حتي إلي الجزيرة العربية ودول الخليج ولا يتجهون غرب الي ليبيا وتونس والجزائر والمغرب ولكنهم يهاجرون للشمال حيث توجد ذوات الشعر الذهبي والبشرة البيضاء والتساهل في تبادل الثقافات الحرة بين الرجل والمرأة دون حجاب أو نقاب أو حتي دون الملابس العادية !! . عندما تكون جاهزًا اهرب ، خاصة في قضايا الحصول علي أموال خارج الإطار الرسمي أو الشرعي وهي التي يطلق عليها ذوو النفوس المغرضة من الحاقدين والموتورين والمندسين والطغمة المارقة الفاسقة لفظ الرشوة ، وهي في الواقع شيء لزوم الشيء أجر مقابل عمل ، مصاريف تسليك ما يعرف بالمصلحة حيث إن عملية التسليك تحتاج إلي مجهود والي تقنيات متطورة وتنطوي علي اقتصاديات الوقت بدل الضائع في دهاليز الوزارات المتعددة والمختلفة ، كما أنها توازي فرق العملة بين المرتبات وبين العمولات وبين خد وهات من النفقات !! ، وتبدأ المشكلة في مبدأ البحبحة في الوقت والرسوم وعدد التوقيعات ومواعيد الحضور والانصراف مع أزمة المواصلات بين كل الدواوين وبين كل المسئولين ولابد من توزيع المحبة علي الجميع في مظاريف مغلقة أو أدراج مفتوحة أو حسابات سرية المهم هو قضاء الحوائج بالكتمان حتي يختلف اللصان الراشي والمرتشي وبينهما طازج من المال ، لكل هذا فالنصيحة الدائمة هي أنه عندما تكون جاهزًا اهرب ... !!! .