قال رئيس اتحاد الكتاب الكاتب محمد سلماوي: "لقد سجلت بالصوت تفاصيل اللقاء بين الدكتور أحمد زويل والروائي نجيب محفوظ بعد حصول زويل علي جائزة نوبل في العلوم، وسيظهر هذا التسجيل وتسجيلات أخري كثيرة في حينها". وأكد سلماوي علي أن نجيب محفوظ هو أول من تنبأ للدكتور أحمد زويل بالحصول علي الجائزة، وذلك في الاحتفالية التي أقامها مشروع " الجوائز الأوروبية.. الإبداع المصري في الأدب والفنون والسينما والثقافة" بالجامعة الأمريكية، وهو المشروع الممول من الاتحاد الأوروبي، الذي يهدف إلي التعريف بالقامات الأدبية والفنية الحاصلة علي جوائز أوروبية من خلال إقامة الندوات والمعارض والموقع علي شبكة الإنترنت. كما أكد سلماوي علي أن كان محفوظ هو أول من طالب بشكل صريح بضرورة إقامة دولة فلسطينية، في كلمته التي ألقاها سلماوي نيابة عنه عند تسلمه لجائزة نوبل، وقال سلماوي: "تصورت أن القائمين علي الجائزة سيرفضون كلمة الدولة الفلسطينية، وتأهبت لانسحاب الوفد المصري لكنهم لم يعترضوا". وكشف سلماوي أن محفوظ هو من اقترح علي السيدة أم كلثوم إقامة حفل شهري وقال: "كان محفوظ يحب أم كلثوم جدا وكان يرسل لها بعض الرسائل وفي إحدي رسائله دعاها فيها لتقيم حفلة كل شهر، وقد فعلت ذلك بالفعل، وفي احتفال جريدة الأهرام به بمناسبة وصوله لسن الستين قام الكاتب محمد حسنين هيكل بدعوة أم كلثوم لعلمه بحب محفوظ لها، لدرجة تسميته إحدي ابنتيه علي اسمها. وكان من أطرف الوقائع ما حكاه سلماوي قائلا:"يحب محفوظ أن يأخذ قيلولة ولا يحب أن يوقظه أحد مهما كان السبب، وحينما دخلت عليه زوجته قالت له فيما معناه قم يا رجل فقد فزت بنوبل، لكن محفوظ اعتبرها دعابة سخيفة وذكرها بأنه كثير ما شدد علي ألا يوقظه أحد"، وحكي أيضا:"التليفزيون السويدي طلب مقابلة مع محفوظ في أحد الفنادق، ولأن محفوظ لم يكن عنده سيارة حتي وفاته، وكان يفضل المشي، فقد مررنا في طريقنا بعمارة ملاصقة لعمارة محفوظ، حينها هلل البواب بصوت عال فعاد محفوظ وسلم علي الرجل باليد ورد عليه التحية، قلت له لم يكن فيه داعي لأن تعود إليه كان يمكن أن تكتفي بالإشارة تشير بيدك، فقال محفوظ: هما دول اللي أعطوني نوبل، فقد كان يشعر أنه مدين لشعب مصر، وكان متواضعا وتتجسد فيه الشخصية المصرية كالذكاء وروح الدعابة والبساطة". ومن ناحيته قال الناقد الدكتور محمد عبد المطلب: "سيطر علي محفوظ في أواخر العمر نوع من الفقد فقد رحل معظم أصدقائه ولذلك كتب "أحلام فترة النقاهة"، وقد استطاع أن يصور المجتمع في أعماقه لا في ظاهرة من تناقضات في الأحداث والشخوص، كما في روايات "بداية ونهاية" و"اللص والكلاب" وغيرها، ورغم أنه شخص فريد في الثقافة العربية وأهم كاتب عربي وعالمي، ذلك ظل يؤمن أن أهم مقولة في التراث العربي هو أن الشعر ديوان العرب، فكان يسخر من المقولات الجديدة مثل المسلسلات هي ديوان العرب، أو الرواية هي ديوان العرب، وكان يؤمن بأن اللغة العربية هي الأساس، لذلك كتب أعمالا كثيرة لم تحتو علي حوار واحد، حتي لا يضطر لأن يكتبها باللغة العامية". ووصفه عبد المطلب بأنه "شخصية أسطورية" وقال:" تتبعت مسيرة محفوظ الإبداعية الطويلة ففوجئت بأنه استقر في منطقة الشباب ولم يغادرها علي الإطلاق وقد ظل يبدع وهو في هذه المرحلة"، وأضاف: "المكان أهم ركيزة فنية فيما أبدعه محفوظ رغم أن الكثيرين لا ينتبهون لذلك، فقهوة "الكرنك" تحولت في الرواية من مجرد قهوة إلي مكان أثير يصنع من خلاله الحدث كله، وكذلك رواية "أولاد حارتنا" التي تتعدد أبطالها من الناس لكن يظل البطل الأكبر هو ذلك المكان الكبير الذي سكنه الجبلاوي". وتابع عبد المطلب: "كان لمحفوظ ثلاثة مصادر يطل من خلالها علي الدنيا، الإطلالة الأولي هي "بيت القاضي" بالجمالية، ثم إطلالة مقاهيه ك"قشتمر" و"صفية زغلول" و"الأوبرا" و"الكرنك" وغيرها، ثم وظيفته بوزراة الأوقاف ثم عمله في السينما، وهي المصادر التي استمد منها رؤيته للعالم"، وأكد: "محفوظ قرأ كل الآداب العالمية المترجمة، واستطاع أن يكون له شخصيته الخاصة، ودوره في ظهور أجيال روائية جديدة، فكل أديب لم تأت بعده ظواهر أدبية جديدة هو أديب عقيم، والتاريخ عند محفوظ لا يرجع إلي الوراء، فهو يعرض الواقع من خلال إسقاط الماضي عليه، وكان دقيقا في اختياره للأسماء لأنه كان يحملها بدلالات كثيرة، ومن هاجموه لم يعرفوا عظمة هذا الرجل وأكبر هجوم كان عن رواية أولاد حارتنا التي تقول أنه لولا وجود الإله لفسد العالم، ومن لم يفهم هذا، فلم يفهم من الرواية شيئا".