نعم أطفأ الكثيرون منا في مصر الأضواء لمدة ساعة في يوم الأرض بالأمس. ولم نكن وحدنا، بل تشارك الملايين عبر الكرة الأرضية، كل حسب توقيت بلاده من الثامنة والنصف إلي التاسعة والنصف بلا إضاءة كهربائية من أجل الأرض. ولكن هل تكفي ساعة واحدة من 8760 ساعة في العام من أجل الأرض؟ أم ينبغي أن تزيد ساعات احترام الأرض أكثر فأكثر؟ لقد بدأ تنفيذ فكرة (ساعة الأرض) في سيدني باستراليا عام 2007 عندما تشارك 2.2 مليون منزل ومكان عمل في إطفاء الأضواء لمدة ساعة كنوع من لفت النظر إلي تغير مناخ الأرض بسبب الاحتباس الحراري. وبعد عام واحد صارت (ساعة الأرض) حدثا عالميا قام بالاستجابة له 50 مليون نسمة في 35 دولة مشاركة. وكان أبرز ما ظهر في ساعة إطفاء الأنوار هو إظلام معالم شهيرة في تلك الدول المشاركة مثل: برج (CN) في تورنتو، وكوبري (Golden Gate) في سان فرنسيسكو، ومبني(Colosseum) الأثري في روما، و(Harbour Bridge) في سيدني. وفي مارس 2009 ازدادت أعداد المشاركين في (ساعة الأرض) بشكل كبير جدا جدا، إذ بلغت الدول المشاركة 88 دولة من بينها مصر، وظهرت الأماكن المظلمة لمدة ساعة في 4000 مدينة حول العالم. كما نشرت الصور الرائعة التي يحمل فيها المشاركون الشموع بأشكال جميلة تعبيرا عن اهتمامهم بالأرض، الوطن الأكبر للبشر جميعا. وصارت هذه التظاهرة العالمية هي أكبر حدث مرتبط بالوعي المناخي حول العالم. وتقرر هذا العام أن تكون ساعة الأرض يوم السبت السابع والعشرين من مارس وسط توقعات عالمية بزيادة المشاركين في هذا الحدث ليس علي مستوي الأفراد فحسب، بل علي مستوي الشركات والأعمال الكبيرة. إذ إن عدد المشاركين من الدول قد بلغ أثناء التسجيل 121 دولة، وقد تقرر إطفاء الأنوار في المعالم الأرضية السياحية الكبري، والتي بلغ عددها المسجل 812 معلما شهيرا منها أهرامات الجيزة وأبراج دبي. وهناك عدة ملاحظات طريفة حول الأرض والاحتفال بها منها: أن أشد ما يثير الدهشة والإعجاب في آن واحد هو ارتباط الاحتفالات جميعها بالضوء وزيادته والمبالغة في استخدامه، أما هذا الاحتفال بالأرض فهو الاحتفال الوحيد الذي تطفأ فيه الأضواء ويكتفي بأقل القليل منها كضوء الشموع. وكأنه احتفال جلل يدعو للتأمل في هدوء دون بريق ولا صخب ليدعو العالم كله للتفكير في مستقبل هذا الوطن الواحد الذي نسكنه جميعا. والتفكير في الأرض والتأمل فيها يذكرني باستخدام كلمة (الأرض) في اللغة العربية. وكيف أننا لا نعرف غيرها للتعبير عن عدة معان: الكرة الأرضية، وسطح الأرض، وأرضية المكان الذي نوجد فيه. فإذا سقط شيء منا، فقد سقط علي (الأرض). لدرجة أننا عندما نتحدث عن القمر وعن انعدام الجاذبية، نقول: (ولا تسقط الأشياء هناك علي الأرض)! الأرض هي الوطن البشري الواحد، والمأوي الإنساني الذي لم تعرف البشرية غيره حتي الآن. وخطورة تغير مناخه لا تخفي علي أحد، وفشل قمم المناخ معروف لدي الجميع، وقطعا ساعة واحدة لا تكفي لاحترام هذا الوطن الذي أرهقناه.