كما كان متوقعًا سوف تبدأ قريبًا المفاوضات غير المباشرة عن قرب بين الفلسطينيين والإسرائيليين بوساطة أمريكية، وذلك بعد أن وافقت لجنة متابعة المبادرة العربية علي ذلك بكامل أعضائها باستثناء سوريا. سوف يأتي ميتشل قريباً إلي المنطقة ليتولي هو وطاقمه الوساطة في هذه المفاوضات.. والأغلب أنه سوف يبدأ بموضوع الحدود.. وهو يطرح في جعبته أفكارًا أمريكية في هذا الصدد، لكنه كما أعلن أكثر من مسئول في الإدارة الأمريكية سوف يلتزم الوسيط الأمريكي الآن نقل الرؤي والأفكار والمواقف بين طرفي التفاوض في محاولة للتقريب بينهما، ولن يبادر بطرح الأفكار الأمريكية. ويدخل الإسرائيليون هذه المفاوضات بمواقف جديدة من شأنها نسف هذه المفاوضات لتنتهي بالفشل.. فهم يرفضون الاعتراف بحدود 1967، ويصرون علي الاحتفاظ بكل المستوطنات الكبيرة والصغيرة وضمها إلي إسرائيل، ويتمسكون بالقدسالشرقية جزءًا من قدس موحدة تكون عاصمة لهم، وأخيرًا يريدون أن يتواجدوا عسكريا في منطقة غور الأردن ليكونوا حاجزًا بين الفلسطينيين والأردن.. أي أنهم يريدونها دولة فلسطينية متقطعة الأوصال وغير قابلة للحياة وتحت الحصار الدائم لهم.. وبالطبع كل ذلك يرفضه الفلسطينيون كما يرفضه العرب. ولذلك.. فإن احتمالات فشل المفاوضات غير المباشرة أكبر من احتمالات نجاحها.. بل لعل احتمالات الفشل هي الوحيدة لهذه المفاوضات.. وهذا ما اتفق عليه كل أعضاء لجنة متابعة المبادرة العربية حتي وهم يوافقون علي هذه المفاوضات غير المباشرة.. فهم وافقوا ليتفادوا صداما مع الولاياتالمتحدة، وليمنحوها -كما قال الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسي- فرصة أخيرة، ولذلك حددوا سقفًا زمنيا لهذه المفاوضات لا يتجاوز الأربعة أشهر. وإذا كان هذا هو المتوقع، فالمفروض أن يتهيأ العرب لما بعد انقضاء فترة الأربعة أشهر هذه.. يجب أن يكون معروفًا ومنذ الآن ماذا سيفعل العرب والفلسطينيون إذا ما انقضت مفاوضات الشهور الأربعة ولم تسفر عن شيء وانتهت بالفشل؟ لقد قال الأمين العام للجامعة العربية إن ثمة أفكاراً مطروحة في هذا الصدد من بينها الذهاب إلي مجلس الأمن لطرح الأمر عليه.. ولكن يتعين أن نتفق علي ماذا سوف نطرحه تفصيلاً علي مجلس الأمن.. هل سنطرح عليه الاعتراف بدولة فلسطينية تقام علي حدود 1967 وتكون عاصمتها القدس.. أم سنطرح عليه ما انتهت إليه مفاوضات الفلسطينيين مع الإسرائيليين في عهد حكومة أولمرت التي رفضت حكومة نتانياهو الالتزام بها.. أم سنطرح عليه برنامجًا واضحًا لإقامة الدولة الفلسطينية ونطلب منه أن يستخدم صلاحياته في ضوء قراراته السابقة لتنفيذها؟ يتعين أن نتفق أولاً نحن العرب علي أفكار واحدة وواضحة وعملية نطلب من مجلس الأمن تأييدها.. ولعل هذا ما يجب أن تنشغل به القمة العربية التي ستعقد في ليبيا هذا الشهر. ثم يجب أن نكون مستعدين أيضًا إذا ما خذلنا مجلس الأمن، وهو أمر غير مستبعد، ونعرف مسبقًا ماذا سنفعل وقتها.. هل سنلجأ إلي الجمعية العامة.. أم أننا في مقدورنا أن نفعل أمورًا أخري مع اللجوء إلي الجمعية العامة؟