نجحت مصر في تمهيد الساحة السياسية نحو بدء مفاوضات سياسية غير مباشرة بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي برعاية أمريكية0 أيدت مصر الموقف الفلسطيني فيما يتعلق باستئناف المفاوضات غير المباشرة, طبقا للطلب الفلسطيني. حيث إن هناك شكوكا فلسطينية حول نوايا نيتانياهو وبالتالي, تكون المباحثات غير المباشرة فترة اختبار لجدية الموقف الاسرائيلي كما يري الجانب الفلسطيني في المفاوضات غير المباشرة أهمية خاصة لأنها تسمح بوجود طرف ثالث يناقش الجانب الاسرائيلي في كل ما يطرحه قبل أن ينقله إلي الفلسطينيين وتبدأ المفاوضات في ظل توتر علاقة الولاياتالمتحدة مع اسرائيل من الناحية السياسية, حيث تفصل الادارة الامريكية بين ما هو عسكري وما هو سياسي, وذلك حفاظا علي أمن اسرائيل. وقد طلب أوباما من الكونجرس الامريكي تخصيص200 مليون دولار لنصب منظومة اسرائيلية مضادة للصواريخ لحمايتها من احتمال تعرضها لهجمات يشنها حزب الله أو حركة حماس وتبدأ المفاوضات في ظل دعم عربي ومصري للجانب الفلسطيني, ويتفق الموقف الأمريكي والعربي والمصري علي أن هذه المفاوضات التي ستستغرق4 أشهر, يجب أن تعالج, من حيث المبدأ, كل القضايا الجوهرية مع التركيز علي الحدود والترتيبات الامنية. وحول آلية المفاوضات, تجدر الاشارة إلي ما يلي: تم تشكيل3 أطقم للمفاوضات كالآتي: طاقم أمريكي برئاسة جورج ميتشل, طاقم اسرائيلي برئاسة بنيامين نيتانياهو, طاقم فلسطيني برئاسة أبو مازن. سينتقل ميتشل بين الجانبين( نيتانياهو وأبو مازن) ويتفاوض مع كل جانب علي حدة حتي يتوصل إلي مفاهيم مشتركة وفي نهاية الشهور الأربعة التي وافقت الجامعة العربية ولجنة المتابعة للمبادرة العربية علي اجراء محادثات غير مباشرة خلالها, إذا توصل ميتشل إلي مجموعة من المفاهيم المشتركة يمكن الانتقال إلي المباحثات المباشرة. انطلقت المفاوضات غير المباشرة يوم5 مايو الحالي, وهو اليوم الذي أقرت فيه منظمة التحرير الفلسطينية بدء المفاوضات, وأعلن جورج ميتشل بدء هذه المفاوضات بالفعل. ومن المقرر أن تبدأ الجولة الثانية من المفاوضات في منتصف الأسبوع الحالي, يوم الثلاثاء18 مايو وسيعود ميتشل إلي المنطقة لبدء جولة طويلة من المفاوضات غير المباشرة بين الجانبين وهناك مجموعة من المباديء التي تحكم مواقف الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي: وتتمثل مجموعة المباديء التي تحكم الموقف الفلسطيني في أن يكون الانسحاب الاسرائيلي شاملا وكاملا الي خطوط4 يونيو1967, اذا كانت هناك ضرورة لتبادل أراض بين فلسطين وإسرائيل, يجب أن يكون ذلك في أضيق نطاق وبالقيمة والمثل, والانسحاب الكامل والتام من الضفة الغربية مع إمكانية وجود قوات دولية علي الحدود لضمان حماية أراضي الدولة الفلسطينية من أي اعتداءات اسرائيلية, مع ايجاد حل عادل لمشكلة اللاجئين باتفاق الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي علي أساس القرار194, وأن القدس الشريف الشرقية هي عاصمة الدولة الفلسطينية. أما مجموعة المباديء التي تحكم الموقف الاسرائيلي فهي: عدم العودة الي حدود1967, وعدم قبول حق العودة والقرار رقم194, القدس الموحدة هي العاصمة الأبدية لدولة إسرائيل, وعدم تفكيك الكتل الاستيطانية الرئيسية, وجود قوات اسرائيلية علي غور الأردن بعد الانسحاب من الضفة الغربية, واقتطاع مساحة من الضفة الغربية لم تحدد حتي الآن لاعتبارات أمنية. وقد يبدو الأمر خطيرا نتيجة تعارض الموقفين, ولكن هذه هي طبيعة المفاوضات التي يدخلها الطرف الاسرائيلي بأقصي موقف متشدد, خاصة حكومة نيتانياهو اليمينية المتطرفة, ولكن من المهم التمسك بالحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني وعدم الاهتمام بالمواقف الاسرائيلية وخطوطها الحمراء, فتتذكر ما قاله موشيه ديان ان شرم الشيخ أهم من معاهدة سلام مع مصر بدون شرم الشيخ. كما نتذكر قول مناحيم بيجن تقطع يدي ولا أوقع علي معاهدة سلام تخلي المستوطنات في سيناء. فأين مستوطنات سيناء؟ وهل قطع يده؟ وعموما, فإن أمامنا4 أشهر كافية للحكم علي جدية الموقف الاسرائيلي والحكم علي مدي قدرة واشنطن علي فرض الحلول الواقعية, وتتمثل إحدي مزايا موقف الادارة الأمريكية في هذه المفاوضات في تأكيدها أن دورها هو محكمarbitrator وليس وسيطاmediator وعلينا المتابعة وتدعيم موقف الرئيس أبو مازن.