في ختام هذه السلسلة التي أكتبها علي هامش الدورة السابعة لمنتدي الإسكندرية للإصلاح العربي الذي تقيمه وترعاه مكتبة الإسكندرية أجد نفسي أمام تقرير واقع وسؤال ينبغي الإجابة عنه. الواقع يقول إن مكتبة الإسكندرية وبفضل مديرها الدكتور إسماعيل سراج الدين تحمل مشعل التنوير والإصلاح ليس في مصر فقط وإنما في العالم العربي بكامله، من منطلق إدراك سراج الدين للأهمية التنويرية وتجاوز دور هذا الصرح الثقافي من مجرد مكان للكتب إلي خلق حالة عامة ساعية إلي تحديث المجتمعات العربية عبر آليات متعددة. لكن السؤال الذي يلي ذلك هو: ماذا بعد سبع سنوات من الانعقاد السنوي لمنتدي الإسكندرية للإصلاح؟.. خاصة أن وثيقة الإسكندرية التي صدرت في العام الأول لهذا المنتدي شخصت الواقع العربي تشخيصا دقيقا، ووضعت الحلول اللازمة للانتقال من مرحلة الإصلاح بالكلام إلي الإصلاح بالفعل والحركة. وفي تصوري كما قلت قبل يومين أنه آن الأوان لتغيير حركية المنتدي بحيث يصبح شبيها من حيث الشكل بمنتدي دافوس، ليس بمعناه الاقتصادي، وإنما في أن تلتقي بداخله جميع الجهات المعنية بالإصلاح، وهي الحكومات والمفكرون وممثلو المجتمع المدني ورجال الأعمال، ولا مانع حتي من تنقل المنتدي سنويا بين العواصم العربية، لأن مثل هذه الحركة من شأنها نقل الاهتمام بالإصلاح إلي المجتمعات العربية كافة. لقد تحول منتدي دافوس في سنوات قليلة إلي أهم آلية لصناعة القرارات الاقتصادية والسياسية في العالم، عبر نشر الأفكار المختلفة، والعمل علي ترويجها بين دول العالم، بمشاركة كل الأضلاع الفاعلة في الحركة السياسية والاقتصادية والمجتمعية في العالم، لدرجة أن البعض يري المؤتمر كأنه مجلس إدارة العالم الذي يجري فيه التخطيط لمستقبل البشرية. وفي منتدي الإصلاح هذه الدورة جرت مناقشة ثلاثة محاور، الأول سياسي عن الوضع العربي وعلاقاته بالتغييرات التي تحدث في العالم، وأعتقد أن هذا المحور كان يمكن له أن يكون أكثر فاعلية لو شارك فيه سياسيون عرب من مختلف الأقطار ليتحاوروا مع النخبة العربية في حالة الوضع العربي الراهن. أما المحور الثاني الذي تعلق بالتغييرات المناخية وتأثيرها علي العالم العربي فكان بحاجة إلي مشاركة واسعة من صناع القرار والمجتمع المدني، لأنه بدون هذين الضلعين تبقي موضوعات المناخ حتي اللحظة الراهنة موضوعا علميا نخبويا أكثر مما هو موضوع اقتصادي واجتماعي لأنه سيؤثر بلا شك علي حياة السكان في معظم أنحاء العالم وستعاني منه الدول العربية الشمال أفريقية بشكل كبير. ولا أتصور مثلا أن يجري الحديث عن التكامل الاقتصادي العربي، بينما رجال الأعمال المفترض بهم أن يتحملوا ثلثي هذه العلاقات غير موجودين، ولا يستمع إلي تجاربهم، حتي ولوحضر وتحدث الدكتور أحمد جويلي المسئول الأول عن العلاقات الاقتصادية العربية. منتدي الإسكندرية للإصلاح مسيرة ناجحة أطلقتها مكتبة الإسكندرية ورعتها طوال سبع سنوات لكنها يجب أن تتوسع ويكبر المنتدي ليلعب دورا أكبر من مجرد التفكير النخبوي واقتراح الحلول.. وإلا سنظل كل عام نعيد ونكرر نفس المشاكل.. ونقترح ذات الحلول.